مستقبل القدس... في مفترق الطرق د.أحمد يوسف القرعي كان الأمل عند الأمة العربية والإسلامية أن تتبوأ قضية القدس مكانة أسمي بعد القمتين الإسلامية( داكار:13 14 مارس) والعربية( دمشق:29 30 مارس) باعتبار قضية القدس هي الأكثر تعقيدا علي أجندة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المجمدة, فالواقع أن القدس لم تحظ بما تستحق من قمتي داكار ودمشق, بينما الحكومة الاسرائيلية قد أسرعت الخطي في الشهور الأخيرة علي طريق استكمال مخطط التهويد الكامل للمدينة المقدسة في إطار ترسيم حدود إسرائيل الكبري وعاصمتها( لاقدر الله) القدس الكبري أيضا, وذلك قبل14 مايو المقبل عندما تشرع اسرائيل في الاحتفال بمرور60 عاما علي قيامها عام1948. ويود أولمرت ألا يعكر أجواء هذا الاحتفال التاريخي بالجلوس علي مائدة المفاوضات قبل14 مايو, وسوف يظل يماطل ويتهرب ويؤجل طرح القدس علي مائدة أي لقاء أو اجتماع أو مفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وفي سياق هذا المخطط الاسرائيلي يتوقع أولمرت أن يواكب احتفالية14 مايو وبعدها موسم المزايدة الانتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولاياتالمتحدة لمصلحة اسرائيل كدولة حليفة للولايات المتحدة بصفة عامة ولمصلحة تهويد مدينة القدس كلية بصفة خاصة بالمطالبة بأن تكون القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل تحقيقا للقانون الذي أصدره الكونجرس الأمريكي في منتصف التسعينيات بهذا الشأن. وليس أدل علي بدء موسم المزايدة الأمريكية مبكرا من مبادرة السيناتور جون ماكين المرشح الفائز عن الحزب الجمهوري للانتخابات الأمريكية بزيارة اسرائيل في مارس الماضي واعلانه القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل. هكذا يخطط أولمرت سيناريو تهويد القدس كلية وفي إطار اسرائيل الكبري برغم كونه( أي أولمرت) يعد أضعف رؤساء الحكومات منذ عام1948 في إدارة شئون اسرائيل, فهو رئيس الوزراء الرابع عشر الذي تولي السلطة مصادفة بعد إصابة شارون بغيبوبة في أوائل عام2006, ومع ذلك فإن أولمرت يحاول تتويج فترة رئاسته حتي عام2010 باستكمال مخطط تهويد المدينة المقدسة نظرا لكون القدس والاستيطان محط اجماع اسرائيل ونظرا لأن أولمرت يتبني منذ عام1994( عندما كان رئيسا لبلدية القدس) يهودية القدس ويعمل من أجلها ونشر عن هذا المخطط للمرة الأولي عام2000 ويستهدف أن تكون القدس أحادية القومية, بمعني أغلبية يهودية وأقلية عربية وتكون عاصمة اسرائيل الأبدية, بالاضافة الي مواصلة عملية التهويد والتطهير العرقي للبلدة القديمة ودفع عملية استكمال الاستيطان بتخصيص المزيد من مليارات الدولارات. ومخطط أولمرت المستقبلي يستهدف ضم الكتل الاستيطانية خارج حدود بلدة القدس الي داخلها في البداية, يتبعها عملية الضم, وخاصة في مستعمرة معاليه أدوميم التي تلتف حتي غور الأردن وهدفها الاستراتيجي كبير جدا وهو فصل الضفة عن جنوبها ويعمل أولمرت علي تحقيق هذا المخطط عبر مرحلتين: عن طريق جدار الضم التوسعي بإحاطة واخراج تجمعات سكانية فلسطينية خارج حدود بلدية القدس المصطنعة واخراج أكثر من215 ألف فلسطيني خارج حدود البلدية من حملة الهوية الصهيونية وعندئذ سيكونون عرضة لسحب الهويات الخاصة. ويندرج مثل هذا المخطط في إعادة إحياء مشروع شارع الطوق الذي سيضم المستوطنات الجنوبية الغربية, والجنوبية الشرقية, والشمالية الغربية, وكل ذلك بهدف واحد هو عزل مدينة القدس بشكل عام عن محيطها العربي. ويوضح الخبير المقدسي المعروف( خليل التفكجي) مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق والذي يتابع مخطط التهويد خطوة خطوة( بالوقائع والمستندات والأرقام) أن هذا المخطط هدفه تقسيم الضفة الغربية الي معازل يتم فصلها عن بعضها, وكما تم عزل القدس وغور الاردن فإنه يتم حاليا العمل علي تنفيذ بقية المعازل. كما يكشف الخبير المقدسي( خليل التفكجي) مخطط الاستيطان في القدس منذ احتلالها في7 يونيو1967 ولم يكن هناك يهودي واحد داخل المدينة آنذاك بينما يوجد191 الف مستوطن يهودي علي أرضها حاليا. وكذا لم يكن هناك مستوطن واحد في سلوان وحتي عام1992, أما الآن فيصل عدد البؤر الاستيطانية فيها إلي25 بؤرة استيطانية. ويأتي هذا في سياق المخطط الاستيطاني العام لمدينة القدس والقري العربية المحيطة بها, كما تجري عمليات حفر وشق أنفاق وطرقات لربط الأحياء الاستيطانية في المدينة مع بعضها بعضا من أجل إحكام السيطرة عليها وإخراجها من أية مفاوضات مستقبلية. هذا واقع ما يجري علي أرض القدس خاصة والضفة الغربية بصفة عامة, ومن حق الجيل العربي الاسلامي المعاصر أن يعي خطورة ما يجري عندما نعلم ان الجناح اليميني في حزب كاديما الحاكم يمارس مع الاحزاب اليمينية الأخري ضغوطا علي أولمرت لمنعه من الموافقة علي تقسيم القدس في أية مفاوضات مقبلة. عن صحيفة الاهرام المصرية 3/4/2008