«بحوث الصحراء» يطلق قافلة بيطرية مجانية لخدمة المربين في مطروح    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    باللغة الفارسية، شيخ الأزهر يُدين العدوان الإسرائيلي على إيران    الرئيس الروسي: مجموعة ال "بريكس" تنتج نحو 40% من الناتج الإجمالي العالمي    حقيقة رحيل المغربي صلاح مصدق عن الزمالك    آرسنال يضع اللمسات الأخيرة على صفقة نجم سوسيداد    فوت ميركاتو: اتحاد جدة يبدي رغبته في التعاقد مع بوجبا    العثور على سلحفاة بحرية بأحد شواطئ الإسكندرية (صور)    إيرادات الخميس.. "المشروع X" الأول و"في عز الضهر" بالمركز الثالث    هجوم صاروخى إيرانى واسع النطاق يستهدف العمق الإسرائيلى    ابتلعه منذ سنتين، استخراج هاتف محمول من معدة مريض بمستشفى الأزهر بأسيوط (صور)    «زوجتي بطلة وابني ألغى حفل زفافه».. تصريحات نتنياهو تثير غضب الإسرائيليين    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    بالأسماء.. إصابة 18 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق ديروط الفرافرة أسيوط    مبابي خارج موقعة ريال مدريد ضد باتشوكا في كأس العالم للأندية    «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة إدارة الأزمات والتدخلات العاجلة    شيرين رضا: جمالي نعمة حذرني منها والديّ    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    إزالة مزارع سمكية مخالفة بجنوب بورسعيد على مساحة 141 فدانا    جولة تفقدية لإدارة الطب العلاجي بالمنوفية داخل مجمع مستشفيات أشمون    عرض "سترة" بمهرجان الفرق المسرحية مساء اليوم    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    رسميًا.. برشلونة يعلن التعاقد مع خوان جارسيا لمدة 6 سنوات    إصابة 18 شخصا إثر انقلاب سيارة ميكروباص على طريق ديروط الفرافرة بأسيوط    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    بالاسم ورقم الجلوس... موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بكفر الشيخ    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    أفضل طرق الحفاظ على تكييف سيارتك في الصيف    مصر تتدخل بتحرك عاجل لوقف الحرب بين إيران وإسرائيل    قصف إسرائيلى يستهدف المنطقة الصناعية فى "رشت" شمال إيران    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    أحدث ظهور ل مي عزالدين.. والجمهور يغازلها (صورة)    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    حريق في سيارة نقل محملة بمواد كحولية بالشرقية    "القابضة لمياه الشرب" تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية    "التنمية المحلية × أسبوع" رصد أنشطة الوزارة خلال 13–19 يونيو 2025    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    البوري ب130 جنيه... أسعار الأسماك في أسواق كفر الشيخ    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ستوافق إسرائيل على التهدئة؟ / د. عبد المجيد سويلم
نشر في محيط يوم 13 - 03 - 2008


هل ستوافق إسرائيل على التهدئة؟
د. عبد المجيد سويلم
لعلكم لا تتوقعون (طبعاً) أن تكون الإجابة نعم أو لا، ولعلكم لا تستحسنون صيغة "اللعم" التي لا تفي بالغرض في بعض استعمالاتها الشائعة، ومع ذلك لا مفر من الاجابة عن السؤال بالصيغة التالية: نعم ستوافق إذا، أو لن توافق إلا.
يذهب بعض المحللين - وخصوصاً الاجانب منهم وكذلك بعض المحللين الاسرائيليين وبعض المهتمين بهذا الشأن ومن ضمنهم المهتمون من أوساطنا - الى ان التوقف عن اطلاق (الصواريخ) بصورة نهائية وتامة يصلح كأرضية للتوصل الى نوع من التهدئة او الى ما يمكن اعتباره هدنة او هو بمثابة ذلك. ليس بمستطاعنا طبعاً ألا نوافق على ذلك من حيث المبدأ، على الاقل من زاوية صعوبة وربما استحالة موافقة اسرائيل على اي نوع من انواع التهدئة او الهدنة دون التوقف التام عن اطلاق الصواريخ.
ولكن اسرائيل لن "تكتفي" بهذا فقط - على اهميته - بالنظر لمجمل الضغوط التي تتعرض لها الحكومة الاسرائيلية على مستوى الشارع عموماً وعلى مستوى التجاذبات والاستقطابات السياسية الداخلية على وجه الخصوص والتحديد، ذلك أن مثل هذا التوقف إن حصل لن "يحل" المشكلة الحقيقية التي تمثلها ظاهرة الصواريخ من زاوية ارتباط هذه الظاهرة بالبنية العسكرية المرشحة للتطور والتعاظم في قطاع غزة، ومن زاوية ما يمكن ان تشكله من "خطر" استراتيجي على الصعيد الأمني بالنسبة لإسرائيل.
فعندما تتخذ الاوساط الأمنية والعسكرية الاسرائيلية قراراً بوزن الهدنة والتهدئة فإن هذا القرار يخضع اولاً وأخيراً لمعيار الرؤية الاستراتيجية وليس لمعيار اللحظة السياسية او الميزان الحزبي والجماهيري فقط. ومن هذه الزاوية بالذات وعلى وجه الدقة والتحديد سيعتبر الاسرائيليون ان اي اتفاق للتهدئة او الهدنة هو اتفاق "مهم" و"ضروري" بقدر ما "يضمن" لهم عدم تحول قطاع غزة الى "اقليم" قادر على تهديد الجنوب الاسرائيلي بما ينطوي عليه هذا الجنوب من اهمية عسكرية واقتصادية وسكانية حيث يعتبر النقب بكل قطاعاته مجالاً حيوياً مباشراً لمنطقة الوسط ومنطقة الشمال في اسرائيل.
اسرائيل "لا تستطيع" وفق هذا المنظور ان توافق على أية تهدئة الا اذا بقي قطاع غزة رهينة على المستوى الاقتصادي وبحيث تتحكم اسرائيل بنقاط العبور والممرات منه وإليه وبحيث يظل في وسائل عيشه الرئيسة مرتبطاً بالاعتبارات الأمنية الاسرائيلية، أو الا اذا تحول الى منطقة خالية او "نظيفة" من الوسائل التي يمكن ان تتحول الى تهديد عسكري، او الا اذا عُهد الى جهة اخرى تولي مسؤولية الأمن فيها سواء أكانت هذه الجهة محلية أم عربية أم اقليمية أم حتى دولية، وسيظل المهم من وجهة النظر الاسرائيلية هو منع تحول القطاع الى منطقة تملك وسائل التهديد العسكري الجاد.
لهذا بالذات فإن الطموح الاسرائىلي الحقيقي هو ابقاء قطاع غزة تحت رحمة اسرائيل المباشرة على المستوى المعيشي ومحاولة تدمير البنية العسكرية والأمنية الفلسطينية فيها ومنع هذه البنية من التطور الى مستويات جديدة، وهي تطمح الى ان يكون الدور المصري هنا هو الدور المكمل للاستراتيجية الاسرائيلية والمساعد لها، وإلقاء ما يمكن القاؤه من مسؤولية انسانية على الجانب المصري الشقيق.
اذا تعذر ذلك فإن اسرائيل سترغم على الدخول الى قطاع غزة دون احتلاله كاملاً من أجل "التأكد" من عدم فعالية البنية العسكرية والأمنية الفلسطينية فيها، وستحاول قتل واعتقال المستويات السياسية والعسكرية والأمنية التي تعمل على بناء قاعدة وبنية لمقاومة طويلة الأمد او لبنية تحقق هدنة او توازناً ما ولا تلغي البنية العسكرية الفلسطينية ولا تمنعها من التطور "المطلوب".
وما تطمح اليه اسرائيل وتعمل من اجل تحقيقه هو اغلاق كافة منافذ التسلح وقطع كل الشرايين المالية التي تصب في هذا الاتجاه والإبقاء على حالة الحصار وتشديدها على هذا الجانب بالذات، بحيث يتم موضوعياً ربط الخناق والحصار في ذهن المواطن الفلسطيني بالسعي من قبل الجانب الفلسطيني للتسلح او تطوير البنية العسكرية بعد أن تكون اسرائيل قد "أحكمت" الربط بين العمليات العسكرية في قطاع غزة واطلاق الصواريخ منها.
في ضوء ذلك كله فإن الحديث عن التهدئة او الهدنة ليس اكثر من حديث عن حالة مؤقتة وعن مرحلة انتقالية وعن استراحة صغيرة تشبه الاستراحة الإعلانية، وهي استراحة تهدف اسرائيل من خلالها الى "اكتشاف" مدى "الإنهاك" الذي وصلت اليه حالة المقاومة وحالة الصواريخ في هذه المرحلة من أجل التحضير للمرحلة المقبلة والتي سيكون عنوانها مصادر التسلح وموارد التطوير العسكري والبنية الأمنية الخاصة بذلك لكي تلحقها مراحل جديدة تتصل بقتل المستويات السياسية التي تقف بصورة مباشرة وتدعم بشكل واضح وجلي التوجه نحو بناء بنية عسكرية وأمنية صلبة في القطاع.
وفي هذه الأثناء ستدرس اسرائيل مدى جاهزية الجيش للمراحل المقبلة ومدى تأثير ذلك وترابط ذلك مع أية معارك اخرى على مستوى الاقليم ومدى تأثير "جبهة قطاع غزة" على الخطط الاسرائيلية وعلى التوجهات الاسرائيلية لاحتمالات الحرب الإقليمية او للحرب في أقاليم اخرى.
وفي هذه الاثناء ايضاً ربما ان اسرائيل معنية بإطلاق سراح جنديها المعتقل لدى حركة حماس وربما انها معنية بإيهام حركة حماس أن هدنة او تهدئة ما ربما ستعزز نزعة الاعتدال لدى بعض اوساطها (اوساط حركة حماس) للقبول لاحقاً بالاشتراطات الاسرائيلية.
ان اسرائيل لن تقبل بالتعامل مع قطاع غزة بأقل من "حريتها" التي تتعامل بها مع الضفة الغربية وهي ترى في كل تهدئة او هدنة او وقف لأعمال العنف مجرد فرصة لمنع الهجمات عليها بالقدر الممكن دون ان يعني ذلك من الناحية العملية التوقف عن "حق" اسرائيل بالملاحقة والمطاردة والاغتيالات والاعتقالات والتوغلات والإغلاقات، وبالاستناد للمنطق الذي تطرحه الفصائل المسلحة (وهو منطق صحيح) فإن اسرائيل تلاحق وتقتل وتتوغل وتعتقل في الضفة الغربية مع أن الصواريخ لا تطلق من الضفة، فلماذا ستقبل أن تتحول غزة الى قاعدة تهديد استراتيجي لها او الى خطر مباشر على النقب وعلى جنوب اسرائيل الا اذا كانت مرغمة على ذلك.
اسرائيل ربما ليست جاهزة للمراحل المقبلة من خططها العسكرية المقبلة لقطاع غزة وربما ايضاً تحتاج الى مناورة هنا وأخرى هناك لإنهاء مرحلة التجهيز والتحضير، وربما انها قد وجدت في ضوء الاستخلاصات الاخيرة من "المحرقة" الاخيرة أن العمليات المقبلة ستكون مكلفة اكثر من المتوقع، لكن هذا كله شيء والتوهم بأن هدنة متوازنة او تهدئة متكافئة ستحدث او يتم تحضيرها او التحضير لها شيء آخر.
ليس من مصلحتنا ابداً تسويق الغبار على أنه غيوم ملبدة وتبشر بالمطر الوفير وليس من مصلحتنا قراءة المناورات الاسرائيلية على انها انكفاء وهزيمة، تماماً كما انه ليس من مصلحتنا تسليح المقاومة وتحويلها الى منتج يشبه الوجبة السريعة، بدلاً من أن تكون محصولاً نأكل منه ونزرع منه لكي تستمر الحياة وتستمر القضية.
عن صحيفة الايام الفلسطينية
13/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.