الإسكان الاجتماعي: 58 ألف متقدم للسكن البديل وتوقعات بتراجع عدد المستأجرين لأكثر من النصف    بعد عرض الملحد.. الناقد طارق الشناوي: لا أعلم سبب الاعتراض.. والفيلم يدعو للإيمان بالله    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    مستشار وزير التموين السابق: الذهب مرشح لتجاوز 7000 جنيه للجرام في 2026    بعد لقاء ترامب وزيلينسكي، ارتفاع أسعار النفط في ظل تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    البيت الأبيض: ترامب يلتقي نتنياهو اليوم في مارالاغو بفلوريدا    وزير الإعلام الصومالي: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال انتهاك لسيادتنا.. وسنلجأ للأمم المتحدة    الصين تعلن بدء تدريبات بالذخيرة الحية حول جزيرة تايوان    الحصر العددي لدائرة دمنهور الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    أوصاني بحذف أغانيه.. شحتة كاريكا يكشف اللحظات الأخيرة في حياة الراحل أحمد دقدق    مقتل 16 شخصا في حريق دار مسنين بإندونيسيا    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    عمرو يوسف يكشف تفاصيل صداقته القوية ب عمرو دياب    بإطلالة شعبية مفاجئة.. درة تخطف الأنظار بكواليس «علي كلاي» في رمضان 2026    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    كوريا الشمالية تجري تجربة إطلاق صاروخ كروز بعيد المدى    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 21 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات    حسام حسن يستقر على رباعي دفاع منتخب مصر أمام أنجولا    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    بالأرقام.. نتيجة الحصر العددي للدائرة الأولى بالفيوم في انتخابات مجلس النواب    كشف ملابسات منشور بشأن إدعاء خطف سيدة بكفر الشيخ    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    البوصلة والربان!    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    النيابة الإدارية تنعى مستشارة لقيت مصرعها أثناء عودتها من الإشراف على الانتخابات    المنيا تبدأ تنفيذ 57 مدرسة جديدة وتخصيص الأراضي ل20 أخرى    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    ترامب: اقتربنا من اتفاق بين روسيا وأوكرانيا بشأن منطقة دونباس    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تصبح بغداد "ساعي بريد" بين واشنطن وطهران؟
نشر في محيط يوم 06 - 03 - 2008

هل تصبح بغداد "ساعي بريد" بين واشنطن وطهران؟
هدى الحسيني
قبل سنوات قليلة، وبلهفة مثيرة عانق جلال طالباني الرئيس العراقي الحالي، صدام حسين الذي كان رئيساً على العراق وكان احتل الكويت وتم دحره منها وكان تسبب في نزوح مئات الآلاف من الأكراد، ودارت الأيام وبقية القصة معروفة.
ويوم الأحد الماضي وبلهفة مماثلة عانق "مام جلال" كما يحب مناداته كي لا يتذكر ربما لقب صدام حسين الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، وما علينا إلا انتظار ما ستسفر عنه الأيام نتيجة قبلات "مام جلال"، هل سترتد عليه أم ستلاحق احمدي نجاد.
لم يكن متوقعاً من احمدي نجاد أن يأخذ بعين الاعتبار المشاعر العربية وهو يصر على القيام بزيارة بغداد و"يقفز" فرحاً وهو يسير فوق السجاد الأحمر المتبقي على التأكيد من زمن صدام حسين، وكذلك لم يكن منتظراً من "مام جلال" أن يخفف من نسبة الشوق في عناقه، فهو دائماً تسبقه عواطفه الكامنة، أما نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي فبدا وكأنه يستقبل أستاذه، و"ببهلوانية" مقصودة ظل الرئيس الإيراني يوزع ابتساماته التي تخفي مكراً ظهر واضحاً من خلال عبارات وتصريحات يعرف أنها لن تخيف، لكن هدفه تحقق وهو الزيارة بحد ذاتها.
كانت زيارة احمدي نجاد الى بغداد طعنة لكل عربي، فهي جاءت على جثث مئات الآلاف من العراقيين الذين قتلوا في الحرب العراقية الإيرانية، وجاءت على أشلاء العائلات العراقية التي ساهم الدور الإيراني المستجد بتفسيخها وتشتيتها، وبدل أن يعمل طالباني والمالكي على إجراء مصالحة وطنية، فضلا مد السجاد الأحمر لرئيس بلد يعمل نحراً في العراق، البوابة الشرقية التي تشلعت.
أمران لافتان في هذه الزيارة:
الأول: انه طوال إقامة احمدي نجاد لم تتعرض المنطقة الخضراء لأي هجوم بالصواريخ، كما لم يتعرض مقرا إقامة "مام جلال" و"عبد العزيز الحكيم" لأي صاروخ ولو طائش.
الثاني: إلغاء احمدي نجاد زيارته للمدينتين المقدستين النجف وكربلاء بداعي "زحمة المواعيد".
لا نعرف ما إذا كان احمدي نجاد طلب من المالكي إطلاق سراح 11 معتقلاً من الحرس الثوري الإيراني، إنما المؤكد انه لم يأخذهم معه، لأن الأميركيين عدوا كل واحد رافق احمدي نجاد، راقبوا الجميع وتأكدوا من أنهم جميعاً غادروا بمن فيهم حراسه الشخصيون.
ولا نعرف ما اذا كانت الحكومة العراقية وهي تستقبل بانشراح احمدي نجاد وتصفق وهو يعلن عن تقديمه قرضاً بمليار دولار، إنما عبر مشاريع تقوم بها شركات ايرانية في العراق، لا نعرف ما اذا كانت تعرف ان ايران تنظم وتسلح الميليشيات في العراق، وهي تعمل على اقامة منطقة مؤلفة من تسع محافظات شيعية في الجنوب تكون تابعة لسلطة طهران.
وحسب مصدر غربي كان في الجنوب العراقي أخيراً، لاحظ ان النشاط الإيراني هناك صارخ جداً وانه في مدينة البصرة يشكل خطراً حقيقياً. ويضيف: ان طهران تدعم كل الفصائل الشيعية في البصرة التي تحتوي على اكبر كمية من الاحتياطي النفطي العراقي.
وفي شهادته امام الكونغرس الأميركي في الرابع عشر من الشهر الماضي قال أنطوني كورديسمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "إن كل الخبراء الأمنيين يؤكدون تناميالنفوذ الإيراني عبر مواصلة إنشاء الميليشيات وتوفير التدريب والأسلحة لها"، موضحاً أن البيانات التي أشارت الى انخفاض النشاط الإيراني كانت مرحلية.
وأكد كورديسمان الذي عمل سابقاً في وزارة الدفاع الاميركية، أن التسليح الإيراني ليس لمواجهة الأميركيين، وان "طهران تدعم ميليشيا الصدر ومنظمة بدر"، وتوقع ان تُشعل التدخلات الايرانية في الجنوب حرباً شيعية شيعية في الصراع على فرض السيطرة على كل الجنوب. وقال كورديسمان في شهادته: "إن الصراع الشيعي المتوقع سيكون اعنف من الصراع بين السنّة. إن منظمة بدر أكثر تجانساً في التدريبات، لكن السؤال يبقى عما إذا كانت تتمتع بقاعدة شعبية كميليشيا الصدر؟".
حتى الآن، لم تقرر إيران الاستراتيجية التي ستعتمدها تجاه العراق، فهي تجرب عدة خيارات قبل أن تستقر على واحد منها. إنها لا تزال تدرس ثلاثة أهداف:
الأول: أن يكون لها نفوذ وتأثير على كل العراق.
الثاني: أن تساهم في إقامة سلطة حليفة.
الثالث: إقامة منطقة استراتيجية فاصلة.
وقال كورديسمان: "إن إيران تريد في هذه المرحلة تجربة العمل على هذه الأهداف مجتمعة لأنها لا تملك استراتيجية واحدة واضحة، والأهم أنها تحاول أن تستغل في وقت واحد الأطراف الشيعية لتعرف ما يمكن أن تحصل عليه في النهاية".
في بغداد، ووسط توزيع "ابتساماته" قال احمدي نجاد: "إن زيارة العراق من دون الديكتاتور تبعث على السرور". وكانت منظمة "أمنستي إنترناشيونال"، و"هيومان رايتس واتش" ذكرتا أن الإعدامات في إيران، بما فيها الرجم حتى الموت، ازدادات بشكل ملحوظ في زمن احمدي نجاد.
وإذا كان وصول شخص مثل أحمدي نجاد الى سدة الرئاسة في إيران يعود الفضل فيه الى الثورة الإسلامية التي قادها آية الله الخميني، فإن المعاملة التي يلقاها أحفاده يجب على الأقل أن تعطي درساً للقادة العراقيين الملهوفين على إحاطة احمدي نجاد بالحفاوة.
فقد سحب حفيد الخميني، علي إشراقي ترشيحه للمجلس النيابي بعد حملة من تشويه السمعة، وهو كان أُبعد سابقاً بعدما جاء محققو احمدي نجاد يسألون جيران إشراقي عما اذا كان يحلق ذقنه، أو يدخن، وما نوع السيارة التي يقودها؟
وكان حفيد آخر للخميني، السيد حسن الخميني، الذي يشرف على صيانة قبر جده ، شن حملة على النظام، فتعرض هو الآخر لحملة تشويه سمعته. والاتهامات التي طالته: انه يقود سيارة "بي. إم. دبليو"، وفي منزله حمام على البخار، ويقيم في ضاحية شمال طهران الثرية!
أي أمل بنظام يحسد شعبه على سيارة فخمة؟ كان الأولى بالقادة العراقيين وبالذات "مام جلال" والمالكي أن يأخذا أحمدي نجاد بجولة في مدينة الصدر. ربما الخوف منعهما من ذلك، رغم أن مدينة الصدر تعتبر مقراً رئيسياً للميليشيات الممولة من إيران وبالذات "شبكة المجموعات الخاصة" ذات الأغلبية الإيرانية.
وكانت القوات الأميركية اعتقلت في 27 من الشهر الماضي واحداً من أبرز قادتها الإيرانيين، بعدما دل الشيعة العراقيون على مخازن الأسلحة التي تمتلكها هذه المجموعات. ويتعرض رجال الأعمال الشيعة العراقيون للخطف والتعذيب والابتزاز والقتل من قبل هذه المجموعات، وهي الآن محصورة ومحاصرة في مدينة الصدر، وما أن يتخطاها أحد أفرادها حتى يُلقى القبض عليه.
لقد بالغ الطرفان العراقي والإيراني بالقول إن القوات الأميركية لم توفر الأمن لأحمدي نجاد، قد يكون هذا صحيحاً شكلياً، مع التأكيد بأن المنطقة الخضراء حيث جرت كل اللقاءات تقع تحت المظلة الأمنية الأميركية. ورجال البيشمركة الأكراد الذين سهلّوا تمتع احمدي نجاد بالنوم ساعات في منزل "مام جلال"، مدربون ومجهزون بأسلحة أميركية وربما... إسرائيلية.
ولو أرادت أميركا منع هذه الزيارة لفعلت، وعندما سئل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش عما إذا كانت هذه الزيارة تنسف الجهود الأميركية لعزل إيران، أجاب بأن "المحادثات ضرورية لأن الدولتين جارتان".
في العراق وإيران تم تصوير اللقاءات بأنها بين زعماء دولتين ذاتي سيادة، وكأن الولايات المتحدة ليست في العراق، وربما للسخرية من هذا الطرح، وبدون إعلان مسبق وصل رئيس الأركان الأميركي، الجنرال مايكل مولن، الى العراق في الأول من آذار (مارس)، قبل يوم واحد من وصول احمدي نجاد، ولم يكن ذلك للقاء الضيف، بل ربما لتذكير من يلزم بأن رئيس الأركان الأميركي يأتي ويذهب من العراق ساعة يشاء ومن دون إذن من أحد.
وإذا كان الجنرال الأميركي لا يطلب إذناً للوصول الى بغداد، فإن احمدي نجاد لم يطلب اتفاق وموافقة كل العراقيين كي يقوم بزيارة الى بغداد.
كما يطلب نظامه من لبنان كي يعطي الضوء الأخضر للموالين له، على الأقل لانتخاب رئيس للجمهورية هناك. رغم بشاعة وقع هذه الزيارة على الشعب العراقي البعيد عن الميليشيات والعصبيات الطائفية ووقعها على العرب، إلا أنها تخدم الأميركيين. فهؤلاء ليسوا مضطرين للحوار مع ايران علناً، فإن الحكومة العراقية تستطيع القيام بدور "ساعي البريد" بين الدولتين.
لقد ظهرت الحكومة العراقية خلال زيارة أحمدي نجاد، بأنها صاحبة سلطة, وهذا يناسب الأميركيين، لأنه إذا قوي العراق فإنه يستطيع العودة لتشكيل توازن قوة مع إيران، كما أنه يناسب إيران ايضاً، لأنه كلما ازدادت سيطرة الشيعة الموالين لها على الحكومة، تضاءل خطر بغداد على طهران. المهم ان تجد الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي التوازن المطلوب بين المصالح الأميركية ودعم "الصحوات السنيّة"، والمصالح الإيرانية بأن لا تسمح للسنّة بالسيطرة.
عن صحيفة الشرق الاوسط
6/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.