الناتو مهدد بالانقسام سمير عواد لوقت طويل ظل سياسيون من الغرب يشيرون إلي الخلافات في العالم العربي التي تحولت مع الزمن إلي مرض لكن هذا المرض أصاب المعسكر الغربي. فعندما انعقد المؤتمر الأمني في ميونيخ قبل أيام تم في مرحلة لم يعرف خلافات بهذا العدد: خلاف حول إرسال جنود إلي أفغانستان، وكما يري البعض عودة الحرب الباردة بين روسيا والغرب. وقد نفت المستشارية تقارير ذكرت أن الحكومة الألمانية تخطط لإضافة عدد الجنود الألمان في أفغانستان وتوسيع مهمة القوات المسلحة الألمانية في هذا البلد. وصرح متحدث باسم الحكومة الألمانية خلال تواجده في المؤتمر الأمني بمدينة ميونيخ الذي انعقد خلال عطلة نهاية الأسبوع أن خبراء الدفاع في الأحزاب المشاركة في حكومة الائتلاف الألمانية ناقشوا فيما بينهم فقط مسألة تمديد المهمة الألمانية في أفغانستان. وعبر سياسيون ينتمون إلي حزب الخضر والحزب الليبرالي المعارضين عن غضبهم حيال تقارير ذكرت أن برلين تخطط لزيادة عدد جنودها في أفغانستان الذين يشكلون حاليا ثالث أكبر وحدة عسكرية أجنبية في هذا البلد(3200 جندي) بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا،بحيث يصبح عددهم 4500 جندي كما يتم توسيع مهمتهم بحيث تشمل لاحقا الشمال حيث يتمركزون حاليا والغرب إضافة إلي تمديد المهمة من 15 شهرا إلي 18. ويعتقد هؤلاء السياسيون المعارضون أن الحكومة الألمانية باتخاذها هذه القرارات ترضخ لضغط الولاياتالمتحدة والحلفاء في حلف شمال الأطلسي(ناتو) الذين يحثونها منذ وقت لإرسال جنود إلي منطقة الجنوب للمشاركة في المعارك الدائرة فيها ضد الطالبان و(القاعدة). ورفض فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني انتقاد الحلفاء لمهمة ألمانيا في أفغانستان ولفت نظرهم في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الأمني إلي أن القوات المسلحة الألمانية تشكل ثالث أكبر قوة عسكرية أجنبية في أفغانستان وأنها أرسلت طائرات استطلاع من طراز(تورنادو) لدعم الحلفاء إضافة إلي أن ألمانيا ستشكل هذا الصيف وحدة للتدخل السريع في الشمال لكنه قال ان إمكانيات بلاده محدودة وأنه لا يري العمل الجيد الذي يقوم به الجنود الألمان في الشمال أن يتعرض إلي الخطر من خلال انتشار الجنود الألمان في مناطق بأنحاء أفغانستان. وتصعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا الضغط علي الحلفاء في حلف شمال الأطلسي لزيادة عدد الجنود في مناطق القتال في الجنوب الساخن. ويقول أحد المراقبين أن ألمانيا هي الطرف الرئيسي المقصود بهذه الانتقادات. وأفادت معلومات حصلت عليها القناة الأولي للتلفزيون الألماني ard أن برلين بصدد التحضير لإرسال قوة قتال من 250 رجلا إنما إلي الشمال وليس إلي الجنوب. وانتقدت صحف ألمانية أسلوب برلين واتهمتها بالمناورة وعدم القدرة علي مفاتحة الشعب بأنها سوف ترضخ لضغط الأمريكيين خاصة أن وزير الدفاع الأمريكي ربط مستقبل حلف شمال الأطلسي بفشل أو نجاح تعاون الحلفاء في أفغانستان. وقالت صحيفة(زود دويتشه) أن برلين تتحدث بلسانين فهي من ناحية تقول للرأي العام أنها لن ترسل جنودها إلي الجنوب الساخن وسوف تحافظ علي العمل بإستراتيجية عودة التعمير لكنها وراء أبواب مغلقة تتنازل ومن أبرز هذه التنازلات التي جرت أنها أرسلت طائرات(تورنادو) استطلاعية تحلق فوق أراض يسيطر عليها الطالبان وتلتقط صورا لمواقعهم وترسلها إلي الأمريكيين ليغيروا علي الأهداف. ويتهم حزب اليسار المعارض الحكومة الألمانية بالمشاركة بحرب أفغانستان منذ زمن بعيد. وحذر جاب دو هوب شيفر أمين عام حلف شمال الأطلسي من أن يتحول الجدل حول أفغانستان إلي جدل حول ألمانيا وقال أنه يرغب في رؤية قوات الناتو تعمل وفقا لإستراتيجية مشتركة. وأشاد شيفر بالمساهمة الألمانية في أفغانستان وقال أنه يؤيد بقاء الجنود الألمان في الشمال لكنه أشار أيضا إلي الحاجة إلي 1500 جندي إضافيين لإرسالهم إلي الجنوب. وكانت سفيرة الولاياتالمتحدة لدي الناتو فكتوريا نولاند قد أعلنت أن بلادها سوف تطلب من الحلفاء عند انعقاد قمة الحلف القادمة والمقررة في بوخارست بشهر أبريل، العمل علي زيادة عدد جنودهم في أفغانستان. وأبلغت السفيرة الأمريكية صحيفة(برلينر تسايتونج) قولها: سوف نلح علي جميع حلفائنا ومن بينهم ألمانيا في قمة الناتو أن يقدموا مثلنا لأفغانستان رجلا مقابل كل رجل ويورو مقابل كل دولار. يواجه حلف الناتو في أفغانستان أكبر تحد في تاريخه. مثلما أجبرت حرب العراق الولاياتالمتحدة في تغيير إستراتيجيتها العسكرية والسياسية فإن الوضع في أفغانستان يجبر الناتو علي تغيير إستراتيجيته في هذا البلد. وقالت السفيرة الأمريكية ان السنوات الثلاث أو الخمس القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للمواطنين الأفغان وحلف الناتو والدول الديمقراطية وأضافت أن المساهمة في أفغانستان عبارة عن استثمار في الأمن المشترك والتأكيد علي تضامن التحالف في مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين. من ناحية أخري فاجأ روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي الألمان بالذات عندما شارك في المؤتمر الأمني بمدينة ميونيخ في دورته رقم44 بعدم انتقاد ألمانيا بسبب ترددها في الاستجابة إلي طلبه بزيادة عدد جنودها في أفغانستان وتوسيع مهمتها وتمديدها إذ مدح ألمانيا وقال ان جنودها يقومون بعمل جيد في أفغانستان لكنه حذر من انقسام حلف الناتو حيث دول تتفرج علي الحرب وأخري تضحي بجنودها ووبخ الأوروبيين لأنهم لا يطلعون شعوبهم علي أهمية العمليات العسكرية في أفغانستان التي وصفها أنها تتم دفاعا عن الحرية والأمن في الغرب أيضا ولغرض القضاء علي الإرهاب وأضاف موجها كلامه مباشرة إلي المواطنين الأوروبيين أن خطر الإسلام المتطرف لا يزول من تلقاء نفسه. وكان رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوجان قد افتتح المؤتمر بكلمة أكد فيها مسعي بلده للحصول علي عضوية الاتحاد الأوروبي ورفض العرض الذي طرحته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منذ سنوات بعقد شراكة متميزة بين تركيا والاتحاد الأوروبي بدلا من العضوية الكاملة. وقال أردوجان أنه لا يعقل تغيير شروط اللعبة بعد بدايتها. وأعرب أردوجان عن رأيه بأن تركيا ستلعب دور الوسيط النزيه بين أوروبا والشرق الأوسط في حال انضمامها إلي الاتحاد الأوروبي. وأقيم المؤتمر الأمني هذا العام تحت شعار(العالم في حالة فوضي.. تغيير في موازين القوي) حيث لعبت الأزمة الأفغانية والخلاف الحاصل بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا من جهة وألمانيا من جهة أخري بسبب عدم المشاركة في العمليات العسكرية في الجنوب حيزا بارزا من المناقشات. من جهة أخري دلت نتائج عملية لاستقراء الرأي أجرتها مؤسسة Emnid لحساب مجلة(فوكوس) شارك فيها 1001 مواطن ألماني حيث أجمع 84 بالمئة علي رفضهم توسيع مهمة القوات المسلحة الألمانية في أفغانستان كما رفض ثلاثة أرباع المشاركين بعملية الاستقراء تشكيل وحدة عسكرية ألمانية للتدخل السريع وإرسالها إلي الجنوب للمشاركة في القتال ضد الطالبان وحلفائهم. عن صحيفة الراية القطرية 17/2/2008