بعد رد «الإجراءات الجنائية» والعفو عن علاء عبدالفتاح.. نجاد البرعي: حقوق الإنسان مازالت مهمة بالنسبة للرئيس    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معملي الحاسبات والواقع الافتراضي ونظم المعلومات الحضارية بكلية الهندسة للبنين    مصر والأردن تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الطاقة والغاز الطبيعي    إسرائيل تغلق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين بحجة أعياد يهودية    مصر تستهدف زيادة التبادل التجاري مع العراق إلى مليار دولار سنويًا    جيوكيريس يتوج بجائزة «جيرد مولر» لأفضل هداف في العالم    أب يقتل ابنته ويصيب شقيقتها ويتخلص من حياته في الإسكندرية بسبب خلافات زوجية    عاجل.. حجز محاكمة 16 متهم ب " مرابطيين " التابعة للجان الإعلامية للأخوان للحكم    فيديو.. أبو الغيط: قرار قمة الدوحة بشأن مراجعة العلاقات مع إسرائيل يجب أن يؤخذ بالجدية الواجبة    تعاون مصري - أردني لتعزيز السياحة وتنشيط السوق العربي    بعد خفض الفائدة.. اعرف أعلى عائد على شهادات الادخار في البنوك    إلغاء تطبيق التوقيت الشتوي والصيفي بسبب المدارس والطلاب| ما الحقيقة؟    قرار مفاجئ من شيرين عبدالوهاب بعد تصدرها التريند الأيام الماضية    كرارة يغير جلده الفني بمسلسل رعب جديد ويكشف موقفه من دراما رمضان 2026    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    داعية: التشهير بين الأزواج عند الطلاق إساءة شرعية وأخلاقية    محافظ كفرالشيخ يترأس اجتماع المجلس الإقليمي للسكان لمتابعة الخطة العاجلة 2025-2027    مؤتمر "حياة المرأة هي التزامنا" يناقش صحة المرأة ويدعو للابتكار في أمراض النساء    أحمد السيد: عماد النحاس الأنسب للأهلي بالفترة الحالية.. والقمة لا تخضع لأي حسابات    حيرة فى الأهلى بسبب المدرب الأجنبى    برشلونة يعلن إصابة فيرمين لوبيز ويحدد مدة غيابه    يونيسف: مقتل 11 طفلا في غارة بطائرة مسيرة على مسجد بالفاشر السودانية    الغربية: قرية سنبو تحتفي ب124 حافظا للقرآن وتكرم أصغر حافظ في الوطن العربي    هل يغتنم الفلسطينيون فرصة «حل الدولتين»؟    رئيس مياه الأقصر يتفقد محطة معالجة الدبابية ويتابع شبكات الصرف الصحي في المساوية    انتخاب هيئة الدواء نائبًا لرئيس اللجنة التوجيهية لبرنامج تابع لوكالة الاتحاد الأفريقى للتنمية    في لقاء حصري... عمرو سليمان يتحدث عن مستقبل الاستثمار العقاري في مصر    أول رد من أرملة إبراهيم شيكا على رغبة وفاء عامر في استرداد شقتها    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية العلوم جامعة الفيوم.. صور    بحضور وكيل الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف.. نقابة الأشراف تُحيي ذكرى المولد النبوي    الحبس 6 أشهر لصانعة المحتوى أم سجدة في اتهامها بالاعتداء على القيم والمبادئ الأسرية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعاطي المخدرات أسفل أحد العقارات بالقاهرة    وسط فرحة الطلاب.. محافظ المنوفية يفتتح مدرستين ببروى وبكفر القلشى للتعليم الأساسي    الرئيس السيسي يقرر العفو عن علاء عبد الفتاح و5 آخرين    عبد الله السعيد: أتمنى تتويج منتخب مصر بكأس الأمم وجاهز للعودة إذا طُلب مني    طقس الإسكندرية اليوم.. أجواء معتدلة ودرجات الحرارة العظمى تسجل 30 درجة مئوية    المكاسب المادية للفائز بجائزة الكرة للذهبية    بيراميدز بالزي الأساسي أمام أهلي جدة في الإنتركونتيننتال    رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2025 لخدمة العملاء.. متاح الآن بدون خبرة    ب "التايجر".. ريم سامي تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    "الغردقة لسينما الشباب" يكشف عن لجان تحكيمه .. وداود رئيسا لمسابقة الأفلام الطويلة    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكشف عن لجان تحكيمه    إنجاز جديد لجامعة بنها بمؤشر نيتشر للأبحاث العلمية Nature Index    "البحوث الزراعية" ينظم المنتدى العلمي الأول حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة تتوصل لطفلي طريق الرشيد بغزة.. ووالدتهما: بشكر الرئيس السيسي    عميد معهد الفراعنة: اكتشفنا واقعة انتحال صفة رمضان صبحى بالامتحانات صدفة    مصرع فتاة وإصابة 6 في تصادم ميكروباصين بطريق العوايد بالإسكندرية    ضبط 6 آلاف علبة جبنة فاسدة داخل مخزن خلال حملة تموينية في الأقصر    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن مؤشرات الأداء بمستشفيات قصر العيني    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    تحذير من أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية    وزير الخارجية والهجرة يلتقي نظيره الكويتي في نيويورك    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجير الغضب اجتماعيا / د.رفيق حبيب
نشر في محيط يوم 16 - 09 - 2009


تفجير الغضب اجتماعيا


* د. رفيق حبيب

د.رفيق حبيب
إزاء حالة الغضب التي تشهدها المجتمعات العربية والإسلامية تجاه الأنظمة الحاكمة وتجاه التدخل والعدوان الخارجي، هناك إستراتيجية مضادة تحاول تصريف هذا الغضب المجتمعي داخل المجتمعات نفسها، حتى لا يوجه لوجهته الصحيحة.


فالعديد من المؤشرات توحي بأن الأنظمة الحاكمة وأيضا القوى الخارجية المهيمنة، تحاول أن تصرف غضب الجماهير تجاهها في قضايا وموضوعات اجتماعية، حتى ينفجر هذا الغضب داخل المجتمعات، ولا يتحول إلى قوة نحو التغيير والإصلاح، ولا يتحول بالتالي لقوة تصد استبداد الأنظمة الحاكمة، وتصد أيضا العدوان الخارجي.


يظهر هذا في كثرة ما يحدث من خلافات داخل المجتمعات العربية والإسلامية، بين تياراتها الفكرية أو بين مكوناتها الاجتماعية. فأحداث الصدام الداخلي تتكرر بصورة تعبر عن تحول مسار الغضب عن وجهته.


فالمشكلات التي تقع بين الحركات الإسلامية تشير إلى تحول جانب من أزمة المجتمع مع نظامه الحاكم، إلى أزمة بين التيارات الإسلامية. وغالب التيارات الإسلامية يهدف إلى إحداث إصلاح أو تغيير في أحوال الأمة، ورغم اختلاف الحركات الإسلامية في وجهة نظرها حول كيفية تحقيق الإصلاح أو شكل المستقبل المنشود، إلا أن غالبها يرفض الأوضاع القائمة.


وبدلا من تركيز جهد الحركات الإسلامية على تغيير الواقع الراهن، نراها تصرف جزءا من جهدها في المواجهة أو الخلاف بينها وبين بعضها البعض . وقد يكون جزء من هذا الخلاف أو الاختلاف طبيعيا، ولكن الملفت للنظر هو تصاعد وبروز المواجهة بين الحركات الإسلامية، عن المواجهة بينها وبين الأنظمة الحاكمة.


وأيا كانت رؤية الحركة الإسلامية، فإن قضيتها الأساسية تتعلق بإصلاح الأوضاع السائدة في البلاد العربية والإسلامية، لذا يمثل تحول بعض طاقتها إلى المواجهة مع الحركات الإسلامية الأخرى، جزءا من حالة تصريف الموقف الرافض لأوضاع الأمة بعيدا عن هدفه الحقيقي.


وإذا تابعنا موقف الأنظمة الحاكمة من الحالة الإسلامية عامة، سنجدها تعمق التمييز بين مكوناتها وتتعامل معها بصورة توسع درجة المواجهة فيما بينها. وكذلك الحال بالنسبة للقوى الغربية المهيمنة، والتي تحاول التمييز بين الحركات الإسلامية بصورة تهدف إلى تأسيس مواقف مختلفة من تلك الحركات، تميز بين من يعتبر معتدلا في الفهم الغربي، ومن يعتبر متطرفا.


ودخول الأنظمة الحاكمة والقوى المهيمنة على مسار العلاقة بين الحركات الإسلامية، لا يهدف إلا إلى توسيع مساحة الخلاف بينها. وفي الواقع، فإن الأنظمة الحاكمة والقوى الغربية المهيمنة، ترفض كل الحركات الإسلامية، وتريد التخلص منها أو الحد من دورها، ولكنها لا تستطيع مواجهة كل الحالة الإسلامية، فتحاول الوقيعة بين مكونات تلك الحالة، حتى يمكنها محاصرتها.


والأمر لا يتوقف على تيارات الصحوة الإسلامية، بل يتعداه إلى المكونات المختلفة للمجتمع. فسياسات الأنظمة الحاكمة وأيضا الدول الغربية، توسع وتعمق الاختلافات الداخلية في المجتمع، وهي بهذا توسع من حالة المواجهة الداخلية، سواء بين المختلفين في الدين أو العرق. وإذا تابعنا سياسات الأنظمة الحاكمة، وكذلك الدول الغربية، سنجد أنها عمقت كل اختلاف داخلي، ولم تحاول علاجه. والأنظمة الحاكمة وهي تمثل السلطة السياسية المسئولة عن السلم الاجتماعي، لم تحاول معالجة القضايا الداخلية المفضية للصراع، بل عادة ما تستخدم هذه الخلافات الداخلية لتوسيع قدرتها على السيطرة على المجتمع.


وهذا ما يظهر جليا في موقف النظام الحاكم من أحداث النزاع الديني في مصر. فالنظام يحاول أن يحافظ على أمنه من خلال لعبة التوازنات بين الفئات المختلفة، حتى وإن أدى ذلك إلى تعميق الاختلاف بينها.


ويبدو أن تلك السياسة يتم توسيعها في مستوى الإقليم العربي والإسلامي، حتى باتت تمثل منهجا ثابتا. ففي كل دولة يحدث فيها قدر من الصراع الداخلي لأي سبب كان، يتم تعميق هذا الصراع، والاستفادة منه على المستوى السياسي، لتكريس بقاء النخب الحاكمة في السلطة، وتعميق سيطرتها على مجمل الأوضاع. وأصبحت الخلافات الاجتماعية، هي وسيلة تصريف الغضب الاجتماعي الموجه للنخب الحاكمة، فيتحول إلى وقود لإشعال المجتمعات من الداخل. فوقوع المجتمع في حالة صراع داخلي، تؤدي إلى إضعاف المجتمع وفشله في مواجهة السلطة الحاكمة، مما يمكن النخب الحاكمة من فرض نفوذها على مختلف الأطراف.


وهذه الإستراتيجية سيكون لها نتائج وخيمة في المستقبل. لأن المجتمع المتفجر من داخله لا يؤدي إلى حالة استقرار، بل يجعل حالة الاستقرار هشة.


والمجتمع الذي ينفجر يهدم أي سلطة تسيطر عليه، بل يمكن أن يهدم النظام السياسي كله. وأيضا يمكن أن يؤدي تفجر المجتمع من داخله إلى إسقاط الدولة نفسها. فهذا النهج يعد لعبا بالنار، ومغامرة غير محسوبة، ونتائجها خطيرة في النهاية. فإضعاف المجتمع للسيطرة عليه، تمثل نهجا استبداديا بامتياز، ولكن عندما يصبح إضعاف المجتمع معتمدا على تفجير خلافاته الداخلية أو استغلالها، فإن الأمر لا يصبح إضعافا للمجتمع بل تفجيرا له. ولا يمكن بقاء نخبة حاكمة أو بقاء نظام سياسي، إذا أنفجر المجتمع من داخله.


لهذا نرى أن محاولة تصريف الغضب الموجه للنظام السياسي الحاكم إلى داخل المجتمع، يؤدي إلى تعميق حالة الغضب وزيادة شدته. وهو ما يؤدي في النهاية إلى تحول حالة الغضب مرة أخرى تجاه النظام السياسي، ولكن بعد أن تصبح حالة الغضب مدمرة. مما ينتج عنه إلحاق تدمير واسع بالمجتمع، وفي نفس الوقت تدمير واسع أيضا في النظام السياسي القائم. وإذا ظلت عملية تحويل مسار الغضب والرفض من الوجهة السياسية إلى الوجهة الاجتماعية، فإن هذا كفيل بإحداث تحولات غير منظمة في الواقع الاجتماعي، مما يصل بنا إلى حالة فوضى واسعة.



*باحث ومفكر قبطي مصري
صحيفة المصريون
16/9/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.