بعد ثورة 25 يناير أصبح من الضروري فتح وبقوة ملف تطوير الأداء الإعلامي لجماعة الاخوان المسلمين خاصة بعد الإعلان عن إنشاء قناة فضائية وجريدة ورقية، وكذلك حزب وحاجته إلى أداة إعلامية احترافية.
الأمر الذي دفع الجماعة إلى عمل ورشة عمل أو مؤتمر بحضور كوكبة من كبار المتخصصين من داخل الجماعة وخارجها لتطوير الأداء الإعلامي لجماعة الإخوان بكافة وسائله.
وخاصة مع تكرار الشكاوى من أداء الإعلام الرسمي للجماعة، والإهدار المتكرر للطاقات، وحاجة الجماعة لكل جهد يبني في ظل الهجمات المستمرة عليها.
وحقاً، كانت الصورة الذهنية لجماعة الإخوان المسلمين تنتابها الشكوك والتخوف من قبل المواطن العادي بفعل السياسات الإعلامية التي كانت تسعى دائماً إلى ترويج صورة سيئة عن الجماعة وأكارها وأهدافها .
فأنا على سبيل المثال كنت أخشى من قوة الجماعة وتأثيرها في حالة وصولها لأي سلطة تشريعية كانت أو رئاسية لأن الإعلام المصري كان دائما يصور الإخوان على أنهم متزمتين وأفكارهم يشوبها التعنت والصرامة والكثير من الصفات التي تسيء إليهم، حتى إنهم كانوا يرددون دائما مقولة الجماعة المحظورة.
إلى أن تبددت هذه السحابة ببعد اندلاع ثورة 25 يناير وبرز الدور الحقيقي لشباب الإخوان ومدى حبهم لمصر والمصريين ومدى خوف الجماعة على مستقبل مصر وحمايتها من أي دخلاء أو عملاء، ورأيت قادة الإخوان ولأول مرة يظهرون على التليفزيون المصري وقد ارتبت للوهلة الأولى.
ولكن سرعان ما تبددت هذه الريبة عندما رأيتهم يتكلمون بكل رزانة ودبلوماسية وثقة في النفس بعيدا عن أي تطرف أو تزمت في الأفكار، وبالفعل تغيرت صورتهم وأصبحت أستمع إلى كلامهم وأبحث عنهم في كل القنوات التي يظهرون فيها.
ومن هنا فقد تبدلت السياسات الإعلامية تجاه الإخوان، فبعد كم الظلم والتعتيم الذي تعرضوا له ظهروا على الساحة الإعلامية، وأعربوا عن أفكارهم البناءة بشكل جيد وبطريقة بسيطة تصل إلى عقل وقلب المواطن العادي الذي طالما ابتعد عنهم لفترات طويلة نظراً للأقاويل والشائعات التي طالما لاحقتهم بفعل الأنظمة السياسية والإعلامية .
ولكن تغير الوضع الآن فقد أصبح المواطن يبحث عنهم في كل القنوات ليستمع إلى آرائهم وسياستهم المستقبلية والدور المأمول منهم للارتقاء بالدولة.
وعلى صعيد ذي صلة، وجه د.محمد بديع - المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين - رسالة إلي وسائل الإعلام والمتحدثين في الإعلام والمتبادلين للآراء في الإعلام إلكترونيًّا وسمعيًّا وبصريًّا للوحدة ونبذ الفرقة.
وقد أشار المرشد العام في رسالته إلي أن هذا المناخ الذي نعيش فيه الآن هو مناخ جديد يحتاج إلى ثقافةٍ جديدةٍ وممارساتٍ جديدة وقال : "اتركوا ثقافة الرأي الواحد، وتخلصوا من ثقافة التخوين وانبذوا صراع اختلافات الرؤى والآراء، وتمتعوا بمناخ الحرية الذي دفع فيه إخوانكم وأخواتكم شبابًا وشيوخًا دماءهم"
وأضاف : "سأبدأ بنفسي وبالإخوان وبموقعنا "إخوان أون لاين"، وأعتذر ونعتذر جميعًا عن أي ممارسة إعلامية خاطئة خلال الفترة الماضية، ونعفو بل ونصفح عن كلِّ مَن أساء وما زال يُسيء إلينا".
وعلى الصعيد ذاته، فإن هناك سؤال يطرح نفسه، لماذا هاجم الإعلام الحكومي الإخوان المسلمين ؟ وما نتائج هذا الهجوم؟
والإجابة بمنتهى البساطة، ان هذا الهجوم كان لأن النظام المصري السابق كان يخشى من حب المصريين للإخوان بسبب تغلغل الإخوان داخل نسيج المصريين ، ولأن الإخوان يعيشون هموم هذا الوطن ، ولأن الإخوان عاشوا شرفاء .
ولتحقيق الإخوان لنجاحات عديدة في كل المشاركات المجتمعية التي قاموا بها سواء مجلس الشعب أو النقابات والتي سيطرت الحكومة عليها بقوة القانون سيئ السمعة المعروف بالطوارئ ، وكذلك في مجال الخدمات الاجتماعية مثل المستشفيات أو المدارس والجمعيات الخيرية المختلفة .
كل ذلك كان يسبب رعباً للحكومة في ذلك الوقت البغيض بأن الإخوان هو البديل القوى القائم لتولى السلطة مما سبب فزعاً لها فسلطت إعلامها على الإخوان وهم يظنون أنهم بذلك يوهنون الإخوان .
ويتجاهلون أن أغلب الهجوم لا يستند على منطق أو يستند على منطق معكوس ، وهو ما يزيد من رصيد الإخوان الإيجابي بالشارع المصري. فهل تعلموا أنهم بالهجوم على جماعة الإخوان يزيدون الجماعة قوة فالذي لا يميتني يقويني.
ومن هنا فلابد من طرح آراء بعض الأكاديميين والمحللين إزاء السياسات الإعلامية لجماعة الإخوان خلال الفترة السابقة وتقييم الأداء الإعلامي لها في الآونة الأخيرة وقبيل سقوط النظام السياسي السابق.
وخصوصاً بعد تفوُّق إعلام الإخوان المسلمين عن غيره، متمثلاً في موقعهم "إخوان أون لاين" رغم التضييق الإعلامي الذي مارسته السلطة ضدهم؛ للحيلولة دون امتلاكهم وسيلةً إعلاميةً يستطيعون من خلالها طرح برامجهم وأفكارهم.
وعن ذلك أكد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة "سابقًا"، الدكتور فاروق أبو زيد أن "الإدارة الإعلامية والدعائية للإخوان تفوَّقت وبشكل يدعو للانبهار على كل وسائل الإعلام الأخرى المنافسة لها.
وأضاف أن إعلام الإخوان التزم بالموضوعية واحترام الآخر؛ ولذلك فقد اكتسب مصداقيةً غابت عن إعلام الحكومة".
ومن جانبه، رأى المختص في الجماعات الإسلامية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية الإستراتيجية ضياء رشوان أن "الإدارة الإعلامية للإخوان كانت في غاية الدقة والتميز".
وأضاف رئيس القسم السياسي بجريدة "الخليج " الإماراتية حازم منير أن "الأداء الإعلامي للإخوان كان متميزاً وبخاصة موقع "إخوان أون لاين" الذي تدفقت فيه المعلومات بشكل يدعو للإعجاب على مدار الأيام المنصرمة، فكنا نجد الموقع يحدِّث تقريبًا كل خمس دقائق على غير المواقع الأخرى".
ويرى الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة الدكتور صفوت العالم أن "المضامين الدعائية للإخوان كانت أفضل ما يكون؛ نظرًا لقوة التنظيم وتوافر الخبرات الفنية؛ مما خلق بيئةً مناسبةً لأداء جيد".
وختم الدكتور صفوت كلامه قائلاً إن أداء موقع "إخوان أون لاين" أتاح للمهتمين من الباحثين والإعلاميين أنفسهم من غير الإخوان الإطلاع على آخر المعلومات؛ مما يعبر عن تميز إعلامي لهم.
وأكد عضو المكتب السياسي ومسئول اللجنة الإعلامية للجماعة عاصم شلبي إن "الأداء الإعلامي للإخوان تميَّز بالتفرد بشهادة الجهات المحايدة من قِبَل المتخصصين.
حيث تميز أداؤهم بالمصداقية والحرفية العالية، وضرب مثالاً على ذلك ب"إخوان أون لاين"، الذي كان يتم تحديثه كل دقيقة ويدخله كل ساعة 240 ألف مستخدم؛ مما كان يُحدث بطئًا على الموقع".
يبدو أن جماعة الأخوان المسلمين ستعبر بقوة عن نفسها في الأيام القادمة تلك الجماعة التي عانت كبتا شديدا طوال السنوات السابقة بوصفها جماعة محظورة , وظهر هذا المشهد كثيرا في الأيام الماضية عبر رجال الأخوان في الإعلام المصري والعربي , فقد ظهر الدكتور عصام العريان.
عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين على قناة الجزيرة للحديث عن التعديلات الدستورية الأخيرة وموقف الأخوان من الاستفتاء , وبدى العريان عصبيا وشجاعا في ردوده إلى حدا بعيد .
هذا وقد هدد عصام العريان القيادي والمتحدث باسم الإخوان بحبس ومحاكمة ومساءلة كل من أساءوا للإخوان من الصحفيين والإعلاميين" .
واتهم العريان وسائل الإعلام بالمشاركة في لعبة التخويف من الإخوان، سواء بقصد أو بدون قصد , واستنكر بشدة الدور السلبي الذي لعبه الأعلام حول التعديلات الدستورية .
مؤكدا أن الأعلام قام بصب الزيت على النار واختلق القصص الوهمية لتوجيه الشارع إلى قول كلمة لا , نافياً وجود اتفاق بين الإخوان والمؤسسة العسكرية على أي شيء مسبق، وطالب من يردد تلك الأقاويل بإثباتها وإلا فليخضع للمحاكمة العسكرية .
وقال ان الأعلام من بقايا النظام السابق وعليه أن يدرك ذلك وأن يكون موضوعيا ومحايدا ويتيح الفرصة لكل الآراء ويمتنع أيضا عن التهييج والإثارة حتى لا يخضع لمسائلة مهنية وجنائية وشعبية .
وأكد العريان أن جماعة الأخوان أصبحت غير محظورة الآن وأن الجماعة ستلاحق جريدة الأهرام قضائيا لما نشرته لاتفاق بين الإخوان والحزب الوطني في الاستفتاء على الموافقة وهو الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق.