كتبت قبل يومين عن استطلاع الحزب الوطنى، الذى قال فيه 39? من المصريين، إنهم يثقون فى الحكومة.. و32? يثقون فيها إلى حد ما.. و21? لا يثقون بها، بينما أبدى 64? من الناس تفاؤلاً بالمستقبل مقارنة بنسبة 41? العام الماضى.
لكن أمس نشرت وكالة أنباء "أمريكا إن أرابيك" نتائج مختلفة صادرة عن مؤسسة "بيو" البحثية الأمريكية المرموقة التى أجرت استطلاع رأى فى 25 بلداً، وذكرت فيه أن المصريين هم الأقل ميلاً إلى الاعتقاد بأن المستقبل يحمل شيئاً إيجابياً بالنسبة لأطفالهم، حيث قال حوالى 54% من المصريين فى 2008، إن معيشة أبنائهم سوف تكون أفضل من معيشتهم الحالية، لكن هذه النسبة تراجعت بشكل كبير لتصل إلى 21% فقط فى عام 2009.
وفيما يتعلق بمستوى الرضا عن الحياة تصدر المصريون أيضاً قائمة الشعوب غير الراضية عن حياتها، حيث قال ستة من كل عشرة مصريين "60%" إنهم غير راضين عن حياتهم، فى حين كان الهنود أيضاً الأكثر رضا عن حياتهم، حيث عبر 94% منهم عن رضاهم.
وشمل الاستطلاع أسئلة للمستطلعين عن الأوضاع الاقتصادية العامة، غير الشخصية، فى بلادهم حيث أظهر الاستطلاع، أن حوالى ثلاثة أرباع المصريين "73%" يعتبرون كذلك الوضع الاقتصادى فى مصر عموماً "سيئاً"، فى مقابل 27% فقط من المصريين يرون الوضع الاقتصادى "جيداً" أى بنسبة انخفاض 17 نقطة عن العام الماضى حين قال 44% من المصريين، إن الوضع كان جيداً.
وقال 41% "أى أربعة من كل عشرة" من المصريين، إنهم يعتقدون أن الوضع الاقتصادى "سوف يزداد سوءاً" فى مصر على المدى القريب، فى مقابل ربع المصريين تقريباً "26%" ممن عبروا عن تفاؤلهم بتحسن الوضع الاقتصادى على المدى القريب، وقال 32% إن الوضع الاقتصادى "سوف يظل كما هو".
الاستطلاع أجرى على عينة شملت أكثر من 26 ألف شخص فى 25 بلداً، هى الولاياتالمتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبولندا وروسيا وتركيا ومصر والأردن ولبنان والأراضى الفلسطينية المحتلة وإسرائيل والصين والهند وإندونيسيا واليابان وباكستان وكوريا الجنوبية والأرجنتين والبرازيل والمكسيك وكينيا ونيجيريا.
وما يهمنا هنا هو نتائج الاستطلاع فى مصر أكثر من غيرها، خاصة وأنه يأتى بعد 48 ساعة من الاستطلاع السنوى الذى أجراه الحزب الوطنى، وهو ما يجعلنا نقارن بين الاستطلاعين المتضاربين تماماً، مما يطرح الكثير من التساؤلات:
فهل المصريون يقولون فى الاستطلاعات المصرية شيئاً.. ويقولون فى الاستطلاعات الأجنبية شيئاً آخر؟.. وإذا كان هذا هو وضع الاستطلاعات التى تجرى فى مصر.. فهذا يعنى أن علينا النظر إليها بشكوك عميقة وعدم الاعتماد عليها فى قياس توجهات الرأى العام، أو صياغة السياسات المستقبلية للوطن.
لكن التساؤل الثانى والمشروع أيضاً هو مصداقية الاستطلاعات.. فالمصريون فى استطلاع الحزب الوطنى متفائلون بالمستقبل.. وفى الاستطلاع الأمريكى متشائمون.. ومن حقنا فض هذا الاشتباك، فهل نحن متفائلون.. أم متشائمون.. وهل المستقبل وردى.. أم مظلم؟!
أنا شخصياً أميل لنتائج الاستطلاع الأمريكى، لأنه يتوافق مع المنطق والحقائق على الأرض.. فإذا كان الاقتصاد يتدهور.. والبطالة تزيد.. ونسبة الفقر تتخطى 40% فإننى وبموجب هذه الحقائق لا أعتقد أن أغلبية المصريين يمكنهم التفاؤل.. أو حتى لا يزالون يتمسكون بالأمل فى المستقبل. والمقارنة بين الاستطلاعين تعنى أن الاستطلاع الأمريكى أقرب إلى الواقع، بينما استطلاع الحزب الوطنى "أمريكانى"!