التقى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما في واشنطن للتباحث حول عدة أمور مشتركة على رأسها مسيرة المباحثات مع الفلسطينيين.
وذلك بهدف دفع هذه المباحثات للأمام لتحقيق السلام بين الجانبين ومن ثم السلام بين إسرائيل والعرب حيث تعتبر القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي الإسرائيلي.
وينظر الكثيرون إلى هذا اللقاء بأنه سيحسم ويوضح جميع مواقف إسرائيل من قضايا الحل النهائي مع الفلسطينيين لأن الرئيس الأمريكي "مصمم" كما اعلن ذلك في تصريحات له على المضي قدما في دفع مسيرة السلام في منطقة الشرق الأوسط.
إلا أن الواضح حتي الآن أن الرئيس الأمريكي لن يستطيع تنفيذ وعوده والاستمرار على هذا النهج بسبب سيطرة إسرائيل علي الداخل الأمريكي عبر ما يسمى باللوبي اليهودي والذي يعد ولاؤه الأول لإسرائيل رغم كون أعضاؤه أمريكيين.
فبنيامين نتنياهو يرفض تقديم ما يسمونه الساسة الإسرائيليون ب"التنازلات" للفلسطينيين ومن هنا يبدو السلام أمر مستبعد.
فكل حزب إسرائيلي يعرض خلال حملته الانتخابية برنامجه الذي من أجله اختاره الناخبون الذين وضعوا فيه ثقتهم لتمثيلهم في الكنيست، ولو سار الحزب بشكل مخالف لما أعلنه في البرنامج فالنتيجة إما خسارة الحزب لتأييد المصوتين له في الجولة السابقة.
إضافة إلى إمكانية انسحاب أحد أعضاء حزبه أو أكثر مما يضعف تمثيل الحزب في الكنيست، وتلك المقدمة يجب تذكرها للتأكيد أن أي فرد بالحزب حتى لو كان رئيسه لا يستطيع اتخاذ قرارات مخالفة لفكر الحزب وتوجهه.
على سبيل المثال انفصل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أريئيل شارون عن حزب الليكود بسبب الضغوط الداخلية التي مورست ضده بعد بدء تنفيذ خطة فك الارتباط بالانسحاب من قطاع غزة.
وهناك كم من الدلائل التي توضح وتؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الثانية والثلاثين والأحزاب الإسرائيلية الموجودة على الساحة بشكل عام غير مستعدة لحل أي من قضايا الحل النهائي مع الفلسطينيين ,القدس،الحدود،اللاجئين،المياه،المستوطنات،الترتيبات الأمنية"
فبخلاف الخطوات التي اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو لتهويد القدس وتقويض الوجود العربي فيها، إضافة إلى تجاهل مشكلة اللاجئين والإصرار على احتلال الجولان للحفاظ على مصادر المياه والإصرار على استئناف الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس ، فإن لأحزاب الائتلاف مواقف معلنة من هذه القضايا.
فحزب الليكود يدعم من إقامة المستوطنات في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى أن قرار الانسحاب منها كما ذكر آنفا واجه رفضا داخليا شديدا كاستقالة بنيامين نتنياهو من منصبه كوزير المالية آنذاك في حكومة شارون قبيل تنفيذ خطة الانسحاب من غزة بأيام.
أما ثاني الأحزاب قوة في هذا الائتلاف "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيجدور ليبرمان فيؤكد رفضه لمطلب العرب "الأرض مقابل السلام" ورفضه إزالة مغتصبات الضفة الغربية كما أن القدس طبقا لإعلان الحزب هي العاصمة الموحدة لإسرائيل ولا يسمح الحزب بقيام أية مفاوضات حولها.
أما حزب "البيت اليهودي" فأغلب المصوتين له يقطنون من الأساس في الضفة الغربية لذا يرفض أي انسحاب من الضفة أو تجميد الاستيطان فيها وفي القدس، أما الأحزاب اليهودية الأصولية "شاس ويهدوت هاتوراه" فيركزون على القدس كعاصمة لإسرائيل مع رفض أي تواجد فلسطيني فيها أو التنازل على أي من أجزائها .
حتى أنه من أسباب عدم انضمام حزب شاس صاحب ال11 عضو بالكنيست لائتلاف ترؤسه تسيبي ليفني حين حاولت تشكيل الحكومة هو رفضه التعهد بطرح قضية القدس خلال المباحثات مع الفلسطينيين .
كما أن هذا الحزب لا يعترف بأغلب المباحثات الإسرائيلية الفلسطينية السابقة مثل اتفاقية أوسلو الثانية، كما اعترض على المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في كامب ديفيد 2000.
ولعل الضغط السياسي الذي تمارسه الأحزاب الإسرائيلية والرسائل الواضحة التي تبعث بها لنتنياهو وباراك أوباما أوضح دليل على صرامة هذه الأحزاب على تطبيق منهجها وفكرها وأن لقاء نتنياهو-أوباما الاخير لم يأت بثمار بخصوص المباحثات مع الفلسطينيين.
فقد عقد جميع قادة أغلب أحزاب الائتلاف الحكومي، جلسة "طوارئ" في الكنيست يوم انطلاق نتنياهو للولايات المتحدة، وشددوا في نهاية جلستهم بما فيهم أعضاء حزب الليكود على ضرورة استئناف البناء في الضفة الغربية بعد انتهاء فترة تجميد الاستيطان بشكل فوري، تحديدا يوم 26 سبتمبر القادم".
وبذلك يتضح أن نتنياهو لن يغامر بمستقبله كرئيس للحكومة بل مستقبله كرئيس وعضو في حزب الليكود من أجل إرضاء الرئيس الأمريكي الذي هو خاضع أصلا للضغوط اليهودية في بلاده مهما كانت رغبته في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو إرضاء ما يسمى بالمجتمع الدولي.