آن الأوان لإنهاء الأزمة اللبنانية! فايز رشيد لو قُدِّر لخطة وزراء الخارجية العرب، ولتكليفهم في اجتماعهم الأخير في القاهرة، للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بزيارة لبنان وبحث بنودها الثلاثة مع الأطراف اللبنانية كافة، النجاح، لانطبقت بالفعل مقولة (تعريب الأزمة) بدلاً من (تدويلها)، ذلك أن المفهوم الأول هو الأفضل للبنان وللبنانيين وللعالم العربي برمته، من الثاني، الذي يهدف في جوهره إلى حسم الصراع اللبناني اللبناني، لمصلحة طرف دون آخر، بعيداً عن معاملة التوافق المطلوبة لبنانياً وعربياً، كما يهدف إلى انتزاع لبنان من دائرة المقاومة إن بالنسبة لإسرائيل او للولايات المتحدة او الغرب عموماً، كما لسلخ لبنان عن محيطه العربي، على طريق تفتيته إلى كيانات سياسية عديدة. بالطبع، الخطة العربية لا تحوي بنوداً سحرية كما ان عمرو موسى ليس صاحب معجزات. بمعنى آخر، فان الأمر يبقى مرهوناً بطرفي المعادلة اللبنانية: الموالاة والمعارضة. المبادرة العربية جرى قبولها لبنانياً من قبل ألوان الطيف السياسي بتحفظ وترقب، إن جاز التعبير، على أمل توضيح بنودها في المباحثات مع أمين عام الجامعة العربية في زيارته إلى العاصمة اللبنانية. وبنظرة سريعة إلى البنود الثلاثة للمبادرة، يمكن القول: إنها تشكل حلاً وسطاً بين الطرفين، فانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للبنان، يعد مقبولاً منهما، كما أن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون فيها لرئيس الجمهورية كفة الترجيح في اتخاذ القرارات، هو تحقيق لصيغة (لا غالب ولا مغلوب) في الصراع الدائر، إضافة الى ان البند المتعلق ببدء العمل في الحكومة الجديدة على صياغة (قانون جديد للانتخابات) يمكن أن يمتص من خلال الحوارات التي ستدور فيها، بعضاً من الخلافات الحالية بين الطرفين. أهمية المبادرة العربية، أنها تأتي في وقت حرج بالنسبة للبنانيين كافة، فإبقاء الأزمة كما هي عليه سوف لن يؤدي إلا لحافة الهاوية التي تشكل خسارة للبنان الدولة والوجود، وللبنانيين كافة، كما للعرب جميعا، وستفتح الباب على احتمالات كثيرة وكبيرة، غير متوقعة من أحد، وخطيرة بل مدمرة في نتائجها القريبة والبعيدة. لذا فإن المسؤولية الوطنية للأطراف اللبنانية كافة تقتضي سرعة الوصول الى حل توافقي وطني، في ظل إبقاء الحوار والحوار فقط على الطاولة المستديرة (مثل الذي كان وامتد لشهور طويلة). بعيداً عن موازين الربح والخسارة لهذا الطرف او ذاك، لمصلحة كسب الوطن، فليس معقولا ان يظل لبنان يعاني فراغاً رئاسياً، وليس مقبولاً أن تبقى الحوارات التعارضية التي تصل (وتلامس) حدود التناقضات التناحرية في الاشتراطات والأخرى المضادة، في أجواء موحية فقط بالتصعيد، وبالتصعيد فقط، بالشكل الذي يتدرج فيه تصاعدياً افتقاد المواطن اللبناني للأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والوجودي. هذا المواطن الذي يعاني أيضاً من قضايا كثيرة. لعل أبرزها الغلاء المتفاقم حتى بالنسبة للسلع الحياتية الأساسية، كما يعاني من انقطاع الكهرباء اليومي حتى في العاصمة بيروت، وانقطاع المياه لغالبية أيام الأسبوع، ومترتبات ارتفاع أسعار المحروقات في ظل أزمة اقتصادية عنوانها الأساسي: الركود الترقبي لما سيحدث، وفي أجواء من انعدام الدخل السياحي باعتباره مصدراً أساسياً لميزانية الدولة ولتحريك العجلة الاقتصادية فيها... آن الأوان للبنانيين كافة (أخذ استراحة) من إرهاصات وإرهاقات الأزمة، لينتبهوا إلى حياة أسرهم وعائلاتهم والشعور المشروع بالأمن (وبمختلف جوانبه) الحياتي. إقليمياً، فإن التوافق المصري السعودي السوري على عناصر المبادرة، مثلما هو الترحيب الإيراني ببنودها، يعطيانها قوة إضافية، وبعداً مشروعياً في قبولها من مختلف الأطراف المتصارعة على قاعدة وجود الآخر وعدم إقصاء طرف لطرف أو فرض هيمنة جانب على آخر، لمصلحة لبنان، الديموقراطي، الوطني، القومي العربي، الإنساني التوجه على الصعيد الدولي، بعيداً عن سياسة الاستقطاب إقليمياً ودولياً. لبنان ذو السياسة الواضحة النابعة من مصلحة مواطنيه الوطنية والقومية. لبنان المميز في الساحة العربية بتشكيله ملجأ آمناً لكل المضطهدين (بفتح الطاء). لكل هذه التوجهات... آن الأوان لإنهاء الأزمة اللبنانية. عن صحيفة السفير اللبنانية 12/1/2008