تفاؤل سوري في أوباما بول توهر كما هو الحال في البلدان الأخرى من العالم هناك حالة من الأمل في سوريا أن انتخاب باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة من الممكن أن يعرض لحقبة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية. وحتى المواطنون العاديون يعبرون عن التفاؤل في إمكانية تحسين العلاقات بين دمشقوواشنطن تحت إدارة أوباما. يعبر عن ذلك محمد خلف وهو مهندس يعيش في العاصمة السورية: ربما سيكون أوباما مفتاحا لحل العديد من المشاكل في منطقة الشرق الأوسط. ويعرب المحللون السياسيون في سوريا عن آمال مشابهة إلا أنهم يحذرون من توقع تحولات جوهرية في السياسات الأميركية في الشرق الأوسط على المدى القريب. ونقلت وكالة أنباء سانا عن وزير الإعلام السوري محسن بلال أنه يأمل أن أوباما سيغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة من سياسة الحرب والحصار الى أخرى على طريق الدبلوماسية والحوار. ومثل هذا التغيير لن يكون سهلا. فإدارة بوش قد سعت لعزل سوريا ومعاقبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد عن طريق فرض عقوبات إقتصادية. وقد كررت واشنطن مرارا إتهامها لسوريا بدعم مجموعات مسلحة مثل حماس وحزب الله وبالسماح لمقاتلين أجانب بعبور حدودها للتسلل الى العراق. وكانت الغارة الجوية الأميركية التي شنت مؤخرا داخل سوريا قد أثارت التوتر الى مستوى جديد. وذكرت مصادر أميركية أن الهجوم الذي وقع أواخر اكتوبر كان يستهدف عناصر تابعة للقاعدة تعمل على امتداد الحدود السورية بدعم من المتمردين داخل العراق. وقد أصرت دمشق على أن ثمانية مدنيين أبرياء قتلوا في الغارة. وفي معرض ردها على ذلك أمرت سوريا بإغلاق المدرسة والمركز الثقافي الأميركيين لديها كما حذر وزير الخارجية وليد المعلم أن مزيدا من الإجراءات المؤلمة سوف يتم اتخاذها إذا فشلت الولاياتالمتحدة في توضيح الغارة على نحو كاف. ونظرا لإرتفاع مستوى العداء بين البلدين فإن وصول رئيس جديد الى البيت الأبيض والذي قال خلال حملته الإنتخابية أنه سوف يكون على استعداد لإجراء محادثات مباشرة مع البلدان التي نبذتها إدارة بوش لفترة طويلة كان من المؤكد أن تبعث على الأمل. ويذكر محمد الربيع وهو كاتب صحفي في جريدة العربي القطرية يعيش في سوريا أن الإدارة الجديدة بحاجة الى إتخاذ موقف أكثر ميلا للمصالحة إذا كانت تأمل في إقناع دمشق بقطع علاقاتها الوثيقة مع طهران. ويقول الربيع أن القيادة السورية لم تحصل سوى على "العصا" فقط من الاميركيين بيد أن الأمر يتطلب العصا والجزرة أيضا ، وإدارة أوباما بحاجة الى أن تدرك أن سوريا تلعب دورا محوريا في المنطقة وينبغي التوصل الى تفاهم مشترك كما أنه على واشنطن أن تغض الطرف عن بعض الأخطاء السورية. أما فاضل الربيعي وهو محلل سياسي عراقي مقيم في دمشق ويكتب لصحيفة الجزيرة السعودية فقد أشاد بموقف أوباما ووصفه بأنه " عقلاني وواقعي" وأنه دعا أكثر من مرة للحوار مع ايران وسوريا. ويحذر عمر الكوش المحلل السياسي والصحفي السوري الذي يعيش في دمشق ويكتب لصحيفة السفير اللبنانية ان الأمر سيتسغرق 15 عاما على الأقل بالنسبة للولايات المتحدة لإعادة بناء مصداقيتها في المنطقة. وعليها أن تفعل ذلك عن طريق محاولة حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. والواقع فإن إدارة بوش لم تتمكن من دفع العملية السلمية على المسار الفلسطيني كما أنها رفضت مساعدة مفاوضات السلام السورية الإسرائيلية التي بدأت في وقت سابق من هذا العام والتي تقوم فيها تركيا بدور الوسيط. وهذه المحادثات مجمدة في الوقت الحالي كما أن الرئيس السوري الأسد قد أوضح أن المحادثات المباشرة بين سوريا واسرائيل يجب أن تنتظر تولي الإدارة الجديدة السلطة في واشنطن. ويقول محللون أن دمشق تريد من واشنطن تسهيل عملية السلام. ويتشكك الكوش ومحللون آخرون أن حالة الفتور الراهنة التي هيمنت على سياسات الشرق الأوسط لأكثر من 60 عاما لا يمكن حلها خلال فترة ولاية أوباما. عن صحيفة " الوطن " العمانية 15/11/2008