ماذا تريد " حماس " من تأجيل الحوار؟ حماده فراعنة تنظر حركة حماس الى ضعف الطرفين اللذين يقفان او يجلسان أمامها في الحوار الفلسطيني، فهي تنظر الى الرئيس محمود عباس ضعيفاً والى حاجته الى تجديد شرعيته كرئيس منتخب للسلطة الوطنية الفلسطينية، وهي شرعية باتت موضع تساؤل بعد 9/1/2009 حيث نجحت حركة حماس ومعها ومن خلفها حركة الاخوان المسلمين العابرة للحدود ونفوذها الجماهيري والمالي والاعلامي وخاصة في الاردن ومصر والسودان والعراق والكويت واليمن والجزائر والمغرب، اضافة الى دعم من سورية وقطر وايران. نجحت في تحويل معركة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية باعتبارها مطلباً دستورياً وجماهيرياً ووطنياً تقوده حركة فتح ومعها فصائل اليسار الفلسطيني، الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة المبادرة وحركة فدا، حولتها الى عبء تحمله فتح، ويشل شرعيتها ويعيق حركتها بسبب افتقارها الى روح المبادرة الخلاقة وعدم ايجاد وسائل واساليب تحفظ لها الحيوية وتجديد شرعية قيادتها للمؤسسات الوطنية على اسس جبهوية تقوم على قاعدة توسيع شكل وحجم المشاركة التعددية، وعدم اعتمادها على شعبها كما هو حاصل في الجامعات الفلسطينية عبر الانتخابات الطلابية، وبدلاً من ان تعتمد على شعبها وقواعد حركة فتح المناضلة وتحالفها مع فصائل المقاومة، باتت تعتمد على بعض اطراف النظام العربي وخاصة مصر والاردن والسعودية للحفاظ على شرعيتها وقيادتها للمؤسسات، ما يفقدها اهم اسلحتها وهو تأييد شعبها لها في مواجهة الاحتلال وفي مواجهة الانقلاب. كما تنظر حركة حماس الى ضعف الموقف المصري امامها، وحاجة القاهرة الى ورقتين تملكهما حركة حماس وهما : اولاً ورقة التهدئة وتجديدها. وثانياً ورقة الجندي الاسرائيلي شاليت.اضافة الى قضية الحصار ومحاولات حركة حماس لكسره عنوة فوق ارادة المصريين السياسية وكسر التزاماتهم الدولية، وهو حصار ظالم تسعى "حماس" لكسره سواء عبر الاحتجاجات الجماهيرية في قطاع غزة "بالدق" على جدران الحدود المغلقة ومحاولة اختراقها كما حصل اكثر من مرة، او من خلال سفن فك الحصار الذي سيصبح عنواناً بارزاً لنجاحاتها، ما يزيد من الحرج المصري الرسمي امام قوى المعارضة المصرية بقيادة حركة الاخوان المسلمين وامام المجتمات العربية والاسلامية والدولية. ونظراً لهذا الموقف الذي تراه "حماس" في مواجهة حركة فتح وفي مواجهة القاهرة، لم تستجب "حماس" للمبادرة المصرية في عقد جلسات الحوار الفلسطيني يوم 10/11/ 2008 . "حماس" تسعى عبر الحوار لتحقيق جملة من الاهداف تتمثل بما يلي : اولاً : شرعنة الانقلاب وما جرى يوم 14/6/2007 في قطاع غزة وما بعده، وآثاره ومؤسساته ونتائجه حتى يكون جزءاً من شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية. ثانياً: انتقال العمل والشراكة لجني ثمار ما فعلته في قطاع غزة كي يكون في الضفة الفلسطينية. فقطاع غزة وما فيه من مؤسسات لحركة حماس تقدمه عربونا للشراكة بدون المساس به من خلال استمرار سيطرتها على قطاع غزة ومؤسساته ولكن عبر رفع شعارات وعناوين وتمويل السلطة الوطنية، اي انها تسعى للانتقال نحو الضفة بعد ان استقر بها الحال منفرداً حزبيا وامنيا في قطاع غزة. ثالثاً : إعادة ترتيب وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها العنوان المعترف به كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، بما يضمن لها ان تكون الشريك القوي في مؤسسات منظمة التحرير اعتماداً على نتائج الانتخابات التشريعية في 25/1/2006 وعلى نتائج الانقلاب يوم 14/6/2007. ولذلك يكون السؤال هو: هل سيحقق الحوار هذه الاهداف لحركة حماس او لبعضها على الاقل ؟؟ واذا لم يكن ليحقق لها ما تريد فلماذا تسعى له ولماذا تقبل به؟ خاصة وانها لا ترى امامها حركة فتح موحدة قادرة على الابداع والخلق والمبادرة، ولا ترى امامها جبهة متراصة تقودها حركة فتح مع الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة المبادرة وحركة فدا وباقي فصائل المقاومة والمستقلين !! بصراحة المطلوب عكس الخطوات الجارية، المطلوب: اولاً : مؤتمر حركة فتح التوحيدي لضخ دماء جديدة شابة في مؤسسات الحركة. ثانياً: عقلية شراكة جبهوية بين "فتح" وباقي فصائل المقاومة والمستقلين تقوم على برنامج سياسي لمواجهة الاحتلال أولاً ولمواجهة الانقلاب ثانياً. ثالثاً : عقد مجلس وطني فلسطيني بمن حضر ليجدد شرعية مؤسسات المنظمة وشخصياتها بدءاً من المجلس نفسه والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية ومجلس ادارة الصندوق القومي واللجان المنبثقة عنه. وبدون هذه الخطوات التي تحتاج لقرار سياسي شجاع وعزيمة قوية وجبهة وطنية متراصة لن يكتب النجاح للمفاوضات لكي تحقق اهدافها. ولن يكتب النجاح لسياسة مقاومة الانقلاب بهدف تعريته ورفع الغطاء الجماهيري عن خطوات حسمه العسكري الدموي المعادي للتعددية والشراكة. "حماس" تنظيم انقلابي شمولي يرتبط بحركة سياسية عابرة للحدود هي حركة الاخوان المسلمين والتي تقف على رأس المعارضة في الاردن وسورية ومصر والكويت واليمن ، وتشارك في الحكم في السودان والعراق، وهي تعارض الاميركيين وسياساتهم في مواقع وتتحالف مع الاميركيين في مواقع اخرى كما هو حاصل في العراق ضد المقاومة وفي سورية ضد حزب البعث، وهي تسعى لفتح الحوار مع الاميركيين في مواقع ثالثة كما عبر عن ذلك خالد مشعل في فلسطين، وهي توقع اتفاقاً لوقف اطلاق نار والتهدئة مع اسرائيل في قطاع غزة، بينما ترفض التهدئة ووقف اطلاق نار في الضفة، وهي تقمع المقاومة المسلحة ضد اسرائيل عبر قطاع غزة وتسعى للتحريض على المقاومة ضد الاسرائيليين في الضفة، ذلك لأن الاتفاق الذي توصلت اليه اسرائيل عبرالوساطة المصرية مقتصر على قطاع غزة . رغبت ان أقول ان حركة حماس وحركة الاخوان المسلمين تنظيم برغماتي غير عقائدي يسعى الى تحقيق انجازات حزبية والوصول الى السلطة باي ثمن. عن صحيفة الايام الفلسطينية 12/11/2008