لماذا فاز اوباما؟ أحمد ذيبان هل كان فوز باراك اوباما حتميا؟ سؤال يخطر ببال البعض في ضوء النصر الكاسح وغير المسبوق الذي حققه على منافسه الجمهوري جون ماكين فكل المعطيات خلال الاسابيع التي سبقت يوم الاقتراع 4 تشرين الثاني كانت ترجح فوز اوباما، وأهمها تركة بوش البائسة من الفشل في السياسة الخارجية والحروب العبثية وانفجار الازمة المالية في وقت ذهبي بالنسبة لحملة اوباما. جميع استطلاعات الرأي كانت تؤكد تفوق الرجل والغالبية العظمى من وسائل الاعلام الامريكية والعالمية انحازت الى جانب اوباما، وكذلك الحال الرأي العام الدولي، فضلا عن قدرة الرجل التنظيمية والكاريزما التي يتمتع بها ،كان الرجل يبدو كأسطورة، والواقع ان عنصر الابهار الذي احدثه اوباما يعود بدرجة اساسية الى لونه فهذه اول مرة في التاريخ الامريكي يطرق فيها مرشح اسود أبواب البيت الابيض بعزيمة تثير الدهشة، والجزء الاكبر من التعاطف الذي كسبه اوباما يعكس نزوعا انسانيا باتجاه المساواة ورفضا للظلم وسياسة التمييز العنصري التي بقيت رواسبها موجودة في النظرة والثقافة والسلوك في المجتمع الامريكي، لكن اوباما ايا كانت مواهبه الشخصية لا يجوز اغفال ان الفضل الاساس في وصوله الى البيت الابيض يعود الى المؤسسة السياسية التي حملته، وهي الحزب الديمقراطي!. كثير من العناصر نجح اوباما في توظيفها.. كسب الاجيال الجديدة ممن لم يصوتوا من قبل والحضور اللافت في اوساط الشباب والنساء، والاقليات الملونة، وقدرة فريقه الانتخابي على جمع مبالغ كبيرة من التبرعات ساهم فيها مختلف الشرائح، فقراء واغنياء، والنجاح الباهر في استخدام الإعلام والدعاية!. الاسئلة تجر بعضها! لو اختار الحزب الديمقراطي، مرشحا آخر غير اوباما، سواء هيلاري كلينتون او رجلا ابيض، وتبنى المرشح البديل البرنامج الانتخابي لاوباما، ونظم الحزب الديمقراطي نفس الحملة الانتخابية، مع توفر الكوارث السياسية والاقتصادية لادارة بوش، هل سيحقق النتيجة التي حصدها اوباما؟ وهل سيحظى بهذا الاهتمام الهائل داخل امريكا وخارجها؟. كان خصم اوباما الجمهوري جون ماكين فريسة سهلة، وربما كان من أكبر اخطاء الحزب الجمهوري اختياره ماكين مرشحه للسباق الرئاسي،فكل عناصر المقارنة بين ماكين واوباما كانت لصالح الاخير، من حيث السن، حيث يبلغ ماكين الثانية والسبعين، فيما منافسه يبلغ السابعة والاربعين ويتمتع بحيوية الشباب، يضاف الى ذلك ان ماكين مصاب بمرض السرطان، وهو يتبنى نفس سياسات بوش الكارثية ،التي تسببت بزيادة منسوب الكراهية للسياسة الامريكية، وادخلت الشعب الامريكي والعالم في متاهة كارثة مالية واقتصادية!. فهل لو كان المرشح الجمهوري شخصا اخر غير ماكين ستكون فرصته أفضل ؟ ثم هل لو اختار ماكين مرشحا غير سارة بايلن لمنصب نائب الرئيس كانت فرصته ستكون افضل؟، حيث كانت بايلن مثار سخرية نظرا لجهلها السياسي وقلة خبرتها وسطحيتها، وثمة اجماع على ان ترشيحها أضر حملة ماكين والحزب الجمهوري!.لم يكن فوز اوباما قضاء وقدرا، لكن الفرصة التي لاحت له كانت استثنائية، وقد استثمرها على خير وجه، ويبقى سؤال أخيرا، ماذا لو لم تكن والدة أوباما سيدة بيضاء؟!. عن صحيفة الرأي الاردنية 12/11/2008