الجولان في الحراكات الإسرائيلية علي بدوان قبل فترة قصيرة، كتب الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي افرايم عنبار في بحث استراتيجي عنوانه «كيف أخفقت إسرائيل في لبنان في صيف 2006»، يقول «إن إسرائيل أخفقت في حربها الأخيرة في لبنان ويرد ذلك الإخفاق إلى عدد من الأسباب هي: فشل الاستعداد، وإدارة إستراتيجية غير مناسبة زمن الحرب، ونصب أهداف غير واقعية، وتجاهل الموقف الاسنادي السوري لحزب الله، مع استمرار الخمود في المسار التفاوضي السوري الإسرائيلي».
كما كتب الخبير الاستراتيجي يفتاح شبير، في مقالة إستراتيجية عنوانها «ازدياد جيش سوريا قوة «يقول «إن الجيش السوري قد أخذ في المدة الأخيرة يزيد قوته في مجالات كثيرة، وخاصة بعد تجديد وإعادة إحياء العلاقات العسكرية مع روسيا، في ظل استمرار المراوحة بعملية السلام بين سوريا وإسرائيل».
أما الخبير الاستراتيجي الدكتور داني بركوفيتش، فكتب في مقالة إستراتيجية عنوانها «الحروب لا تحدث إلا في الصيف»؟
يقول «إن القيادة الإسرائيلية تتابع بيقظة واهتمام وحذر ما يحدث في سوريا في المدة الأخيرة، وهوامش الأمن لدولة إسرائيل ضيقة وقد تكون الأخطاء باهظة الثمن جداً»، وفي مساحة الالتقاء المشتركة يجمع الخبراء الصهاينة الثلاثة على ضرورات الانسحاب الإسرائيلي من الجولان كشرط لابد منه لتوفير السلام لإسرائيل»، وينادون بإحياء المسار التفاوضي الإسرائيلي السوري في انابوليس والتقاط الفرصة المعروضة.
المقدمة أعلاه، كافية لامعان النظر والتحليل بمدى ما تشكله وما تحمله مسألة التسوية المنهارة والمتوقفة فوق هضبة الجولان منذ سنوات طويلة على الجانب الإسرائيلي، والحراكات الداخلية الناشبة داخل إسرائيل على خلفية الانقسام الداخلي بشأن التسوية مع سوريا واستحقاقاتها المطلوبة.
فمنذ فترة ليست بالقصيرة، وتحديداً بعد انتهاء جولات الحرب العدوانية الدموية الإسرائيلية ضد لبنان صيف العام الماضي، بدأت تتعالى الأصوات الإسرائيلية الحكومية والعسكرية والأمنية، تتحدث عن واقع التسوية المأزومة مع سوريا، بعد أن فقد الجيش الإسرائيلي «الهراوة الردعية» في حربه الأخيرة على لبنان، فدفعت إسرائيل ثمناً بشرياً ومعنوياً فادحاً.
وعن مدايات الاستعداد العسكري السوري لتوجيه ما أسماه البعض في إسرائيل (ضربة عسكرية قاسية) لإسرائيل، بل وحدا البعض من القادة الإسرائيليين للقول بأن إسرائيل ستبقى تعيش تحت كابوس الضربة القاتلة من جيش محترف، منادية بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات.
وبالرغم من الضجيج الإعلامي الإسرائيلي بشأن الاستعداد العسكري السوري، انتقلت بعض الأوساط السياسية في تل أبيب للحديث المتفائل بشأن التسوية مع سوريا، مبشرة باحتمالات إقلاع قطار التسوية المتوقف فوق الهضبة السورية منذ عام 2000 عندما انهارت مفاوضات شيبرزداون مع الجانب السوري نتيجة الهوة الكبيرة بين الطرفين بشأن مبدأ الانسحاب الشامل والترتيبات الأمنية وغيرها من المواضيع التي باتت تشكل نقاط استعصاء كبيرة على مسار التسوية بين سوريا والدولة الصهيونية.
أضحت تعقيدات الانسحاب الإسرائيلي من الجولان مطروحة على جدول الأعمال لدى موقع القرار في إسرائيل، بين مؤيد لانسحاب جزئي وانسحاب شبه كامل وبين رافض لمبدأ الانسحاب، وارتفعت بذلك عقيرة أصوات التطرف التي تجاوب معها أولمرت لتغطية إخفاقاته وكسبها إلى صفوفه، فقد همس أيهود أولمرت لبعض رجالات الصحافة الإسرائيلية قبل فترةً قائلاً «هضبة الجولان دون سلام» أفضل من «السلام دون هضبة الجولان»، وأضاف «ستبقى الجولان في أيدينا إلى الأبد».
فالكلام أعلاه لأولمرت قيل بطريقة توحي بدرجة عالية من اللا مسؤولية، ويكذب الادعاءات السلامية الإسرائيلية والكلام المعسول الذي يصدر أحياناً عن تحالف حكومة (العمل + كاديما+.. ) بشأن المفاوضات مع سوريا.
خصوصاً عندما تتراكم المعلومات المتسربة والواردة من على طاولة أولمرت، والتي تشير إلى النوايا التي تؤكد عليها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وقادة الجيش الإسرائيلي الذين يتحدثون عن الحاجة إلى تغيير النظرية الاستخبارية العسكرية بالسرعة الممكنة بالنسبة إلى سوريا، وأن يتم تحديثها بخطوات استعدادية، وعملية فورية.
بما في ذلك زيادة كبيرة لعملية «نشر القوات «العسكرية، وإجراء التمارين والتدريبات العسكرية اللازمة على ضوء التجربة الإسرائيلية الأخيرة في لبنان. وعليه جاءت المناورات العسكرية الإسرائيلية الواسعة فوق أراضي هضبة الجولان. عن صحيفة البيان الاماراتية 29/12/2007