اوباما نتاج أزمة ... أم نهاية مرحلة د. مالك هاني خريسات كان واضحا أن هذه الانتخابات ستصنع التاريخ في أمريكا، إذا ما تم انتخاب رئيس اسود للبيت الأبيض ،وحقيقة أن هذه الانتخابات أعادت شيئا من القيمة الأخلاقية والتاريخية لأمريكا ، حيث استيقظ العالم وقد انتخب الأمريكيون رئيسهم الرابع والأربعين في أطول الحملات الانتخابية وأكثرها حماسا في تاريخ الولاياتالمتحدة ، فعرف اوباما المفوه بالخطاب ماذا يريد الشعب الأمريكي المرهق اقتصاديا والمنهك عسكريا بسبب فشل سياسات الرئيس الجمهوري بوش الابن ،فاستطاع اوباما أن يجعل من كلمة (تغيير) وصفة سحرية مؤثرة على الشعب الأمريكي الناخب بمهارة ولغة سلسة وسهلة ومغلفة بجدية وصدق وابتسامة . تمكن اوباما من تنظيم حملة انتخابية تعتبر من انجح الحملات وتدعيم شعاراته بأفضل الكلمات ، فجاب الولايات حاملا رؤية واضحة وإستراتيجية وطنية تتجاوز الألوان والأجناس والطبقات ،مستغلا الإخفاقات في السياسات ،فجاءت رئاسته تتويجا لمسيرة النضال الطويل لمارتن لوثر كينج من اجل ترسيخ الحقوق المدنية ووضع نهاية لأي نوع من أنواع التفرقة العنصرية ،كما أنهى الرئيس جون كندي الكاثوليكي التفرقة المذهبية الدينية . الانتخابات الأمريكية كانت الأقرب إلى حرية الاختيار ونزاهة الممارسة فأصبح الشعب الأمريكي ناضج العقل وبالغ الفكر ليقبل برئيس أمريكي اسود في البيت الأبيض . شاءت الظروف أن تتزامن هذه الانتخابات مع ذكرى وعد بلفور المشؤوم الذي منح بمقتضاه اللورد البريطاني اليهود وطنا قوميا في فلسطين. فهل الذاكرة التاريخية ستعيدنا إلى حقبة الوعود وتجاهل الحقوق الفلسطينية وتأييد السياسة الإسرائيلية في مواصلة الاستيطان وتدعيم الاحتلال . وعليه فان كان اوباما رجل التغيير فهل سيصنع عصر التجديد ويحقق السلام المنشود في عالم مستعر بالأزمات والحروب . بقي أن نقول إن الاحتجاج على دعوة الرئيس الأمريكي روزفلت آنذاك لأحد الشخصيات السود في البيت الأبيض لم يعد قائما إذا علمنا أن سيد البيت الأبيض رجل اسود ، هذا التغيير الهائل ينبئ أن عجلة الديمقراطية لا تسير إلى الخلف . عن صحيفة الرأي الاردنية 10/11/2008