اوباما " بعد الفوز ".. بعيون اسرائيلية!! محمد خرّوب لم ترتبك اسرائيل او تتلعثم، بعد الاعلان عن فوز باراك حسين اوباما، ومعظم قادتها - ان لم يكن كلهم - ابدوا ميلاً واضحاً ومعلناً لصالح المرشح الجمهوري جون ماكين، الا انهم التقوا في النهاية - ساسة، قادة احزاب ومؤسسات عسكرية وامنية، على ان اياً من المرشحّيْن هو صديق لاسرائيل، وأن الاخيرة لن تخرج عند ساعة اعلان النتائج النهائية، الا رابحة.. هذا الشعور (بالربح) لم يفارق تعليقات المحللين وقراءاتهم، بل ان الملاحظ هو ما كتبه زعيما حزبي العمل والليكود على صفحات جريدة يديعوت احرونوت واسعة الانتشار، والاكثر مبيعاً وتأثيراً في الجمهور وصنّاع القرار في اسرائيل يوم الخميس الماضي 6/11، وقد بدت رسالة ايهود باراك وزير الدفاع زعيم حزب العمل التي جاءت تحت عنوان لدينا صديق في البيت الابيض حافلة بكلمات الاطراء والثقة، بأن اوباما لن يخذل اسرائيل وان كانت اعادت الكلمات ذاتها التي دأبت اسرائيل وادارة بوش المنصرفة تكرارها في السنوات الاخيرة .. انت تدخل لمنصبك في مفترق تاريخي.. هذه لحظة تحديات حرجة للعالم الحر (..) الذي ينتظر قيادتك: أزمة اقتصادية عالمية، تهديدات بنشر اسلحة الدمار الشامل في انظمة متطرفة ومنظمات ارهابية .. ثم يذهب باراك بعيداً في مغازلة اوباما او التزلف له عندما يتحدث عن: ... ضعضعة الميزان الدولي في ظل ضعضعة مكانة الولاياتالمتحدة في العالم .. الى أن يخلص الى القول شخصيتك الآسرة وجدت السبيل الى قلوبنا. وانا اعرف، بأن لنا صديقاً في البيت الابيض، اسرائيل هي صديقة وحليفة الولاياتالمتحدة القريبة وهكذا ستبقى. نحن ممتنون من الصداقة ومن التأييد لديمقراطيتكم الاكبر والاقوى ونؤمن بأنك ستواصل تقاليد الصداقة بين شعبينا، اللذين يتقاسمان قيماً مشتركة.. عيون العالم الحر تتطلع اليك بالسمو والنجاح .. اما بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود والاكثر حظاً في الوصول الى منصب رئيس الوزراء في انتخابات الكنيست الثامنة عشرة التي ستجري في 10 شباط المقبل (أي بعد عشرين يوماً من دخول اوباما البيت الابيض رسميا).. فقد جاءت رسالته على صفحات يديعوت احرونوت، طافحة بالغطرسة والغرور وهي أقرب الى بيان سياسي ومحاولة لرسم خريطة طريق للرئيس الاميركي المنتخب، اذا ما اراد التدخل في عملية السلام حيث عرض نتنياهو السلام الاقتصادي على الفلسطينيين، واللافت انه خاطب اوباما من موقع رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم في ثقة واضحة بأنه سيفوز في الانتخابات المقبلة.. وهو اذ يبدأ رسالته التي حملت عنوان سنعمل معاً لتحقيق السلام ، بمخاطبة اوباما ب صديقي الرئيس المنتخب فإنه يذهب الى الحديث السياسي مباشرة بعد التهنئة قائلا اني على قناعة بأننا سنتمكن من التعاون كي ندفع السلام، الأمن والازدهار في منطقتنا الى الامام، اتذكر جيداً لقاءاتنا الحميمة والممتازة، واضح لي بأن حكومة اسرائيل (برئاستي) ستتمكن من العمل معك بذات الحميمية، والعلاقة الحارة التي ابديتها في لقاءاتنا .. ثم يذكّر اوباما بلقائه الثاني معه في القدس ويقول له إنك (يقصد اوباما) ابديت اهتماماً بنهجي في ان الطريق الى حثّ السلام السياسي يمر عبر السلام الاقتصادي (..) بيننا وبين جيراننا. وبالتوازي مع المفاوضات السياسية وترسيخ الامن، فإنني اعتزم ان اقترح على السلطة الفلسطينية تطوير مبادرات اقتصادية مشتركة مع اسرائيل، الخطوة التي بوسعها ان تقدم السلام السياسي ، ثم يواصل نتنياهو بغطرسة واضح من تلقاء نفسه ان دعم الولاياتالمتحدة لهذه المسيرة ستساعد كثيراً في نجاحها .. المضامين التي انطوت عليها رسالتا باراك ونتنياهو لا تخفى على احد، والمراقب لما كتب واذيع وبُثّ في وسائل الاعلام الاسرائيلية المختلفة، يلحظ بوضوح ان اسرائيل تركز على طواقم المستشارين الذين يحيطون بالرئيس الاميركي المنتخب والفريق الذي يقف الى جانبه، ولهذا تكاد ان تكون العبارة الشهيرة قل لي من هم مستشاروك اقول لك كيف ستكون سياستك هي القاسم المشترك في تحليلات المحللين والكتّاب، على شاكلة المحلل السياسي في صحيفة هآرتس عكيفا الدار (6/11) انه يتواجد حول اوباما مستشارون يهود وهم من مؤيدي اسرائيل ، ثم يضيف بطبيعة الحال، فإن رئيساً ديمقراطياً حصل على دعم يهودي جارف، سيسعى الى عدم اغضاب هذه الجالية الصغيرة، لكن الغنية والنشطة في الوقت ذاته.. وهو - يواصل الدار - سيجد في غرفة مكتبه في البيت الابيض رؤية بوش للدولتين وخارطة الطريق، وسيجد ايضاً نسخة من الرسالة التي بعثها بوش الى ارائيل شارون وتتضمن تعهداً بأن الولاياتالمتحدة ستدعم اتفاقاً يستند الى انسحاب اسرائيل من جميع المناطق في الضفة الغربية باستثناء الكتل الاستيطانية وعودة لاجئين الى الدولة الفلسطينية .. ماذا والان؟. لعل ما كتبه يوئيل ماركوس في صحيفة هآرتس يوم الجمعة (7/11) يلخص وجهة نظر كثير من الدوائر الرسمية الشعبية والحزبية في اسرائيل .. يهود كثيرون في ارجاء الولاياتالمتحدة قلقون من انتخاب اسود للرئاسة. خوفهم هو ان يكون ميالاً لتأييد الفلسطينيين اكثر من اسرائيل، كما اشار في عدد من تصريحاته.. ولكن خطابه امام مؤتمر ايباك غداة انتخابه مرشحاً عن الحزب الديمقراطي كان ؟ بشهادة مارتن انديك ؟ زاخراً بالتأييد المعتاد لاسرائيل بما في ذلك تصريحاً صريحاً منه بأن المشروع النووي الايراني هو تهديد خطير، وأنه سيفعل كل ما في وسعه لمنع طهران من الوصول الى السلاح النووي، ثم ينتهي الى قول لافت وفي المسألة الخالدة حول كونه جيداً أم سيئاً لليهود، هذا الامر يعتمد على أمور كثيرة، مثلا عندما يأتي رئيس جديد للبيت الابيض يغادر حوالي خمسة الاف من الموظفين مناصبهم. اذاً هذا الامر يعتمد على اسماء مساعديه الرئيسيين، من الذي سيصبح وزير الخارجية ووزير الدفاع واية صلاحيات ستكون بيد نائبه جو بايدن السياسي واسع التجربة، ان اوباما محاط بمجموعة من اليهود وعلى القيادة الاسرائيلية القادمة ان تبني معه علاقة تقوم على التعاون .. هل طرح العرب، وخصوصاً الفلسطينيين على انفسهم سؤالا كهذا؟.. واذا كان الجواب نعم.. فأين هم اصدقاؤهم؟.. هلا ذكروا لنا اسماً واحداً فقط؟. عن صحيفة الرأي الاردنية 9/11/2008