الإخوان المسلمون.. كل هذه الانتهازية؟! سليم عزوز تعري الإخوان المسلمون، في مصر وفي الأردن، حتي بدت للناظر سوءاتهم، بعد أن سقطت عنهم أوراق التوت، التي تستر العورات!. في الأردن كان سقوطهم المدوي في الانتخابات التشريعية كاشفا لانتهاء اللعبة، وانفضاض الجماهير من حولهم، وهم الذين استغلوا عداء السلطة للقوي والتيارات الأخري، فتحالفوا معها وتمددوا في الفراغ، وباعوا الآخرين، فالأكل علي موائد أهل الحكم أشهي!. وقد يكون التحالف مع الأنظمة، علي حساب القوي السياسية الأخري، مفيدا لبعض الوقت، لكن سرعان ما يفقد الثقة والاعتبار، علي النحو الذي جري في الانتخابات الأردنية، فلم يجدوا سوي شماعة التزوير يعلقون فيها فشلهم، وانصراف الناس عنهم، في انتخابات قاطعتها المعارضة الجادة، ووجد الإخوان في المقاطعة فرصة لهم ليقوموا بدور التيار السياسي الوحيد في الساحة، وهي عادتهم ولم يشتروها، ففرصتهم الوحيدة في غياب او تغيب الآخرين، وفي كل مرة يستيقظون من تحالفاتهم السياسية علي كارثة، وكانت في الأردن في فقدانهم لثقة الناخب هناك!. في مصر جرت انتخابات نقابة الصحفيين مؤخرا، وكانت معركة بين الحكومة من جهة، وتيار الاستقلال النقابي من جهة أخري، وهو التيار الذي يحسب الصحفيون الإخوان عليه، وقد بدت انتهازية الإخوان منذ اللحظة الأولي، فهم كانوا طول الوقت في انتظار أن تنظر لهم السلطة نظرة دلال ليرموا أنفسهم في أحضانها، وعندما لم تفعل ناضلوا من أجل أن يدلفوا إلي رحابها من ثقب الإبرة ، ليؤكدوا انتهازيتهم، ويتقربوا من أهل الحكم بالنوافل، فإن أغلقوا الباب فلا بأس من أن يتعلقوا بأستارهم!. لعلكم شاهدتم مسرحية ريا وسكينة ، أو شادية وسهير البابلي، وكيف رأينا في زواج إحداهما بالشاويش عبد العال إنجازا تاريخيا، فهما، ومعهما زوج سكينة عبد المنعم مدبولي قد ناسبا الحكومة وأصبحوا حبايب ، وهذا هو دأب الإخوان في محاولتهم - علي مر تاريخهم - التقرب من السلطة، او من يمت لها بصلة ولو كان في رتبة دنيا كرتبة الشاويش عبد العال. كان تيار الاستقلال قد رشح رجائي الميرغني، بينما مرشح الحكومة هو مكرم محمد أحمد، او مرشح الدولة حسب قوله. وحسب وضع الإخوان المفروض عليهم، فإن انحيازهم ينبغي ان يكون للأول، ومع هذا فقد مارسوا المناورة علي أوسع نطاق، وأطلقوا التصريحات المتناقضة، التي تصيب الساحة بالإرباك، اكثر مما تكشف عن الموقف!. كانوا ينتظرون من تصريحاتهم المراوغة كلمة أو نظرة عين من مرشح الحكومة، لكن مكرم محمد أحمد كان واضحا في هذه النقطة، فقد أعلنها انه لا يريد أصواتهم، ومع هذا لم يفقدوا الأمل، وظلوا يراوغون في انتظار الفرج. تسأل أحدهم فيقول لك مستحيل أن نقف مع مكرم لأنه مرشح الحكومة أولا، ولأنه كثير الهجوم عليهم ثانيا. وتسأل آخر فيقول إن الجماعة تركت لأعضائها حرية الاختيار علي موقف النقيب، وعندما يقولون ذلك فلا تصدقهم، فقوم تربوا علي السمع والطاعة، ولا يمكن أن يترك لهم حرية الاختيار، لأنهم سيفشلون في اختبار الحرية.. لكنها المناورة!. الذين يحسنون الظن بالإخوان قالوا إن أصواتهم لرجائي الميرغني مسألة محسومة وناموا.. جميل يقين العوام، انه شبيه بالراحة الأبدية. وبعد أن ألقت الحرب أوزارها تبين أن قرارا سريا اتخذ قبيل اجراء الانتخابات بساعات بأن يقف الإخوان مع مكرم، وتسأل من باب أن المعلومة ضالة الصحفي، فلا تتوصل لشيء.. إنه إدمان المناورة، كما كان الإمام الشهيد!. في الانتخابات التي أجريت قبل أربع سنوات، تحالف الإخوان، وفي صفقة أمنية، مع أحد الصحفيين المقربين من أجهزة الأمن، ووقفوا خلفه بالباع والذراع، ولم يكلفه هذا إلا التواضع والصلاة خلف المرشد العام، وفي هذه الانتخابات بحثوا عن من يمكن ان يجدوا فيه ما يمكن ان يقربهم من الحزب الحاكم ذراعا، فالتفتوا يمينا ويسارا، وأعلنوا أن زميلنا عبد المحسن سلامة مرشحا علي قوائمهم، ولم يكن الوحيد من بين المرشحين المنتمي للحزب المذكور، لكن كان في اختيارهم له دلالة، فهو الحصان الرابح في هذه الانتخابات، وبالتالي يمكنهم القول إنه نجح بدعمهم له!. قبل تحديد موعد الانتخابات كان رأيي أن سلامة سيحصل علي أعلي الأصوات، فقد كانت مواقفه المنحازة للصحفيين بالمؤسسة التي يعمل بها تأتينا عبر زملائه، بشكل جعلني أقول انه مشروع نقيب جديد، أن جاء مستوي أدائه النقابي علي درجة الأداء في الأهرام، ولم يكن من فراغ ان يحصل علي أعلي الأصوات في الانتخابات التي أجريت قبل عام لاختيار أعضاء بمجلس إدارة هذه المؤسسة الصحفية، وهو يميز بين عمله المهني وانتمائه للحزبي، يكفي انه كتب أكثر من اثني عشر مقالا مهاجما التعديلات التي أدخلت علي الدستور المصري، مما يذكرنا بتجربة الراحل جلال عيسي وكيل نقابة الصحفيين الأسبق، الذي لم تكن عضويته في الحزب الحاكم سببا في أن يلبث استقامته بظلم!. ولم يكن الإخوان معنيون بكل هذا، فما يهمهم هو أنه عضو في الحزب الحاكم، وأنه ناجح باكتساح بهم ومن دونهم، إذن فليعلنوا مساهمتهم في هذا النجاح. من المثير أن المسؤول عن الملف قبيل إعلان النتيجة هنأ عبد المحسن بالنجاح، وقال في شموخ مضحك: علي عهدنا. وكان هذا علي مشهد من كثيرين، ربما كان يهدف الي توصيل رسالة، وفي الواقع أن تصرفاته في مرحلة الانتخابات كانت مثيرة للسخرية والاستهجان.. لا بأس فهو جديد في الكار!. علي الرغم من ذلك فلم يتحالف الإخوان مع المنتمين لتيار الاستقلال، وان كان من شيعتهم، ما داموا ليسوا إخوانا يجري في عروقهم الدم الأزرق، فقد وعدوا الكل وخذلوا الكل، ليثبتوا حقا انهم من الإخوان!. عقب إعلان النتيجة باع الإخوان حلفاءهم الناصريين، وناسبوا الحكومة، وتوج أحدهم وكيلا ثانيا، والثاني رئيسا للجنة الحريات تحت الوصاية ، وكانوا في الموقعين من الزاهدين، لكنها الرغبة في أن ينالوا الرضا السامي، او حتي كلمة ونظرة عين كما تقول الست.إنها انتهازية الإخوان التي لازمتهم منذ النشأة. عن صحيفة الراية القطرية 12/12/2007