نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة والنقباء الفرعيين لاجتماع لبحث ترتيبات الجمعية العمومية الطارئة    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    «السياحة»: عودة أولى رحلات «الحج البري» من الأراضي المقدسة اليوم    موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر يونيو 2025.. الزيادة الجديدة وطرق الاستعلام    قرارات الرئيس الأمريكى تُشعل نيران التوتر.. أسباب عديدة لجذور الخلاف بين الرئيس الجمهورى والحاكم الديمقراطى أقوى المرشحين للرئاسة الأمريكية    أسوشيتد برس: روسيا تتجنب العقوبات الغربية لتعزيز وجودها العسكرى فى أفريقيا.. شحنات وإمدادات عسكرية ل «فيلق أفريقيا» الروسى لبسط الهيمنة بغرب القارة    فيفا يدرس توسيع كأس العالم للأندية إلى 48 فريقًا بدءًا من 2029    بعد حرب الرسوم.. ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الصين يشمل المعادن النادرة    المصري يشكل لجنة للإشراف على اختبارات قطاع الناشئين    شوبير: أزمة كثرة النجوم في الأهلي مصطنعة    إنذار أكاديمية سباحة بسبب مخالفة العقد في مركز شباب دمياط    أحمد مرعي: معسكر الصين فرصة جيدة لإعداد المنتخب الأولمبي لكرة السلة    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إعلان أوائل الشهادات الأزهرية.. ومصادرة سلع قبل بيعها بالسوق السوداء    خناقة ولإد العم... إصابة شخصين في مشاجرة بسبب لهو الأطفال بالعمرانية    ماجد الكدواني: «أنا وكريم عبدالعزيز بنخاف من الكوميديا.. ودا اللي اتفقنا عليه» (تفاصيل)    من قلب الجيزة.. المتحف المصري الكبير يحكي قصة الأجداد    بأنشطة متنوعة.. قصور الثقافة بأسيوط تطلق برنامج الأنشطة الصيفية    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 (تفاصيل)    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    مصطفى شوبير: الأولوية للأهلى والصفقات الجديدة إضافة قوية فى كأس العالم للإندية    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    ترامب لنتنياهو: أوقف حرب غزة فورًا.. وامتنع عن تهديد إيران    تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة    "مياه الفيوم": تحليل 36 ألف عينة لمتابعة جودة مياه الشرب والصرف خلال مايو 2025    اتحاد ألعاب القوى يتفق على تدريب المنتخب في ملاعب جامعة قناة السويس    «رزق الهبل».. منى زكي تتعاقد على فيلم جديد من إخراج كاملة أبو ذكري    "كل شيء مُدمر".. تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة.. فيديو    «الأَوْطَانُ لَيْسَتْ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    «الجذام إلى زوال».. دراسة ترسم خريطة الأمل للقضاء على المرض في مصر    السمسم للقلب- إليك فوائده    احتفظ بقشر الكيوي- 5 فوائد يقدمها لصحتك    تأجيل استئناف المتهم الرئيسي في "تظاهرات الألف مسكن" ل14 يوليو    هل يستمر أوسيمين؟.. جالاتا سراي: الفرص تتزايد يوميًا    الضويني ناعيا مدرس الأزهر المقتول: لقي مصرعه في المكان الَّذي رجع إليه ليكون آمنًا مع أهله    محافظ الدقهلية: تكثيف الترويج للفرص الاستثمارية وتيسير الإجراءات لخلق مشروعات جديدة    أحمد عبد الحميد ينضم إلى أبطال مسلسل "ابن النادي"    وزير الري: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تُهدد استقرار الإقليم    بعد إخراج كافة المستشفيات عن الخدمة.. صحة غزة: الوضع كارثي    رغم تحذيرات الصحة العالمية..حكومة الانقلاب تتجاهل متحور "نيمبوس" شديد العدوى سريع الانتشار    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر رغم العقبات    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    مش بس بالفلوس.. تعرف على أكثر 5 أبراج كرمًا فى كل شيء    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    وزير المالية: اقتصاد مصر يتحسن.. و«اللي جاي أفضل»    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الاستمرار والتغيير في سياسة أميركا تجاه المنطقة / د. إبراهيم عرفات
نشر في محيط يوم 04 - 11 - 2008


عن الاستمرار والتغيير في سياسة أميركا تجاه المنطقة
د. إبراهيم عرفات
تخرج أميركا اليوم إلى انتخابات جديدة. وبعد بضع ساعات ستُعلن النتائج. لكننا لن نعرف غير اسم المرشح الفائز. أما سلوكه فلن نكتشفه إلا بعد مرور قدر من الوقت. صحيح أن أوباما وماكين قالا عن منطقتنا خلال حملتيهما الانتخابية كلاماً كثيراً، إلا أنه كلام. وفي السياسة لا يمكن بناء الأحكام على الكلام، لأن الكلام كثيراً ما يتغير حينما يحين وقت ترجمته إلى أفعال. وليس أفضل في هذه اللحظة لذلك من الاستعانة ببعض العلامات الاسترشادية التي قد توضح حظوظ منطقتنا مع الإدارة الأميركية القادمة بين الاستمرار والتغيير. وأضع أمام القارئ الكريم هنا سبع علامات.
العلامة لأولى: أن انتخابات الرئاسة الأميركية تبدو بالنسبة لكثير من مناطق العالم أشبه بموسم لتجديد الأمل في الولايات المتحدة ومحاولة لاستعادة الثقة المفقودة في سياساتها. ومنطقتنا العربية واحدة من المناطق الحالمة بتغيير المواقف الأميركية، بل هي في مقدمتها. إذ لديها أزمة ثقة عميقة في أميركا تود لو انتهت. فلما يزيد على نصف قرن كان العرب يجددون تمنياتهم مرة كل أربع سنوات في أن تكون الإدارات الأميركية القادمة أفضل من الراحلة. لكن تمنياتهم كثيراً ما أحبطتها المواقف الأميركية. ومع هذا لا يزال بينهم من يتمنى ومن يغلب الظن في أن تكون الإدارة القادمة أفضل بداعي أنه لا يمكن أن يكون هناك أسوأ من إدارة بوش الابن. لكن استطلاع رأي الجمهور العربي يُشير إلى أن الاستبشار بالرئيس الأميركي القادم ليس كبيراً، وأن الأمل في مرشح بعينه، حتى لو كان باراك أوباما، ليس مطلقاً. وهو ما أظهره استطلاعان للرأي العام أجراهما معهد جالوب وهيئة الإذاعة البريطانية تبين منهما أن شعبية أوباما وإن زادت على شعبية ماكين في كل الدول العربية والإسلامية، شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم، إلا أن غالبية العرب والمسلمين لا تضع ثقتها في أي من المرشحين. فعلى سبيل المثال أشار 56% من الفلسطينيين و61% من المصريين و91% من الباكستانيين و70% من الأتراك إلى أنهم لا يرون أن الصورة ستختلف لو أتى أوباما أو تولى ماكين. الأمر لديهم سيان والأمل عندهم في السياسة الأميركية محدود. ولديهم كل الحق. فبعد نصف قرن من التجديد المتكرر للأمل أصبح التفكير العربي الشعبي أكثر تواضعاً في توقعاته من الولايات المتحدة.
العلامة الثانية: أن مواقف أوباما وماكين تجاه منطقتنا تبقى إلى الآن مواقف مرشحين. ومواقف المرشحين دائماً ما تختلف عن مواقف الرؤساء. فالمرشح لديه حرية أكبر. بإمكانه أن يقول كلاماً كثيراً يرضي به هذا ويقنع به ذاك. فهمه الأول كسب المؤيدين والأنصار. أوباما مثلاً قال كلاماً أزعج اليهود وأسرهم، وأغضب الإيرانيين وأسعدهم. أما الرئيس فمقيد دائماً بضوابط صارمة لا يستطيع تجاوزها. ولهذا سواء نجح ماكين أم وصل أوباما فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة ستبقى محكومة بنفس الأهداف التي وضعت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الآن: ضمان أمن إسرائيل، وتدفق إمدادات النفط، واستقرار النظم الصديقة، واحتواء القوى الدولية المنافسة. كما ستظل تدور في فلك الضوابط المؤسسية الأميركية التي لا تتيح تغييراً جذرياً في التوجه نحو المنطقة من رئيس إلى آخر، ومن بينها التأثير القوي للكونغرس وجماعات الضغط النافذة وأبرزها اللوبي الإسرائيلي وشركات صناعة السلاح ومؤسسات الطاقة العملاقة.
العلامة الثالثة: أن مواقف أوباما وماكين من القضايا الخاصة بالمنطقة كانت تتشابه مع بعضها البعض كلما اقترب موعد الانتخابات. صحيح أن كلاً منهما حاول في بداية الحملة الانتخابية تبني مواقف متماسكة تميزه عن الآخر، إلا أنه مع وصول الحملة إلى نهايتها أصبحت مواقفهما أقل تماسكاً لأن الهدف، كما سبق، هو كسب المؤيدين على كل جانب وليس التمسك بمواقف نهائية. ومن يقارن مواقف أوباما بمواقف ماكين تجاه المنطقة يلمس أن ما بينهما من تشابه يزيد على ما بينهما من اختلاف. فبالنسبة للقضية الفلسطينية مثلاً نجد أن أوباما يعتقد أن نجاح التسوية السلمية من شأنه أن يلغي الذريعة التي تعتمد عليها جماعات الإسلام الراديكالي في تهديد المصالح الأميركية في المنطقة. وهو ما يرفضه ماكين. لكن أوباما برغم هذا الاختلاف يؤكد - شأنه شأن ماكين - أنه لا يحق لأحد أن يضغط على إسرائيل أو يجرها إلى السير في عملية التسوية على عكس إرادتها. وحتى في قضية العراق يوجد بين الرجلين قدر من التشابه برغم أن الظاهر على السطح أنهما مختلفان حولها جذرياً. فماكين لا يريد الانسحاب المجدول من العراق ويدعم إقامة قواعد أميركية دائمة على أراضيه. أما أوباما فتعهد بسحب القوات الأميركية من هناك خلال ستة عشر شهراً ورفض فكرة القواعد العسكرية جملةً وتفصيلاً. لكن أوباما مع ذلك تعمد أن يترك باباً خلفياً لبقاء أميركا في العراق بل وانتشارها من جديد لو استدعى الأمر. فقد تعهد بالإبقاء على حجم محدود من القوات الأميركية هناك لمقاومة القاعدة، إلى جانب الاحتفاظ بحق التدخل في العراق لو تبين أن ثمة أعمال إبادة طائفية قد تحدث ولا يمكن وقفها إلا بعودة القوات الأميركية.
العلامة الرابعة: سواء جاء ماكين أو تولى أوباما فإن الرئيس الأميركي الجديد لن يتعامل مع قضايا جديدة في المنطقة وإنما مع نفس القضايا التي تعاملت معها كافة الإدارات الأميركية على الأقل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. ولا أبالغ لو قلت إن بعض هذه القضايا ظل عالقاً منذ حرب الساحل البربري الأولى التي خاضتها الولايات المتحدة ضد تونس وطرابلس والجزائر والمغرب ما بين 1801 و 1805 بحجة الدفاع عن حرية التجارة في البحر المتوسط ضد أعمال القراصنة العرب والمسلمين. لكن على الأقل منذ الرئيس الثالث والثلاثين، هاري ترومان، وحتى الرئيس الثالث والأربعين، جورج بوش، والعلاقات العربية - الأميركية تدور حول قائمة شبه ثابتة من الموضوعات. وكلها قضايا سياسية وثقافية واقتصادية ممتدة ومركبة. من بينها الموقف من إسرائيل، والطاقة، والاستقرار الإقليمي، والإصلاح السياسي. وقد حافظت الولايات المتحدة في كل قضية منها على خط استراتيجي ثابت لا يتوقع أن يغيره ماكين أو يبدله أوباما. قد تتغير بعض التفاصيل أو تختلف الوسائل، لكن ستبقى الخطوط العامة كما هي: أمن إسرائيل، وأمن الطاقة، وأمن النظم الحليفة، ومطالبة بالإصلاح السياسي تزداد حيناً وتقل حيناً آخر بحسب ما تسمح به الأحوال وما تقتضيه المصالح. وزاد على هذه القضايا في السنوات الأخيرة مسائل أخرى لا تقل عنها تعقيداً على رأسها الحرب على الإرهاب التي ورطت واشنطن العالم العربي فيها ثماني سنوات، وقذفت بالعراق بسببها إلى حالة من الغموض ستبقى لفترة طويلة قادمة برغم ما يقوله أوباما وماكين عن أن لديهما تصورا واضحا بشأن معالجتها.
العلامة الخامسة: أن الولايات المتحدة ستظل على الأرجح مع الرئيس الأميركي الجديد وكما كانت مع الرؤساء السابقين قوة مفرقة في الإقليم سواء بين الدول العربية وبعضها أو بين القوى الاجتماعية والسياسية في كثير من بلدانه. ولا ينكر أحد بالطبع أن الدول العربية منقسمة أصلاً على نفسها قبل أن تتدخل أميركا في شؤونها بمدة طويلة. لكن دخول واشنطن بقوة إلى الشرق الأوسط جعل منها أحد المحددات الرئيسية لكثير من السياسات والقرارات بما في ذلك قضايا تمت في بعض الأحيان للسيادة والاستقرار المحلي. والأمثلة عديدة. خذ مثلاً موقف الولايات المتحدة من القومية العربية والانقسام الذي أحدثته في العالم العربي حينما دعمت الدول المحافظة ضد الدول التقدمية. أو موضوع الاقتصاد الحر الذي تتبنى واشنطن مهمة نشره عالمياً. فقد كان ولا يزال موضعاً لجدل واسع في البلدان العربية خاصةً بعد أن أفرز أغلبية جماهيرية تخسر بلا توقف وأقلية ثرية تكسب بلا حساب. أو خذ عملية السلام التي ترعاها واشنطن وتسببت في تمزيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتشتيت المواقف العربية بين مساير للرعاية الأميركية ومعترض عليها. أو الموقف من حزب الله وحماس وإيران والغزو العراقي للكويت والمشاركة في الحرب على الإرهاب ونشر الديمقراطية وقضايا أخرى ساهم السلوك الأميركي للديمقراطيين والجمهوريين على السواء في زيادة الجدل والانقسام العربيين من حولها.
العلامة السادسة: أن الرئيس الأميركي الجديد سيبدأ التعامل مع المنطقة العربية والولايات المتحدة في لحظة استثنائية. لحظة تختلف عن تلك التي تقلد فيها بيل كلينتون الرئاسة من جورج بوش الأب في 1992. فبيل كلينتون وصل إلى البيت الأبيض وأميركا على قمة النظام الدولي بعد أن حققت انتصاراً حاسماً في الحرب الباردة على الاتحاد السوفياتي. أما أوباما أو ماكين فسيتحمل واحداً منهما المسؤولية وأميركا في لحظة ضعف لا تخفى على أي مراقب. ضعف نسبي بالطبع وليس مطلقا، لكن مظاهره تظل بالغة الدلالة. فهناك عدم نجاح في العراق يُقدر بأنه سيكلف الموازنة الأميركية حوالي 7,2 تريليون دولار لو خرجت القوات الأميركية من هناك بعد 16 شهراً كما يقترح أوباما. وهناك أزمة مالية ضاغطة خسر الاقتصاد العالمي بسببها إلى الآن عشرة تريليونات دولار نصفها على أفضل تقدير تحملته الولايات المتحدة وحدها. ثم إن هناك تراجعاً ملموساً في المكانة الأخلاقية للولايات المتحدة بسبب حربي أفغانستان والعراق وما صاحبهما من أعمال تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان، إلى جانب الصعود السريع لروسيا والصين بشكل يؤكد أن زمن القطب الواحد بدأ في الانحسار. وكل هذه المظاهر من الضعف النسبي قد تُغري في منطقتنا قوى الممانعة والمقاومة سواء دولاً أو أحزاباً أو جماعات على مواصلة السير في نهج التشدد والعمل على استنزاف الإدارة الأميركية الجديدة بدلاً من منحها فرصة لالتقاط الأنفاس.
العلامة السابعة: يبقى للمفاجآت دوماً دورها في تعميق التشابك الأميركي مع المنطقة. فالسياسة الأميركية للرئيس الجديد لن يحددها النص الذي قرئ منه خلال جولاته الانتخابية ولا الكلام الذي قاله خلال المناظرات، وإنما ستحكمه التطورات الفعلية على الأرض. والمنطقة العربية حبلى دائماً باحتمالات اندلاع أحداث مفاجئة تعقد علاقة المنطقة بأميركا. فماذا سيحدث مع أميركا لو انفجرت مشكلة مفاجئة؟ ماذا لو تجدد الصراع المسلح مثلاً بين فتح وحماس، أو جرت مناوشات بين إسرائيل وحزب الله، أو انفجر عنف طائفي في العراق أو لبنان، أو قررت روسيا لحسابات تخصها زيادة دعمها لطهران، أو وقع عمل إرهابي ضخم ضد المصالح الأميركية؟ فتطورات من هذا القبيل لو وقعت كلها أو بعضها قد تدفع على الأرجح بالإدارة الأميركية الجديدة إلى تبني نفس المواقف التي تبنتها إدارات سابقة، مما يُكرس قواعد السلوك المعتادة بدلاً من البحث عن قواعد جديدة.
لهذا كله، فإن الأمل في حدوث تحول في السياسة الأميركية تجاه المنطقة في السنوات الأربع القادمة قد يقف عند تغيير الأدوات بحيث تنزع واشنطن أكثر إلى الدبلوماسية والحوافز بدلاً من العسكرة والعقوبات، وهو أمل يمكن أن يتعزز لو أن باراك أوباما وصل إلى البيت البيض. لكن بصرف النظر عن المرشح الفائز، فإن الأهداف الأميركية والقضايا التي تهمها في المنطقة لن تشهد تحولاً كبيراً مما يرجح أن تكون فرص الاستمرار أكبر من فرص التغيير، وأن تظل القضايا الكبرى المعلقة من عقود على ما هي عليه برغم ما سيبذل من جهد لحلها.
عن صحيفة الوطن القطرية
4/11/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.