ناقد رياضي لمرة واحدة فقط! محمد صادق دياب ربع قرن من حياتي قضيته أجري خلف الكرة أو الساحرة المستديرة، ولم أجن منها سوى قبض الريح، فأقصى ما حققته في مضمارها كلاعب الجلوس على «دكة الاحتياط»، ولذا قررت أن استفيد من تلك الخبرات المهدرة لأتحول إلى كاتب رياضي لمرة واحدة فقط، أنظر فيها في شؤون الكرة كما ينظر الكثيرون ممن لا يفرقون بين ضربة الجزاء وضربة الشمس.. فبعد كل هزيمة للمنتخب السعودي يضغط الكثيرون على زر الكلام، وغالبا ما يتحول المدرب واللاعبون إلى ضحايا تنهال عليهم خناجر المنظرين دون رحمة، وهذا ما حدث بعد هزيمة المنتخب السعودي أمام المنتخب الليبي في مسابقة «عربي 11» المقامة في مصر.. وفي تقديري أن مشكلة اللاعب السعودي الرئيسية تكمن في افتقاره إلى الخبرات الاحترافية في الخارج، فتجربة احتراف اللاعب السعودي عالميا لم تزل تصطدم بصخرة تمسك الأندية السعودية بلاعبيها، وعدم نضوج النظرة المستقبلية لمردود احتراف اللاعب خارجيا على الكرة السعودية بصورة عامة، فاهتمامات الأندية تظل في الغالب ذاتية، آنية، ومحلية، ولست أدري كيف يمكن ثقب هذا الجدار المعوق من خلال إجراءات تنظيمية مشجعة على الاحتراف الخارجي، وحتى القول بأن الأجور المرتفعة للاعبين في الداخل مقارنة بما يقدم لهم من عروض الاحتراف الخارجي غير مشجعة لخوض غمار التجربة، فإن هذا القول يتجاهل أن العروض التي تقدم للاعبين السعوديين تمثل فرصة أولى للدخول إلى عالم النجومية العالمية، التي لو تحققت لأحدهم فإنها ستحدث تغييرا جذريا على العروض التي سيحصل عليها لاحقا، والتي لا يمكن أن تتحقق له في الداخل لو ظل يلعب إلى سن التسعين. ومهما تواضعنا في تقييم صلاحية لاعبينا للاحتراف الخارجي فإن أسماء مثل: المنتشري، وياسر القحطاني، ومحمد نور، وبعض الأسماء الشابة في المنتخب، أخالها قادرة على خوض تجربة الاحتراف الخارجي بنجاح، إذا ما أسقطنا من ذاكرتنا التعميمية التجارب المحدودة التي خاضها بعض لاعبينا في الخارج قبل سنوات لفترة قصيرة جدا. ويمكن إرجاع تذبذب مستويات منتخبنا من مباراة لأخرى، وعدم الاحتفاظ بمستوى ثابت، رغم الكوكبة البارزة من اللاعبين التي يضمها المنتخب، إلى غياب الخبرة الاحترافية بمفهومها العالمي، التي يسهم وجودها في خلق حالة من الاستقرار وتحسن الأداء، فنظام الدوري السعودي كما وصفه الكاتب ساكدوف ساندهو صحيفة «الاقتصادية» في 18/11/2007 بأنه «نظام مدلل قائم على دعم رجال أعمال وشخصيات، وليس على نظام استثماري مؤسساتي كما هو حاصل في الدول المتقدمة في مجال كرة القدم»، وفي أجواء كهذه تصبح الحاجة إلى تشجيع الاحتراف الخارجي خيارنا الأبرز لتتجاوز الكرة السعودية منجزاتها الخليجية، والعربية، والقارية الرائعة إلى آفاق العالمية.. فهل نفعل؟ عن صحيفة الشرق الاوسط 20/11/2007