باراك أوباما محظوظ؟ جهاد الخازن الأزمة الاقتصادية العالمية أعطت حملة باراك أوباما للفوز بالرئاسة الأميركية دفعة قوية الى الأمام. ولكن كيف استطاع شاب اسمه باراك حسين أوباما، أبوه كيني وأمه أميركية وولد في هاواي من دون مال يذكر، أن يدق أبواب البيت الأبيض؟ قصتي اليوم تتناول أوباما ورجلين آخرين، وكيف تقاطعت طرق الثلاثة، وسقطا هما بجانب الطريق، وأكمل هو رحلة العمل في اتجاه البيت الأبيض. باراك أوباما خريج كلية الحقوق في جامعة هارفارد، وهو جاء الى شيكاغو سنة 1993 وعلّم القانون الدستوري في شكل غير متفرغ في جامعة شيكاغو حتى سنة 1996، وكمحاضر كبير بين 1996 و2004. وفاز أوباما بمقعد في مجلس شيوخ ولاية الينوي سنة 1996، وأيضاً سنة 1998، إلا أنه نافس سنة 2000 عضو الكونغرس بوبي راش على مقعده في مجلس النواب ممثلاً شيكاغو وفشل أمام النائب الذي شغل المقعد أربع دورات متتالية. وكانت علاقة أوباما بالمواطنين السود في شيكاغو متوترة في البداية، إلا أنها تحسنت تدريجاً، ولعل بدء شهرته على نطاق البلاد كلها، وليس الينوي وحدها، يعود الى خطاب ألقاه سنة 2002 في مهرجان ضد الحرب المقبلة في العراق، فهو لفت أنظار الناس اليه خارج ولايته بالتبني. بلير هَلْ رجل أعمال ثري من الينوي سعى للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي له لمقعد في مجلس الشيوخ سنة 2004 معتمداً على ثروته الخاصة، فهو كان باع شركة لبنك غولدمان ساكس بمبلغ 340 مليون دولار سنة 1999، وأسس شركة مالية ثانية. وكان من قدرته المالية أنه أنفق 29 مليون دولار من ماله الخاص على الحملة، وبقي متقدماً على جميع منافسيه، بمن فيهم أوباما، حتى الأيام الأخيرة من الحملة عندما سقط سقوطاً لا قيام بعده، فقد تسربت أوراق طلاقه الى الصحافة وتبين منها انه هدد زوجته، واعتدى عليها، واعتُقِل وحقق معه البوليس. وكان أن فاز أوباما بترشيح الحزب الديموقراطي لمقعد في مجلس الشيوخ في واشنطن. جاك ريان كان مرشح الحزب الجمهوري لمقعد في مجلس الشيوخ عن الينوي سنة 2004 أملاً بأن يخلف السناتور الجمهوري بيتر فتزجرالد. وكان ريان تزوج الممثلة جيري ريان سنة 1999 ورزقا بابن هو أليكس، وطلقا سنة 1999. وخلال الحملة الانتخابية طالب أنصار أوباما بنشر أوراق الطلاق، فنشر بعضها وكتم بعض آخر لحماية الابن، وأخيراً أمر قاضٍ بنشر بقية الأوراق فتبين منها أن جيري اتهمت زوجها بسوقها الى نوادي جنس، ومحاولته ممارسة الجنس معها أمام الناس، وكان أن اضطر ريان الى الانسحاب من المنافسة، وخلفه ألان كيز الذي خسر وفاز أوباما بالمقعد. ماذا يجمع بين الرجال الثلاثة: أوباما وهَلْ وريان؟ الحظ، حظ أوباما الطيب وحظ الآخرين السيئ. باراك أوباما كان متخلفاً عن منافسه الديموقراطي في الترشيح عن الحزب، وكان متخلفاً عن منافسه الجمهوري في الحملة للفوز بالمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي، وفي كل مرة، وفي اللحظة الأخيرة جاء ملاك الحظ ليحيط أوباما برعايته. الحظ لا يزال يلازم أوباما، فانهيار الاقتصاد العالمي، بدءاً بالاقتصاد الأميركي، مصمم لمساعدته، تماماً مثل فضيحة جنسية لمرشح في الينوي. وتدخلت يد الحظ لتقضي على ما تبقى من رصيد الجمهوريين مع الناخبين، فقد كان جورج بوش الابن (عندما يترك الرئاسة ولا يعود قادراً على ارسال طائرة بلا طيار لاغتيالي سأسميه جورج بوش الولد) أقل الرؤساء شعبية من دون كارثة اقتصادية، فكانت الكارثة على طريقة «مصائب قوم عند قوم فوائد» وأصبح هدف جون ماكين وكل مرشح جمهوري لأي منصب في الرابع من الشهر المقبل أن يؤكد بعده عن بوش الابن وسياساته وأثرها السام. ليس عندي ثأر شخصي على بوش وادارته، وأعرف أنه ليس مسؤولاً عن الانهيار الاقتصادي الأخير، وان يكن ساعد على تسريعه بالاستدانة من الصين وغيرها ليحارب في العراق حتى أوقع بلاده في عجز قياسي لولا وجوده لربما كانت الإدارة في وضع أفضل لمواجهة الأزمة، وأرجح أن للناخب رأياً مثل رأيي وأن الرابع من الشهر المقبل لناظره قريب. ثمة كثيرون يعتقدون بأن من الأفضل للإنسان أن يجمع الحظ مع القدرة، إلا أنهم يفضلون الحظ إذا كان لا بد من الاختيار، وقد اشتهر عن نابوليون قوله وهو يحاول تعيين جنرال شاب في مركز أعلى: «أعرف أنه عالي القدرة، ولكن هل هو محظوظ؟». باراك أوباما محظوظ؟ عن صحيفة الحياة 28/10/2008