السماء ليست زرقاء عاطف عبد الجواد في البداية قال السود في الولاياتالمتحدة إن باراك أوباما ليس واحدا منهم لأن أمه سيدة بيضاء. ثم لما بدا نجاح أوباما ظاهرا رفضه السود وقالوا لن نهدر أصواتنا الانتخابية بالتصويت لرجل منا لأنه لن يفوز بالرئاسة. وقرر كثير من سود أميركا أن يؤيدوا البيضاء هيلاري كلنتون لأن احتمالات فوزها أكبر، على حد التفكير التقليدي السائد. وأخذ أوباما يبذل مجهودا لإقناع السود بتأييده اكبر مما بذله لإقناع كثير من البيض. كأنما العنصرية أصبحت عنصرية عكسية. السود لا يريدون ان يصوتوا لرجل اسود منهم لأن الأمل في نجاحه ضئيل. والبيض يؤيدون رجلا اسود لأنهم يعتقدون انه افضل من المرشح الأبيض في الحملة الرئاسية. في النهاية تدفق السود بفخر كبير يؤيدون أوباما بعد ان شاهدوا دلائل قوية على احتمالات نجاحه. لكن المشكلة الآن، ولم يبق على موعد الانتخابات الا اكثر قليلا من اسبوع، هي ان نجاح أوباما وشعبيته قد تتحولان الى فشل وهزيمة ليلة الانتخابات. أوباما يتقدم على الجمهوري ماكين اليوم بفارق ثلاثة عشرة في المائة. ولكن كثيرين يخشون ان يذهب البيض للإدلاء بأصواتهم يوم الانتخابات فيصوتون للمرشح الأبيض. حدث هذا في مرات عديدة في انتخابات سابقة على مستويات محلية. فالعنصرية ظاهرة لا تزال قائمة في المجتمع الأميركي رغم التقدم الكبير الذي شهده الأميركيون في القضاء عليها. ولن نعلم عن يقين مدى التحول في المجتمع الأميركي إلا عند منتصف ليلة الانتخابات عندما تتكشف نتائج انتخابات الرئاسة. اميركا ليست المجتمع العنصري الوحيد في العالم. لن يندهش احد اذا قلت إن العنصرية متفشية في العالم بين العرب والأوروبيين واللاتينيين، بل وبين السود انفسهم. اهالي اميركا الجنوبية ذوو البشرة الداكنة والسوداء يقولون إنهم لا يحبون باراك أوباما لأنه اسود. ومحام عربي في واشنطن يقول إنه معجب بالمرشح ( العبد) لكنه سوف يصوت (للأبيض) جون ماكين.. ولدينا مثل هذا المحامي بالمئات والالاف. الناخب الأميركي من اصل لاتيني من اميركا الجنوبية لا يختلف لون بشرته كثيرا عن باراك أوباما، لكنه شخص يتصور نفسه أكثر بياضا لسبب واحد هو انه ليس افريقيا. عندما زرت جمهورية الدومينيكان في العام الماضي فتشوا حقائبي في المطار لأن بشرتي ليست اوروبية البياض. الحقيقة هي ان لون بشرتهم يميل إلى السواد. لكنهم تركوا الزوار البيض أصحاب البشرة الأوروبية يخرجون من المطار بدون ان تفتح حقائبهم. عندما تعلن نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية في منتصف ليل الرابع من نوفمبر المقبل سنعلم عن يقين كم عدد الناس الذين فتحوا حقيبة أوباما لتفتيشها وعدد الذين حرموه من اصواتهم لأنه غامق البشرة. المحامي العربي ، وموظفو الجمارك في جمهورية الدومينيكان، وسجانو نلسون مانديلا موجودون في كل مكان.. يملأون الدنيا كراهية بالألوان، وهم لا يعلمون ان اللون هو مجرد انعكاس لموجات الضوء. لا يعلمون ان السماء زرقاء لا لشيء إلا لأن الأزرق في ألوان الطيف قصير الموجة، ولهذا ينعكس قبل ان يخترق الغلاف الجوي. في منتصف ليل الرابع من نوفمبر سنعلم عدد الذين يعرفون ان السماء ليست زرقاء. عن صحيفة الوطن العمانية 27/10/2008