لبنان وسوريا والبيت العربي حسام كنفاني العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا، التي أعلن عنها الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي، تمثل حلقة من سلسلة إجراءات سوريّة تتم في الآونة الأخيرة لمد جسور العلاقات مع الغرب وبعض العرب بعد سنوات العزلة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جورج بوش. الإعلان السوري عن العلاقات اللبنانية - السورية هو حجر الزاوية في مساعي سوريا، على اعتبار أن الوضع اللبناني كان شرطاً أوروبياً، ومن بعض الدول العربية، لإعادة وصل ما انقطع مع دمشق. البداية كانت في اتفاق الدوحة الذي وضع حداً للحرب الأهلية اللبنانية المصغرة في مايو/أيار الماضي، والذي لعبت سوريا دوراً في إنجازه وتطبيقه. “المكافأة" جاءت فرنسيّة بزيارة الأسد إلى باريس وزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق، إضافة إلى عودة الحديث عن اتفاق الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي الذي كان مجمّداً. العلاقات الدبلوماسية مع لبنان هي خطوة أخرى في هذا المجال، لا سيما أنها تشكل محطة أساسيّة لإعادة الأمور بين البلدين إلى جادة الصواب بعد عامين من التوتر والاتهامات المتبادلة من بعض أقطاب السياسة اللبنانية. ومن المفترض أن تضع الخطوة حداً لاتهامات لبنانية عمرها عشرات السنين تدعي عدم اعتراف سوريا باستقلال لبنان وسعيها إلى ضمه. هذه الاتهامات كانت جزءاً من حملة تحريض بعض الشخصيات اللبنانية والعربية على العاصمة السورية في المحافل الدولية. مرحلة لا بد أن تكون وصلت إلى نهايتها، وبدء الحديث عن صفحة جديدة خالية من الشوائب وترسبات الماضي. والسفارتان، بعد إقامتهما، يجب ألا تلغيا العلاقات المميزة التي تجمع البلدين على مدى سنوات طوال، ولا سيما لجهة التنقل عبر الحدود ببطاقة الهوية ومن دون تأشيرة مسبقة، وخصوصاً أن العديد من المناطق اللبنانية المحاذية للحدود مع سوريا تعتمد التنقل الدائم كوسيلة للعيش. نقاط لا بد أن تكون على جدول التحضيرات لفتح السفارتين في المرحلة القريبة المقبلة. وعلى غرار اتفاق الدوحة، ستكون للعلاقات الثنائية تداعيات انفتاحية في العلاقات السورية مع الغرب وبعض الدول العربية، وخصوصاً مع مصر والسعودية، بعد فترة الجفاء التي أعقبت اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، في شباط/ فبراير عام ،2005 والعدوان “الإسرائيلي" على لبنان في تموز/يوليو 2006. خطوات إعادة تواصل بين مصر وسوريا بدأت تتسرّب في الآونة الأخيرة على خلفية المساعي التي تبذلها القاهرة لجمع الفصائل الفلسطينية على طاولة حوارية. مساعٍ لا بد أن تمر من العاصمة السورية. إلا أن القاهرة، حتى الأمس القريب، كانت محجمة عن إشراك دمشق في الجهود الحوارية. غير ان الوضع اليوم بات مختلفاً، ولا سيما مع الأنباء عن الزيارة السرية لرئيس المخابرات المصرية، عمر سليمان، الى دمشق. زيارة وإن لم تؤتِ ثمارها في الحوار الفلسطيني إلا أنها فتحت ابواب التواصل بين دمشقوالقاهرة مجدداً. تداعيات العلاقات اللبنانية السورية، لا شك ستظهر تباعاً، وستخرج الى العلن، لتكون فاتحة إعادة ترتيب البيت العربي. عن صحيفة الخليج الاماراتية 20/10/2008