أعلن الجنرال (احتياط) عوزي ديان مؤخرا انضمامه إلى حزب الليكود في مؤتمر صحفي جمعه إلى جانب زعيم هذا الحرب بنيامين نتنياهو. وقد شكل هذا الإعلان مفاجأة لدى البعض بسبب الصبغة التي تمتع بها الجنرال ديان، وهو ابن أخ موشيه ديان، أحد أبرز قادة إسرائيل في سنواتها الأولى، أي تصنيفه على التيار الوسطي للخريطة الحزبية الإسرائيلية. كما تفاجأ البعض الآخر بهذا الانضمام بسبب الصورة التي قدمها ديان لنفسه خلال الأعوام الماضية كمحارب للفساد، لاسيما عندما شكل حركة "تفنيت" (التفاف) في العام 2005 (والتي فشلت بعبور نسبة الحسم في الانتخابات العامة التي جرت للكنيست في العام 2006). غير أن العارفين للجنرال ديان جيدا لم يستغربوا كثيرا انضمامه لليكود حيث يعتقد هؤلاء بأن ديان يرغب بالحصول على دور بارز في دوائر صناعة القرار في إسرائيل وبأنه بات مقتنعا بأنه لن يستطيع تكوين تيار سياسي خاص به بالذات عقب فشله في الانتخابات العامة الأخيرة. حيث يعتقد البعض بأن انضمام ديان لليكود جاء رغبة منه تبوء منصب وزير الدفاع في حكومة محتملة التي قد يشكلها بنيامين نتنياهو، خاصة وأن غالبية استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم فرص نتنياهو لتشكيل حكومة في حال إجراء انتخابات عامة في إسرائيل. لكن، بالرغم من هذا الاعتقاد فإن عوزي ديان لن يكون المرشح الوحيد لمنصب وزير الدفاع في صفوف ناشطي الليكود، حيث يعتبر الكثيرون الجنرال المتقاعد يوسي بيلد مرشحا بارزا لهذا المنصب، خاصة وأنه ناشط بارز في هذا الحزب منذ ما يزيد عن العشرة أعوام، وأنه كان مرشحا لتبوء منصب وزير الدفاع في الحكومة التي شكلها بنيامين نتنياهو في العام 1996. وبيلد، الذي خاب أمله من نتنياهو في أواخر التسعينات، عاد مؤخرا لمناصرة نتنياهو وأفكاره لاسيما تلك التي ترى بالإسلام الأصولي عدوا لإسرائيل، حيث نشر مؤخرا مقالا بعنوان "استعدوا للتسونامي الإسلامي" حذر فيه بالذات مما وصفه "بالخطر الإيراني" الذي يمكن أن يجلب كارثة على اليهود على غرار تلك التي اقترفها النازيون. إلا أن يوسي بيلد لن يكون بالضرورة المنافس الوحيد لعوزي ديان على منصب وزير الدفاع في حال تشكيل بنيامين نتنياهو لحكومة إسرائيلية جديدة. فبالإضافة إلى أن الأمور غير محسومة بعد لصالح الليكود عامة نتنياهو خاصة، فحتى لو أصبح نتنياهو رئيسا للحكومة الإسرائيلية المقبلة فإنه سيضطر للتحالف حتما مع أحزاب أخرى من أجل تشكيل ائتلاف حاكم، لأن أية حكومة لا يمكن أن تكتفي بدعم أقل من 61 عضو كنيست لضمان بقاءها. وبالتالي فإن نتنياهو الذي سيتحالف على الأرجح مع من سيتبقى من حزب "كاديما" و/أو حزب العمل قد يضطر إلى منح حقيبة الدفاع إلى أحد قادة شركائه في الائتلاف، ومن ثم لا يجب الاستغراب من احتمال رؤية شاؤول موفاز أو إيهود براك بمنصب وزيرا الدفاع في حكومة يرأسها نتنياهو. لذلك، وفي الوقت الذي يضاف فيه عوزي ديان إلى قائمة تعد بضعة جنرالات كبار من متقاعدي الجيش الإسرائيلي ليصبح مرشحا إضافيا لتبوء منصب وزير الدفاع في حكومة إسرائيلية مستقبلية، مازال من غير الواضح حسم هذا التنافس بين هؤلاء الجنرالات غير أن الأمر شبه الواضح هو أن أي رئيس حكومة مكلف سيفضل اختيار أحد الأسماء الواردة أعلاه على أن يعود لتكرار ما يوصف "بالخطأ الفادح" الذي ارتكبه إيهود أولمرت عندما سلّم لعمير بيرتس "عديم الخبرة العسكرية" منصب وزير الدفاع في حكومته. خاصة وأن عمير بيرتس وإيهود أولمرت "المدنيان" متهمان بالوقوف خلف غالبية الإخفاقات التي منيت بها إسرائيل عشية وخلال حرب لبنان الثانية قبل عامين. هذه التجربة من جهة والتقارير المتتالية التي تتحدث عن تعاظم مستمر بالقدرات القتالية لكل من إيران وحزب الله وحماس من جهة أخرى تدل بأنه بالرغم عن اسم الشخص الذي سيتبوأ منصب وزير الدفاع في أي حكومة إسرائيلية تشكل في المستقبل المنظور فإن هذا الشخص سيكون على الأرجح أحد كبار العسكريين المتقاعدين من الجيش الإسرائيلي، لأن الأولوية الآن لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل خاص والقيادة الإسرائيلية بشكل عام هي استعادة ما يسمى "بقدرة الردع الإسرائيلية." كما يبدو فإن التيار الذي سيبقى سائدا في إسرائيل، على الأقل لبعض الوقت، هو ذلك الذي يرى العلاقات مع العرب والمسلمين بالأساس من خلال المنظار الأمني مما يعني رؤية هذه العلاقات وكأنها مشكلة أو قضية أمنية دون الاكتراث كثيرا إلى الأبعاد الدينية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لهذه العلاقات، التي لا تقل أهمية وتأثيرا عن موضع الأمن! لذلك، وبالتوازي لإخفاقات وفضائح من يوصفون بالمسؤولين "المدنيين" (على غرار إيهود أولمرت وعمير بيرتس)، فإن المجتمع اليهودي بغالبيته يبحث عن جنرالات أقوياء ليس فقط لكي يقودوا المؤسسة الأمنية في الدولة ولكن أيضا النظام الحاكم برمته معتقدين بأن الجنرالات قد ينقذون إسرائيل من التحديات الجمة التي تواجهها على أكثر من صعيد. إن البحث عن حل أمني بالأساس وتعاظم قدرات من يصفون بأنهم "أعداء إسرائيل" في الوقت الذي يفشل فيه وسطاء دوليون بتقديم وساطة حكيمة وسريعة بين الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط قد يزيد الأمور تعقيدا في المنطقة، بما يشمل إسرائيل. إذا أراد قادة إسرائيل، بما في ذلك الجنرالات المتقاعدون، ضمان مستقبل أفضل لدولتهم وللمنطقة عليهم التذكر بأن اعتماد المعالجة الأمنية للأمور كحل أوحد لن تجلب بالضرورة الاستقرار المنشود، وأنه بغض النظر عن أي جنرال سيتبوأ منصب وزير الدفاع في حكومات إسرائيل المستقبلية فإن قدرته على مجابهة التحديات الكثيرة التي تعترض إسرائيل ستبقى محدودة إذا ما اعتمد بعمله فقط على خبرته العسكرية وحدها.