رئيس الوزراء يتابع مستجدات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وجهود جذب الاستثمارات بمليارات الدولارات وفرص عمل واسعة    أبو الغيط يدين الهجوم على قاعدة لقوات الأمم المتحدة بجنوب كردفان    احتفاء "الإعلاميين" ووزارة الشباب والرياضة تُحتفي بتولّي أشرف صبحي رئاسة اللجنة الدولية للتربية البدنية باليونسكو    مصرع شخصين إثر سقوط سيارة نصف نقل بترعة غرب الإسكندرية    سعر الين الياباني أمام الجنيه في البنوك المصرية    مباحثات مصرية - كويتية لتعزيز التعاون في مجالات البترول والغاز والتعدين    البنك التجارى الدولى يعزز ريادته في دعم رائدات الأعمال بإطلاق برنامج تمكين المرأة في قطاع الأعمال بالتعاون مع EBRD    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    بعد هجوم سيدني الإرهابي، فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية على المنشآت اليهودية    نابولى يسقط أمام أودينيزى ويُهدر فرصة اعتلاء صدارة الدورى الإيطالى    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    رئيس الهيئة العامة للاستثمار يشارك في المنتدى المصري القطري بالقاهرة    المفاوضات تشتعل على ضم حامد حمدان بعد عرض بيراميدز المُغري    الداخلية تعلن نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2026.. رسائل SMS للمقبولين.. رئيس الأكاديمية: النجاح فى الاختبارات ليس معيار القبول    أجواء شتوية باردة وسحب ممطرة تضرب الوجه البحري وشمال سيناء    الأرصاد تحذر من تكاثر للسحب الممطرة على هذه المناطق    نسمة محجوب تكشف أسرار مشاركتها في فيلم «الست»    معرض جدة للكتاب يستضيف فيلم كورة ضمن فعالياته الثقافية    رئيس الاعتماد والرقابة يبحث مع وفد وزارة الصحة بناميبيا تعزيز التعاون    وكيل صحة سوهاج يلتقى مدير مستشفى جهينة المركزي لمناقشة تطوير الخدمات    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    افتتاح المعرض السنوي الخيري للملابس بكلية التربية جامعة بني سويف    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الحكومة: مشروع لتعديل قانون العقوبات يشدد غرامة جرائم الشائعات    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الكنيسة..... أم كنيسة الدولة...؟ / د. إبراهيم أبو محمد
نشر في محيط يوم 30 - 11 - 2010


دولة الكنيسة..... أم كنيسة الدولة...؟



* د. إبراهيم أبو محمد

الدكتور ابراهيم ابو محمد
• رغم كل الحقائق التي يعترف بها المؤرخون والمفكرون حول الفتح العربى لمصر وإنقاذ أهلها من الأسر الرومانى .

وبعد أن ظلت مستعمرة من الرومان لمدة عشرة قرون وتم تحريرها من الاستعمار بالفتح الإسلامي.

ومعه وبه عادت الحرية للناس وعادت كنائس النصارى إليهم، وعاد الأب بنيامين إلى كنيسته بعد أن كان مطاردا في الصحراء لمدة 13 عاما

• منذ ذلك الحين ومصر ينعم فيها النصارى والمسلمون بالأمن والأمان، ولم تكن هنالك تجاوزات أو اضطهادات ، بل إن التاريخ يسجل لنا أن طفلين تسابقا وكان أحدهما ابن عمرو بن العاص والآخر ابن لقبطى من نصارى مصر .

فسبق ابن القبطى ابن عمرو، فما كان من ابن عمرو بعد أن سبقه الصبي القبطى إلا أن ضربه وقال له : أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟ ....ووصلت الواقعة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فاستدعى الرجل القبطى وولده كما استدعى عمرو بن العاص وولده .

وأمسك بدرته وأعطاها لإبن القبطى ليضرب بها ابن عمرو قصاصا عادلا منه، ثم يقول لابن القبطى اضربه كما ضربك ثم أدرها على صلعة أبيه فما ضربك إلا بسلطانه، والتفت إلى عمرو بن العاص ليقول قولته المشهورة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "

• الواقعة ليست الوحيدة في ذاكرة التاريخ ووعى النصارى والمسلمين معا، وإنما كتب التاريخ ومصادره تحتوى آلاف القصص التى تشهد بعدالة لم ينعم بعشرها النصارى حتى تحت حكم الذين يدينون بدينهم ويختلفون معهم في المذهب.

• مصادر التاريخ تشهد أيضا أن عمرو بن العاص بعدما ضاق المسجد بالمصلين طلب من إمرأة نصرانية أن تبيعه دارًا كانت لها بجوار المسجد ليضمها إلى المسجد على أن يشتري لها دارًا أخري بالمبلغ الذي تريده ، وفى المكان الذى تريده .

لكن المرأة رفضت فعرض عليها أضعاف ثمن بيتها، ولكنها صممت على الرفض فضم البيت إلى المسجد وأمر بوضع ثمنه في بيت المال بإسمها تأخذه متى شاءت .

لكن المرأة لم تسكت وصعّدت الأمر إلى عمر بن الخطا ب الذى أرسل رسالة إلى والى مصر عمرو بن العاص وأمره في تلك الرسالة أن يهدم المسجد وأن يعيد الدار للمرأة القبطية، وأن يبنيها من جديد كما كانت وأفضل مما كانت عليه.

وأن يعوضها عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بها، وأن يسترضيها لتعفو عنه ، وختم الرسالة بالتحذير لعمروبن العاص قائلا : والويل لك ياعمرو إن جاء إلى أحد شاكيا.

• منذ ذلك الوقت ومساجد المسلمين وكنائس النصارى تؤدى للناس الخدمة الدينية وتمارس وظيفتها الروحية كمؤسسات ضمن النظام العام للدولة.

• إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية وحدها دون غيرها من الكنائس تصر على أن الفتح الإسلامي كان احتلالا ولابد أن يزول ، ومنذ سبعينيات القرن الماضى وتحديدا بعد تولى الأنبا شنودة اختطفت الكنيسة الأرثوذكسية الإخوة النصارى، ولكى تتمدد في مساحة الوجدان المسيحى حددت عملية تلقى المعلومات لتكون عن طريقها فقط، وعبر كهنتها وحدهم .

ومن ثم اعتمدت مبدأ "الجيتو" وفرضت سياسة العزلة على الأتباع ، ولكى تمسك بكل خيوط الحركة في العقل الجمعى للأقباط ربطت الخلاص الروحى برضى الكهنة وغضبهم.

ومن ثم تحكمت حتى في مساحة السلوك الحركى لجموع المسيحيين وغرست في أبناء النصارى أنهم ضحايا الاحتلال العربى الذى جاء من صحراء العرب غازيا، ومن ثم تولد لديهم شعور بضرورة التحرر من هذا الغزو، ووجد الكهنة في هذا الإدعاء بيئة خصبة دفعتهم لمزيد من السيطرة على وجدان رعاياهم.

فراحوا يغذون روح العزلة ويمحورون طاقة النصارى ضد عدو مفترض، وتربت أجيال جديدة على هذا الفكر، ومن ثم تضاعف إحساسهم بأنهم ضحايا وكثرت دعاوى الاضطهاد، وسمعنا عويلا لم ينته بعد.

فقد كان هناك من يهتف في الكنيسة مستنجدا بشارون ومن يستعدى الأجنبى على بلده ومن يطلب من وزير الخارجية الإسرائيلى أن يتدخل لحماية الأقباط ، ومن يطلب أن يكون وطنه تحت الحماية الدولية.

• وسكت الشعب المصرى وسكتت مؤسسات الدولة لاعتبارات كلها ترجع بالطبع لحماية السلم الاجتماعى بين أبناء الأمة ، غير أن الكنيسة كلما طال السكوت كلما تمادى أبناؤها في الاستفزاز وصدرت التصريحات الصادمة من بعض كهنتها.

• في هذا الإطار كانت تصريحات الأنبا بيشوى الرجل الثانى في تلك الكنيسة، ومن ثم كانت ردود الأفعال.

• تصريحات بيشوى سبقتها احتقانات كثيرة بسبب احتجاز كاميليا شحاته ومن قبلها وفاء قسطنطين وماري عبدالله وعبير ناجح ابراهيم وكريستين مصري قليني وماريان كامل عياد و تريزا ابراهيم .

• ردود الكنيسة على هذا الاحتجاز اتسمت بالصلف والتجاهل وضربت عرض الحائط لا بالرأى العام وحده، وإنما ايضا برجاء رموز من الدولة في محاولة لحل المشكلة وكانت الإجابات مستفزة للغاية .

الشعب سينسى كاميليا كما نسى وفاء قسطنطين ؟؟؟ ....

ولما سئل الأنبا شنودة عن مكان المحتجزين على شاشات التليفزيون كانت الإجابة "وأنت مالك" ؟

ولما قال المذيع : الرأى العام يريد أن يعرف رد مكررا "وهم مالهم"

• ولما اشتدت غضبة الرأى العام وبدأت المظاهرات ضد الكنيسة ورأسها تعم البلاد وبخاصة بعد تصريحات بيشوى تلك التى جاءت لتلفت الأنظار عن قضية كاميليا شحاتة وزميلاتها خرج علينا البابا شنودة في مقابلة بثتها قناة التلفزيون المصري ، بناء على تعليمات من جهة سيادية، في محاولة لاحتواء الأزمة التي فجرتها تصريحات الأنبا بيشوي.

بعد أن اعتبر الأقباط "أصل البلد" وأن المسلمين "ضيوف عليهم" والتي استتبعها بتصريحات تطعن في القرآن الكريم، حاول البابا شنودة الثالث، التهوين من تصريحات "الرجل الثاني" بالكنيسة، مبديًا شكوكه في أن يكون قد أدلى بها.

• توقع الناس أن يهدأ الجو بعد اللقاء الأول للأنبا شنودة مع تليفزيون الدولة وأبدى فيه أسفه على تصريحات نائبه بيشوى ، لكن الرجل فاجأنا بعد يومين بلقاء آخرعلى قناة "الحياة" أثار جدلا جديدا قال فيه:

إنه لم يعتذر للمسلمين لأنه لم يخطئ ، وإنما كان يهدئ الوضع ، ثم وصف د. العوا ود. عمارة ومعهم الإعلام والصحافة بأنهم يحرضون على الفتنة، ومن يحرضون على الفتنة فهم ضد أمن البلد .

وأن السبب في هذا التحريض إنما هو انعدام المحبة ، ولما سأله مقدم البرنامج ولماذا فقدنا المحبة ؟ أجاب الرجل نحن من جانبنا لم نفعل شيئا ضد المحبة،

• اللقاء كان مليئا بالمناورة والمراوغة والهروب من أصل المشكلة، والرجل يعتقد أن من ينتقده يكون ضد البلد، فكأنه هو البلد، وكأن على الناس أن يسكتوا على تجاوزات بيشوى ووصفه للمسلمين بأنهم ضيوف ، وحديثه عن تحريف القرآن.

ثم لابد لهم أيضا أن يسكتوا عن حبس كاميليا ووفاء قسطنطين وميرى عبد الله وغيرهم بدون اي سند دستوري او قانوني ، وإلا فهم يحرضون وهم ضد الدولة .

هو بهذا الفعل وهذه الدعوى يجعل من نفسه زعيما لدولة ويمارس دور الدولة فوق الدولة ويضيق صدره إذا انتقده أحد ، ومن ثم كان وصفه للدكتور العوا والدكتور عمارة بأنهم يحرضون ، وهذا الوصف ينطوى على خداع وتدليس.

فسر الغضب من الرجلين ليس التحريض على فتنة، كما يدعى ، وإنما لأن الرجلين كشفا المصدرالحقيقى للفتنة ، وأن ما قاله بيشوى عن القرآن قاله شنوده في كتابه" المسيحية والقرآن" المطبوع في مطبعة المجد بمحرم بك في الإسكندرية .

وما قاله بيشوى عن كون المسلمين ضيوف ووافدين هونفسه ما قاله شنودة في مجلة "مدارس الأحد" بتاريخ 1 يناير 1951 ، وأن الأنبا شنودة في مجلة الإسبوع في حوار مع السيدة سناء السعيد يلوى عنق الآيات القرآنية لتشهد للعقائد المسيحية كما صنع بيشوى.

• ومن ثم فالدكتور العوا والدكتورعمارة عالمان كلاهما حجة تفخر بهما مصر، ويعتز بهما العالم العربي والإسلامي، وتزهو مجتمعات العالم المتحضر أن البشرية تضم من أبنائها أمثال هذين الرجلين.

وكلاهما قد حدد الداء ومصدر العلة ووضع النقاط على الحروف في تلك القضية الشائكة.

• والملاحظ أن التعاون بين دولة شنودة وحكومة الدولة المصرية لن يكون بالقطع في صالح حكومة الدولة، وإنما هو تكريس لدولة شنودة وتواطؤ معها ومن ثم فلن يكون هذا التداخل لصالح الوطن ، وإنما سيكرس مفهوم دولة الكنيسة.

كما جاء بعبارات ذكية للغاية في اللقاء الذى تم ، فالآنبا قد ذكر أن القساوسة إذا أساءوا وخرجوا على القانون فإنهم يحاكمون داخل الكنيسة أي انهم لا يخضعون لقوانين حكومة الدولة المصرية وإنما يخضعون لدولة الكنيسة بينما الشيوخ يحاسبون أمام محاكم الدولة إذا أخطأوا .

ومن ثم فنحن أمام جهتين سياديتين دولة الكنيسة ويخضع لها رعاياها وتحاكمهم وفق قوانينيها هى ولا علاقة لهم بقوانين حكومة الدولة.

• الجهة السيادية الثانية هى حكومة الدولة ويخضع لها كل الشعب المصرى بما فيه الكنائس والطوائف المسيحية كلها البروتستانت والكاثوليك باستثناء الكنيسة الأرثوذكسية ورجالها وأتباعها .

• الفرق بين السيادتين أن سيادة حكومة شنودة على رعاياها مكتملة بينما سيادة حكومة الدولة على رعاياها منقوصة بهذا الاستثناء الذى أخرج أبناء المذهب الأرثوذكسى من تحت سيادة حكومة الدولة المصرية .

• محامى الكنيسة قد يرد بأن مؤسسات كثيرة لديها لوائح للثواب والعقاب الداخلى، وهذا كلام مفهوم ، ولكن هذه اللوائح لأى مؤسسة تظل في إطار القانون العام للدولة ويمكن الاعتراض عليها كما يمكن نقضها بينما قوانين الكنيسة ليست في إطار قوانين الدولة ولا تخضع لها لا من قريب ولا من بعيد.

بل إن الكنيسة نفسها وعلى لسان رأسها الأنبا شنودة رفضت حكما قضائيا صدر من أعلى جهة في القضاء الإدارى وهو حكم المحكمة الإدارية العليا ويعطي الحق لرافعي الدعوي وهم من المسيحيين الحق في الطلاق وصدر الحكم اعمالا للائحة عام 38التي وضعها المجلس الملي للكنيسة وفق تعاليم الانجيل .

الأمر مربك ومحير ويشكل مأزقا للدولة لا للكنيسة ، لأن الكنيسة تحرص بالطبع على تحقيق أكبر قدر من المكاسب لنفسها ولأتباعها، بينما تفرط حكومة الدولة المصرية في سلطانها وتسمح لمؤسسة يفترض أنها ضمن مؤسسات الدولة كلها أن تسلبها سلطانها وترفض الخضوع لرعايتها القانونية والدستورية وتعتقل وتحتجز وتسجن وتعاقب .

وهذا أمر معيب ويشكل ازدواجية لا في السلطة وحدها وإنما في المعايير القانونية التى تخضع لها الأغلبية الساحقة
الأغرب من هذا أن الحكومة بدلا من أن تسترد حقها القانونى في إخضاع كل المؤسسات لسلطتها وسلطانها ومنها الكنيسة طبعا راحت الحكومة تبحث للكنيسة عن مخرج يسوغ هذا الخروج تحت دعوى التهدئة.

فأرسلت جهازها الإعلامى لدولة الكنيسة لتؤكد فيه الكنيسة قدرتها من جديد على هزيمة الحكومة وخداع الأغلبية الساحقة من شعبها والتى تشكل 96 % من مجموع السكان.

ومن ثم جاءت تصريحات الأنبا شنودة لتؤكد ذكاء الأنبا بيشوى وتدفع في الاتجاه بتكميم أفواه المسلمين وحتى الأكاديميين منهم في المستقبل حول الحديث عن الإنجيل بحجة ازدراء الأديان.

قراءة الأحداث الأخيرة تسفر عن مجموعة من الحقائق يمكن أن نجملها فيما يأتى:

1. توزيع الأدوار بين رجال الكنيسة والتنسيق بكفاءة بين الداخل وأقباط الخارج.

2. تطور دور المال الطائفي في دعم الكنيسة ماديا ومعنويا ودور الإعلام الطائفى أيضا ، بينما تراجع دور إعلام الدولة المصرية في مواجهة الإعلام الطائفى.

3. دور رأس الكنيسة الأنبا شنودة في توجيه الأحداث وإدارة الأزمة في حين غاب دورالدولة بمؤسساتها بل جيرت بعض المؤسسات لتكون في خدمة أهداف الكنيسة ، ومن ثم تغولت الكنيسة مقابل انكماش الدولة.

4. ظهور إمبراطورية الأطماع بوضوح وتوظيف النصارى لتحقيق هذا الهدف وذلك باستعمال أقباط المهجر وسياسة الضغط والتخويف والتهويل.

5. العمل على اغتيال المعارضين معنويا عن طريق الإعلام وذلك بتشويه السمعة واستعداء الدولة عليهم ونزع صفة الولاء والإخلاص للوطن عنهم.

6. غياب القانون في حماية الحدود بين الكنيسة والدولة فهنالك عشرات البلاغات تقدم بها محامون للتحقيق في جرائم اعتقال واحتجاز الكنيسة لمواطنين ومواطنات بغير وجه حق.

وسكوت أجهزة الأمن على تجاوزات القساوسة والكيل بمكيالين في التعامل مع رجال الدين حيث يتم تمييز المسيحيين بالسكوت على ما يفعلون وعدم محاسبتهم بينما تشتد قبضة الدولة ضد علماء المسلمين.

7. الرهان على أصواتهم الانتخابية في مقابل الأغلبية المسلمة يشكل مقامرة خاسرة محفوفة بالمخاطر حيث يؤكد منتدى "بيو" التابع لمركز أبحاث الدين والحياة التابع للولايات المتحدة الأمريكية أن الأقليات الدينية تشكل 5.4 % من الشعب المصري.

وهذا يعنى أن عدد النصارى باختلاف طوائفهم هو 4.3 مليون وهذه الأرقام تتوافق مع ما كشف عنه الفاتيكان هذا العام من أن عدد النصارى في مصر لا يتعدى 4.5 مليون مسيحي بروتستانت وكاثوليك وأرثوذكس .

وعلى المستوى المذهبي فإن نصيب الأرثوذكس من هذا التعداد سيكون 3 ملايين نصرانى أكثر من نصفهم أطفال دون السن القانونى للتصويت.

ثم إن الانتخابات لا يجوز استعمال الدين فيها وإلا كان للأزهر أو للإخوان المسلمين الأكثرية الساحقة لأنهم يمثلون الأغلبية المسلمة.

8. المحاورالرئيسة في هذا الحوار أن الرجل يستغفل الدنيا كلها وعلى تليفزيون الحكومة فهل يمكن أن تكون الحكومة شريكا له في هذا الغش ؟

9. والسؤال المحورى والذى لم تتم الإجابة عليه ، إذا لم تكن أنت وكنيستك دولة داخل الدولة فلماذا تحتجز مواطنين في كنيستك وتفرض عليهم الاعتقال وتمنعم من الظهور علي وسائل الاعلام وتقيد حريتهم وترفض زيارة المنظمات الحقوقية المصرية لزيارتهم للاطمئنان عليهم ؟

10. وإذاكا الإيمان الدينى مسألة قلبية ونحن أيضا نوافق على ذلك ، لكن لماذا تمنع المحتجزات من أن يتحدثن بانفسهن عن اختياراتهن الإيمانية لكل الناس ، ويفصحن عن دينهن حتى تنتهى العاصفة ويهدأ الرأي العام إن كنت حريصا على التهدئة ومن الذي اعطي الانبا شنودة الحق في الحديث بالنيابة عنهن وهن موجودات بشخوصهن ؟

11. إن كنت حريصا على التهدئة فلتعد الكنيسة لدورها ورسالتها في الخلاص الروحى وأن يكف الكهنة عن العويل وبذر بذور الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.

12. إن كنت حريصا على التهدئة فلتغلق باب الاختراق من الخارج وأن يكف نصارى المهجر عن الإستقواء بالخارج وتشويه الوطن واستعداء الآخرين عليه، وأن تكف أنت شخصيا عن ممارسة دور الدولة لا في داخل الدولة وإنما دولة فوق الدولة.

بقيت نقطة على حرف مضيئ

وهى أن قضية أمن مصر التى تتعلل بها فنحن على يقين أن مصر محروسة بعين الله ورعايته، وأن في هذا البلد عيونا ساهرة ترقب الأحداث عن كثب وبوعى يدرك أبعاد الخطر المحدق، ويعرف أطرافه وخيوطه وشباكه جيدا .

كما يعرف الأصابع التى تحرك الأحداث خلف الكواليس المظلمة، وولاء هذه العيون الساهرة عندما يجد الجد لن يكون لغير الله ورسوله والوطن.

وعلى الذين يراهنون على تقسيم الوطن أن يريحوا أنفسهم، فمخطط التقسيم لن يتم، وسيموت قبل أن يولد ، ولن يكون إلا أوهاما في نفوس تنكرت لأفضال وطنها فباءت بوزر الخيانة وتبعتها لعنات أبناء هذا الوطن مسلمين ونصارى معا.



* رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
ورئيس اذاعة القرآن الكريم باستراليا
صحيفة المصريون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.