استشهاد موظفة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية جراء العدوان الإسرائيلي    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    شوبير يُفجر مفاجأة بشأن أزمة أشرف بن شرقي    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    الأهلي ينفي مضاعفة عقوبة تريزيجيه (خاص)    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    ثلاث حالات طرد وأربعة أهداف.. أوتاميندي يخطف التعادل ل بنفيكا أمام بوكا جونيورز    الأهلي ينهي مرانه الأول استعدادًا لمواجهة بالميراس    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    أمطار ورياح اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    ردًا على ترامب.. الحرس الثوري الإيراني: على الجميع داخل إسرائيل المغادرة فورًا    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    صفارات الإنذار تدوي في الجولان خشية تسلل طائرة مسيرة    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    تشكيل بروسيا دورتموند المتوقع أمام فلومنينسي في كأس العالم للأندية    تفاصيل العملية الجراحية لإمام عاشور وفترة غيابه    أسعار الخضار والبطاطس ب الأسواق اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 17 يونيو بالصاغة    مصرع عامل في حريق مطعم شهير في الطالبية    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    «إسرائيل انخدعت وضربتها».. إيران: صنعنا أهدافا عسكرية مزيفة للتمويه    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    مباحث الفيوم تتمكن من فك لغز العثور على جثة شاب مقتول بطلق ناري    محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المواطنين بالإكراه ببولاق أبو العلا اليوم    العثور على جثة مسنّة متحللة داخل شقتها في الزقازيق    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    تركى آل الشيخ يزور الزعيم عادل إمام ويعلق: بصحة جيدة وشربت عنده أحلى كوباية شاى    فاروق حسني يكشف تفاصيل مثيرة بشأن المتحف المصري الكبير وموقف غريب لمبارك    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    حرب إسرائيل وإيران.. البيئة والصحة في مرمى الصواريخ الفرط صوتية والنيران النووية    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية الثانية للنظام الجديد والاقتصاد والاحصاء القديم.. اليوم    أخبار 24 ساعة.. الوزراء: الحكومة ملتزمة بعدم رفع أسعار الوقود حتى أكتوبر    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    هل تتأثر الزراعة والمحاصيل الصيفية بمصر مع استمرار الحرب؟.. الجبهة الوطنية تكشف التفاصيل    النحاس: زيزو منحنا انطباع أنه لن يستمر في الملعب أكثر من 60 دقيقة    مسئول بالغرف التجارية: التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها على أسعار الغذاء.. والمخزون الاستراتيجي مطمئن    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    حصاد بنك المعرفة للعام المالي 2024/2025: تحول إلى منصة إقليمية رائدة    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    محافظ الإسماعيلية يتفقد مستشفى القنطرة شرق المركزي والمركز التكنولوجي (صور)    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يدشنان القافلة الطبية المتكاملة بمنشأة سلطان    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الكنيسة..... أم كنيسة الدولة...؟
نشر في المصريون يوم 07 - 10 - 2010

• رغم كل الحقائق التى يعترف بها المؤرخون والمفكرون حول الفتح العربى لمصر وإنقاذ أهلها من الأسر الرومانى وبعد أن ظلت مستعمرة من الرومان لمدة عشرة قرون وتم تحريرها من الاستعمار بالفتح الإسلامي، ومعه وبه عادت الحرية للناس وعادت كنائس النصارى إليهم، وعاد الأب بنيامين إلى كنيسته بعد أن كان مطاردا في الصحرا لمدة 13 عاما
• منذ ذلك الحين ومصر ينعم فيها النصارى والمسلمون بالأمن والأمان، ولم تكن هنالك تجاوزات أو اضطهادات ، بل إن التاريخ يسجل لنا أن طفلين تسابقا وكان أحدهما ابن عمرو بن العاص والآخر ابن لقبطى من نصارى مصر ، فسبق ابن القبطى ابن عمرو، فما كان من ابن عمرو بعد أن سبقه الصبي القبطى إلا أن ضربه وقال له : أتسبقنى وأنا ابن الأكرمين؟ ....ووصلت الواقعة إلى أمير المؤمنين عمربن الخطاب، فاستدعى الرجل القبطى وولده كما استدعى عمرو بن العاص وولده وأمسك بدرته وأعطاها لإبن القبطى ليضرب بها ابن عمرو قصاصا عادلا منه، ثم يقول لابن القبطى اضربه كما ضربك ثم أدرها على صلعة أبيه فما ضربك إلا بسلطانه، والتفت إلى عمرو بن العاص ليقول قولته المشهورة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "
• الواقعة ليست الوحيدة في ذاكرة التاريخ ووعى النصارى والمسلمين معا، وإنما كتب التاريخ ومصادره تحتوى آلاف القصص التى تشهد بعدالة لم ينعم بعشرها النصارى حتى تحت حكم الذين يدينون بدينهم ويختلفون معهم في المذهب.
• مصادر التاريخ تشهد أيضا أن عمرو بن العاص بعدما ضاق المسجد بالمصلين طلب من إمرأة نصرانية أن تبيعه دارًا كانت لها بجوار المسجد ليضمها إلى المسجد على أن يشتري لها دارًا أخري بالمبلغ الذي تريده ، وفى المكان الذى تريده ، لكن المرأة رفضت فعرض عليها أضعاف ثمن بيتها، ولكنها صممت على الرفض فضم البيت إلى المسجد وأمر بوضع ثمنه في بيت المال بإسمها تأخذه متى شاءت ،لكن المرأة لم تسكت وصعّدت الأمر إلى عمر بن الخطا ب الذى أرسل رسالة إلى والى مصر عمرو بن العاص وأمره في تلك الرسالة أن يهدم المسجد وأن يعيد الدار للمرأة القبطية، وأن يبنيها من جديد كما كانت وأفضل مما كانت عليه، وأن يعوضها عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بها، وأن يسترضيها لتعفو عنه ، وختم الرسالة بالتحذير لعمروبن العاص قائلا : والويل لك ياعمرو إن جاء إلى أحد شاكيا.
• منذ ذلك الوقت ومساجد المسلمين وكنائس النصارى تؤدى للناس الخدمة الدينية وتمارس وظيفتها الروحية كمؤسسات ضمن النظام العام للدولة.
• إلا أن الكنيسة الأرثوكسية وحدها دون غيرها من الكنائس تصر على أن الفتح الإسلامى كان احتلالا ولابد أن يزول ، ومنذ سبيعنات القرن الماضى وتحديدا بعد تولى الأنبا شنودة اختطفت الكنيسة الأرثوذكسية الإخوة النصارى، ولكى تتمدد في مساحة الوجدان المسيحى وحددت عملية تلقى المعلومات لتكون عن طريقها فقط، وعبر كهنتها وحدهم ، ومن ثم اعتمدت مبدأ "الجيتو" وفرضت سياسة العزلة على الأتباع ، ولكى تمسك بكل خيوط الحركة في العقل الجمعى للأقباط ربطت الخلاص الروحى برضى الكهنة وغضبهم، ومن ثم تحكمت حتى في مساحة السلوك الحركى لجموع المسيحيين وغرست في أبناء النصارى أنهم ضحايا الاحتلال العربى الذى جاء من صحراء العرب غازيا، ومن ثم تولد لديهم شعور بضرورة التحرر من هذا الغزو، ووجد الكهنة في هذا الإدعاء بيئة خصبة دفعتهم لمزيد من السيطرة على وجدان رعاياهم، فراحوا يغذون روح العزلة ويمحورون طاقة النصارى ضد عدو مفترض، وتربت أجيال جديدة على هذا الفكر، ومن ثم تضاعف إحساسهم بأنهم ضحايا وكثرت دعاوى الاضطهاد، وسمعنا عويلا لم ينته بعد، فقد كان هناك من يهتف في الكنيسة مستنجدا بشارون ومن يستعدى الأجنبى على بلده ومن يطلب من وزير الخارجية الإسرائيلى أن يتدخل لحماية الأقباط ، ومن يطلب أن يكون وطنه تحت الحماية الدولي
• وسكت الشعب المصرى وسكتت مؤسسات الدولة لاعتبارات كلها ترجع بالطبع لحماية السلم الاجتماعى بين أبناء الأمة ، غير أن الكنيسة كلما طال السكوت كلما تمادى أبناؤها في الاستفزاز وصدرت التصريحات الصادمة من بعض كهنتها.
• في هذا الإطار كانت تصريحات الأنبا بيشوى الرجل الثانى في تلك الكنيسة، ومن ثم كانت ردود الأفعال.
• تصريحات بيشوى سبقتها احتقانات كثيرة بسبب احتجاز كاميليا شحاته ومن قبلها وفاء قسطنطين وماري عبدالله وعبير ناجح ابراهيم وكريستين مصري قليني وماريان كامل عياد و تريزا ابراهيم .
• ردود الكنيسة على هذا الاحتجاز اتسمت بالصلف والتجاهل وضربت عرض الحائط لا بالرأى العام وحده، وإنما ايضا برجاء رموز من الدولة في محاولة لحل المشكلة وكانت الإجابات مستفزة للغاية ، الشعب سينسى كاميليا كما نسى وفاء قسطنطين ؟؟؟ ....ولما سئل الأنبا شنودة عن مكان المحتجزين على شاشات التليفزيون كانت الإجابة "وأنت مالك" ، ولما قال المذيع الرأى العام يريد أن يعرف رد مكررا "وهم مالهم"
• ولما اشتدت غضبة الرأى العام وبدأت المظاهرات ضد الكنيسة ورأسها تعم البلاد وبخاصة بعد تصريحات بيشوى تلك التى جاءت لتلفت الأنظار عن قضية كاميليا شحاتة وزميلاتها خرج علينا البابا شنودة في مقابلة بثتها قناة التلفزيون المصري ، بناء على تعليمات من جهة سيادية، في محاولة لاحتواء الأزمة التي فجرتها تصريحات الأنبا بيشوي، بعد أن اعتبر الأقباط "أصل البلد" وأن المسلمين "ضيوف عليهم" والتي استتبعها بتصريحات تطعن في القرآن الكريم، حاول البابا شنودة الثالث، التهوين من تصريحات "الرجل الثاني" بالكنيسة، مبديًا شكوكه في أن يكون قد أدلى بها.
• توقع الناس أن يهدأ الجو بعد اللقاء الأول للأنبا شنودة مع تليفزيون الدولة وأبدى فيه أسفه على تصريحات نائبه بيشوى ، لكن الرجل فاجأنا بعد يومين بلقاء آخرعلى قتاة الحياة أثار جدلا جديدا قال فيه: إنه لم يعتذر للمسلمين لأنه لم يخطئ ، وإنما كان يهدئ الوضع ، ثم وصف د. العوا ود. عمارة ومعهم الإعلام والصحافة بأنهم يحرضون على الفتنة، ومن يحرضون على الفتنة فهم ضد أمن البلد وأن السبب في هذا التحريض إنما هو انعدام المحبة ، ولما سأله مقدم البرنامج ولماذا فقدنا المحبة ؟ أجاب الرجل نحن من جانبنا لم نفعل شيئا ضد المحبة،
• اللقاء كان مليئا بالمناورة والمراوغة والهروب من أصل المشكلة،
والرجل يعتقد أن من ينتقده يكون ضد البلد، فكأنه هو البلد، وكأن على الناس أن يسكتوا على تجاوزات بشيوى ووصفه للمسلمين بأنهم ضيوف ، وحديثه عن تحريف القرآن ثم لابد لهم أيضا أن يسكتوا عن حبس كاميليا ووفاء قسطنطين ميرى عبد الله وغيرهم، وإلا فهم يحرضون وهم ضد الدولة . هو بهذا الفعلوهذه الدعوى يجعل من نفسه زعيما لدولة ويمارس دور الدولة فوق الدولة ويضيق صدره إذا انتقده أحد ، ومن ثم كان وصفه للدكتور العوا والدكتور عمارة على أنهم يحرضون ، هذا الوصف ينطوى على خداع وتدليس، فسر الغضب من الرجلين ليس التحريض على فتنة، كما يدعى ، وإنما لأن الرجلين كشفا المصدرالحقيقى للفتنة ، وأن ما قاله بيشوى عن القرآن قاله شنوده في كتابه المسيحية والقرآن المطبوع في مطبعة المجد بمحرم بك في الإسكندرية ،وما قاله بيشوى عن كون المسلمين ضيوف ووافدين هونفسه ما قاله شنودة في مجلة مدارس الأحد بتاريخ 1 يناير 1951 ، وأن الأنبا شنودة في مجلة الإسبوع في حوار مع السيدة سناء السعيد يلوى عنق الأيات القرآنية لتشهد للعقائد المسيحية كما صنع بيشوى.
• ومن ثم فالدكتور العوا والدكتورعمارة عالمان كلاهما حجة تفخر بهما مصر، ويعتز بهما العالم العربي والإسلامي، وتزهو مجتمعات العالم المتحضر أن البشرية تضم من أبنائها أمثال هذين الرجلين. وكلاهما قد حدد الداء ومصدر العلة ووضع النقاط على الحروف في تلك القضية الشائكة.
• والملاحظ أن التعاون بين دولة شنودة وحكومة الدولة لن يكون بالقطع في صالح حكومة الدولة، وإنما هو تكريس لدولة شنودة وتواطؤ معها ومن ثم فلن يكون هذا التداخل لصالح الوطن ، وإنما سيكرس مفهوم دولة الكنيسة ، كما جاء بعبارات ذكية للغاية في اللقاء الذى تم ، فالآنبا قد ذكر أن القساوسة إذا أساءوا وخرجوا على القانون فإنهم يحاكمون داخل الكنيسة أي انهم لا يخضعون لقوانين حكومة الدولة وإنما يخضون لدولة الكنيسة بينما الشيوخ يحاسبون أمام محاكم الدولة إذا أخطأوا ، ومن ثم فنحن أمام جهتين سياديتين دولة الكنيسة ويخضع لها رعاياها وتحاكمهم وفق قوانينيها هى ولا علاقة لهم بقوانين حكومة الدولة.
• الجهة السيادية الثانية هى حكومة الدولة ويخضع لها كل الشعب المصرى بما فيه الكنائس والطوائف المسيحية كلها البروتستانت والكاثوليك باستثناء الكنيسة الأرثوذكسية ورجالها وأتباعها ،
• الفرق بين السيادتين أن سيادة حكومة شنودة على رعاياها مكتملة بينما سيادة حكومة الدولة على رعاياها منقوصة بهذا الاستثناء الذى أخرج أبناء المذهب الأرثوذكسى من تحت سيادة حكومة الدولة.
• محامى الكنيسة قد يرد بان مؤسسات كثيرة لديها لوائح للثواب والعقاب الداخلى، وهذا كلام مفهوم ، ولكن هذه اللوائح لأى مؤسسة تظل في إطار القانون العام للدولة ويمكن الاعتراض عليها كما يمكن نقضها بينما قوانين الكنيسة ليست في إطار قوانين الدولة ولا تخضع لها لا من قريب ولا من بعيد، بل إن الكنيسة نفسها وعلى لسان رأسها الأنبا شنودة رفضت حكما قضائيا صدر من أعلى جهة في القضاء الإدارى وهو حكم المحكمة الإدارية العليا .
الأمر مربك ومحير ويشكل مأزقا للدولة لا للكنيسة ، لأن الكنيسة تحرص بالطبع على تحقيق أكبر قدر من المكاسب لنفسها ولأتباعها، بينما تفرط حكومة الدولة في سلطانها وتسمح لمؤسسة يفترض أنها ضمن مؤسسات الدولة كلها أن تسلبها سلطانها وترفض الخضوع لرعايتها القانونية والدستورية وتعتقل وتحتجز وتسجن وتعاقب ، وهذا أمر معيب ويشكل ازدواجية لا في السلطة وحدها وإنما في المعايير القانونية التى تخضع لها الأغلبية الساحقة
الأغرب من هذا أن الحكومة بدلا من أن تسترد حقها القانونى في إخضاع كل المؤسسات لسلطتها وسلطانها ومنها الكنيسة طبعا راحت الحكومة تبحث للكنيسة عن مخرج يسوغ هذا الخروج تحت دعوى التهدئة فأرسلت جهازها الإعلامى لدولة الكنيسة لتؤكد فيه الكنيسة قدرتها من جديد على هزيمة الكومة وخداع الأغلبية الساحقة من شعبها والتى تشكل 96 % من مجموع السكان ومن ثم جاءت تصريحات الأنبا شنودة لتؤكد ذكاء الأنبا بيشوى وتدفع في الاتجاه بتكميم أفواه المسلمين وحتى الأكادميين منهم في المستقبل حول الحديث عن الإنجيل بحجة ازدراء الأديان،
قراءة الأحداث الأخيرة تسفر عن مجموعة من الحقائق يمكن أن نجملها فيما يأتى:
1. توزيع الأدوار بين رجال الكنيسة والتنسيق بكفاءة بين الداخل وأقباط الخارج.
2. تطور دور المال الطائفي في دعم الكنيسة ماديا ومعنويا ودور الإعلام الطائفى أيضا ، بينما تراجع دور إعلام الدولة في مواجهة الإعلام الطائفى
3. دور رأس الكنيسة الأنبا شنودة في توجيه الأحداث وإدارة الأزمة في حين غاب دورالدولة بمؤسساتها بل جيرت بعض المؤسسات لتكون في خدمة أهداف الكنيسة ، ومن ثم تغولت الكنيسة مقابل انكماش الدولة.
4. ظهور أمبراطورية الأطماع بوضوح وتوظيف النصارى لتحقيق هذا الهدف
وذلك باستعمال أقباط المهجر وسياسة الضغط والتخويف والتهويل.
5. العمل على اغتيال المعارضين معنويا عن طريق الإعلام وذلك بتشويه السمعة واستعداء الدولة عليهم ونزع صفة الولاء والإخلاص للوطن عنهم.
6. غياب القانون في حماية الحدود بين الكنيسة والدولة فهنالك عشرات البلاغات تقدم بها محامون للتحقيق في جرائم اعتقال واحتجاز الكنيسة لمواطنين ومواطنات بغير وجه حق، وسكوت أجهزة الأمن على تجاوزات القساوسة والكيل بمكيالين في التعامل مع رجال الدين حيث يتم تمييز المسيحيين بالسكوت على ما يفعلون وعدم محاسبتهم بينما تشتد قبضة الدولة ضد علماء المسلمين.
7. الرهان على أصواتهم في مقابل الأغلبية المسلمة يشكل مقامرة خاسرة محفوفة بالمخاطر حيث يؤكد منتدى بيو التابع لمركز أبحاث الدين والحياة التابع للولايات المتحدة الأمريكية أن الأقليات الدينية تشكل 5.4 % من الشعب المصري وهذا يعنى أن عدد النصارى باختلاف طوائفهم هو 4.3 مليون وهذه الأرقام تتوافق مع ما كشف عنه الفاتيكان هذا العام من أن عدد النصارى في مصر لا يتعدى 4.5 مليون مسيحي بروتستانت وكاثوليك وأرثوذكس ، وعلى المستوى المذهبي فإن نصيب الأرثوذكس من هذا التعداد سيكون 3 ملايين نصرانى أكثر من نصفهم أطفال دون السن القانونى للتصويت.ثم إن الانتخابات لا يجوز استعمال الدين فيها وإلا كان للأزهر أو لللإخوان المسلمين الأكثرية الساحقة لأنهم يمثلون الأغلبية المسلمة.
8. المحاورالرئيسة في هذا الحوارأن الرجل يستغفل الدنيا كلها وعلى تليفزيون الحكومة فهل يمكن أن تكون الحكومة شريكا له في هذا الغش ؟
9. والسؤال المحورى والذى لم تتم الإجابة عليه ، إذا لم تكن أنت وكنيستك دولة داخل الدولة فلماذا تحتجز مواطنين في كنيستك وتفرض عليهم الاعتقال وتمنعم من الظهور وتقيد حريتهم ؟
10. وإذاكا الإيمان الدينى مسألة قلبية ونحن أيضا نوافق على ذلك ، لكن لماذا تمنع المحتجزات من أن يتحدثن بانفسهن عن اختياراتهن الإيمانية لكل الناس ، ويفصحن عن دينهن حتى تنتهى العاصفة ويهدأ الرأي العام إن كنت حريصا على التهدئة ؟
11. إن كنت حريصا على التهدئة فلتعد الكنيسة لدورها ورسالتها في الخلاص الروحى وأن يكف الكهنة عن العويل وبذر بذور الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
12. إن كنت حريصا على التهدئة فلتغلق باب الاختراق من الخارج وأن يكف نصارى المهجر عن الأستقواء بالخارج وتشويه الوطن واستعداء الآخرين عليه، وأن تكف أنت شخصيا عن ممارسة دور الدولة لا في داخل الدولة وإنما دولة فوق الدولة.
بقيت نقطة على حرف مضيئ
وهى أن قضية أمن مصر التى تتعلل بها فنحن على يقين أن مصر محروسة بعين الله ورعايته، وأن في هذا البلد عيونا ساهرة ترقب الأحداث عن كثب وبوعى يدرك أبعاد الخطر المحدق، ويعرف أطرافه وخيوطه وشباكه جيدا ، كما يعرف الأصابع التى تحرك الأحداث خلف الكواليس المظلمة، وولاء هذه العيون الساهرة عندما يجد الجد لن يكون لغير الله ورسوله والوطن،
وعلى الذين يراهنون على تقسيم الوطن أن يريحوا أنفسهم، فمخطط التقسيم لن يتم، وسيموت قبل أن يولد ، ولن يكون إلا أوهاما في نفوس تنكرت لأفضال وطنها فباءت بوزر الخيانة وتبعتها لعنات أبناء هذا الوطن مسلمين ونصارى معا.
رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية ورئيس إذاعة القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.