لغز المقاومة العراقية أنس زاهد رغم أن هناك بعض العمليات القتالية التي تستهدف قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، فإن الحركة التي تسمى بالمقاومة العراقية تحوطها علامات استفهام كثيرة ويحيط بها الغموض من كل جانب. هل هذه المقاومة عراقية أم أنها مستوردة من الخارج ؟ وهل هذه المقاومة وطنية أم مذهبية؟ وهل هذه المقاومة لها علاقة بالعمليات الإرهابية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المواطنين العراقيين الأبرياء؟ وهل لهذه المقاومة علاقة بتنظيم القاعدة الإرهابي أم تنتمي إلى فلول حزب البعث الذي تم إقصاؤه من الحياة السياسية كليا، أم أن هناك تعاونا وتنسيقا بين الطرفين، أعني البعث والقاعدة؟!. كل هذه الأسئلة تبقى بلا إجابة، لكن الشيء الذي يحيّر المرء أكثر عند الحديث عما يسمى بالمقاومة العراقية، هو أنها حركة المقاومة الأولى التي لا تحمل أجندة سياسية واضحة أو مشروعا وطنيا محدداً. كل حركات المقاومة في العالم تمتلك مشاريع وطنية ذات صبغة سياسية محددة. قتال المحتل ومحاولة إجلائه هي جزء من هذه المشاريع الوطنية المبنية على تصورات ذات أفق سياسي واضح للجميع. غاندي كان يقاوم ليس لإجلاء المحتل فقط، ولكن للحفاظ على وحدة الأراضي الهندية ولإقرار الديمقراطية ولتكريس مبادئ العدالة الاجتماعية. ومقاتلو (الفيت كونغ) في فيتنام، كانوا يحاربون المحتل الأمريكي وفي ذهنهم إقامة مجتمع شيوعي. وفي الجزائر تبنّت جبهة التحرير الوطني الخيار الاشتراكي واستمرت في تطبيقه بعد التحرير عددا من العقود. قد يقول قائل : إن المقاومة الفلسطينية – قبل الأحداث الأخيرة المؤسفة - جمعت في الانتفاضة الثانية بين اليساريين والإسلاميين، ولكن فلسطين حالة خاصة جدا فضلا عن أن جميع الفصائل اتفقت على إقرار الديمقراطية منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية تحت قيادة فتح. وبعد ظهور حركة حماس على الخارطة السياسية في فلسطين اتفق الجميع على الخيار الديمقراطي، ولم يمنع الاختلاف الأيديولوجي بين كل من حماس وفتح (السلطة)، من التعاون والتنسيق بينهما، بل والقتال جنبًا إلى جنب في انتفاضة الأقصى. في العراق هناك حالة من الغموض الذي يجب أن ينجلي، وإلاّ فإن تهمة الإرهاب ستظل تلاحق المقاومة العراقية طالما لم تثبت براءتها من أعمال الإرهاب التي تستهدف المدنيين على أساس طائفي، كما تستهدف دور العبادة نفسها. المقاومة العراقية لغز يجب أن يحلّه القائمون عليها. عن صحيفة المدينه السعوديه 15/10/2007