مؤتمر الخريف وضبابية الموقف العربي مفيد عواد انشغلت الصحف الإسرائيلية ودوائر القرار السياسي خلال الأيام القليلة الماضية في تداول عدد من تصريحات السياسيين والمستشارين الإسرائيليين السابقين واللاحقين لرؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.. تم التركيز خلالها على أن عقد المؤتمر الدولي في شهر نوفمبر أكتوبر المقبل الذي دعا إليه الرئيس الأميركي بوش لن يؤدي إلى أية نتائج ذات أهمية. ويبدو جلياً أن الغرض من هذا الانشغال هو صياغة مضمون هذه الرسالة حيث أجمعت التعليقات الإسرائيلية المصاحبة لها على أن ما يسمى بالبحث المتوقع بشأن مرحلة الحل النهائي بين الفلسطينيين وإسرائيل سبق وانتهى الحديث بشأنه في رسالة بعث بها الرئيس جورج بوش إلى شارون بتاريخ 14 أبريل 2005 ... جدد خلالها بوش الإطار العام للحل النهائي. ويلاحظ أن الرسالة الإسرائيلية هذه جاءت بعد تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط للتلفزيون المصري الذي قال فيها أن أي حديث في المؤتمر خارج تحديد الإطار العام له تتعلق بخطوات الاتفاق على الحل النهائي لعدد من القضايا الرئيسة كعودة اللاجئين والقدسالشرقية والحدود .. والانشغال بقضايا تم الاتفاق عليها في مؤتمرات عديدة سابقة أمر لا يجوز. المستشارون الإسرائيليون كشفوا النقاب عن أن بوش أكد في رسالته تلك ضرورة أن تواصل إسرائيل (تواجدها) الدائم في كل الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية وكذلك حول وداخل مدينة القدس وعدم إعادة أي فلسطيني إلى أرضه بموجب القرار الدولي رقم 194 الذي يتحدث صراحة ومباشرة عن حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. والغريب أنه في ظل ضبابية الهدف من عقد المؤتمر المذكور بالنسبة للجانب العربي فإن ذلك لم يتبلور عنه حتى الآن موقف عربي واضح وموحد وقاطع من هذا المؤتمر بالرغم مما يتسرب بين الحين والآخر من تصريحات إسرائيلية وأميركية تطلب من العرب والإسرائيليين بالذات عدم توقع نتائج كبيرة وملموسة تؤدي إلى حل قيام الدولتين.. بل أن مباحثات المؤتمر ستتركز على العلاقات العامة بين الدول بمعنى البحث في تحسين الحالة الاجتماعية والمعيشية في فلسطين وفرز كيان فلسطيني هزيل مقابل تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية . ردود فعل المسئولين العرب المعنيين تجاه الموقف الإسرائيلي كانت عنيفة بشكل فردي.. حيث أعلن وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل .. أن بلاده لا تريد المشاركة في مؤتمر لا يؤمن حقوق الشعب الفلسطيني ويقتصر فقط على تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل بأي ثمن وذلك في الوقت الذي أعلن فيه مسئولون فلسطينيون أن الرئيس محمود عباس غير متحمس أبداً لحضور المؤتمر الذي لن يؤمن انسحاباً إسرائيلياً وفقاً للقرارات الدولية. أما عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية أعلن أن العرب قدموا مبادرتهم التي على أساسها من المفترض أن يعقد المؤتمر إلا أن هذا المؤتمر لم يجر له الإعداد الجيد لضمان الحدود الدنيا من النجاح المأمول. وفي خضم التردد العربي الذي اعتبره الإسرائيليون موقفاً عربياً يهدد بإلغاء "مؤتمر الخريف" أفرج الإسرائيليون عن الشق الأخطر في رسالة بوش وهو الخاص بأن تبقى 15% من أراضي الضفة الغربية وكامل مدينة القدس تحت السيطرة الإسرائيلية... ما يعني عربياً انزلاق الحدود الدنيا التي يقبل بها العرب مقابل الحل السلمي مع إسرائيل إلى نقطة يستحيل على أي عربي القبول بها سيما أن أحد المستشارين الإسرائيليين يستهجن مطالبة الفلسطينيين بإقامة دولة على الأراضي المحتلة في العام 1967 وحجة هذا الإسرائيلي في ذلك أن اليهود يعملون على إقامة دولة إسرائيل من البحر إلى النهر إضافة إلى أن الإدارة الأميركية حددت شكل الوضع النهائي الذي ستتمحور حوله لقاءات مؤتمر أكتوبر. عن صحيفة الوطن العمانية 4/10/2007