تزامن اجتماع الرئيس محمود عباس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في القدس امس، مع تصريحات للرئيس الاميركي جورج بوش قال فيها انه سيدعو الى مؤتمر دولي حول الشرق الاوسط في الخريف القادم، اي خلال عدة اسابيع من الان، فهل ثمة ترابط بين الاجتماع والتصريحات وهل تشهد المنطقة تحركا جديا وعمليا وان يكن بشكل بسيط ومحدود؟ لقد رافق اجتماع ابو مازن - اولمرت اتفاق غير معلن رسميا لوقف ملاحقة عشرات المطلوبين الفلسطينيين الذين وافقوا على تسليم اسلحتهم للسلطة الوطنية وكذلك قرار اسرائيل بالافراج عن اكثر من 250 اسيرا فلسطينيا خلال ايام والافراج عن القيادي في الجبهة الشعبية وعضو اللجنة التنفيذية عبد الرحيم ملوح وكذلك الموافقة على عودة عدد من القيادات الفلسطينية بينهم زعيم الجبهة الديمقراطية نايف حواتمة والقيادي الفتحاوي التاريخي فاروق القدومي وغيرهما وكذلك الافراج سابقا عن جزء من الاموال الفلسطينية. وقد تردد مساء نبأ لقناة تلفزيون اسرائيلية قالت فيه ان اسرائيل ستعيد انتشار قواتها في الضفة الغربية وستخلي بموجب ذلك نحو 70% من اراضي الضفة واذا تأكد مثل هذا النبأ فانه سيكون خطوة اخرى ايجابية. ان هذه كلها خطوات عملية وتشكل في مجموعها تطورا جديا حتى وان كانت ترتبط مباشرة باستيلاء حماس على غزة والمساعي الفلسطينية لازالة اثار هذا الانقلاب الحمساوي واعادة اللحمة بين الضفة والقطاع وتوحيد الموقف والتحرك والعمل الفلسطيني. وهذا يعني ايضا ان ثمة شيئا بدأ يتحرك او يوحي بالتحرك خاصة مع تزامنه مع دعوة بوش المقترحة الى عقد مؤتمر في الخريف حول الشرق الاوسط وتأكيده مجددا على خيار الدولتين. لقد اجتمع ابو مازن واولمرت، على انفراد مطولا، وقالت مصادر فلسطينية ان هذا الاجتماع ركز على قضايا الحل الدائم والخطوات الواجب اتخاذها وصولا الى هذا الهدف واعرب مستشار الرئيس نبيل عمرو عن اعتقاده بان دعوة بوش قد تكون نقلة نوعية . قد تكون الدعوة نقلة نوعية وقد لا تكون لاننا اعتدنا في بلادنا على سماع الكثير من المبادرات والمقترحات والمؤتمرات وكانت كلها تنتهي في الغالب الى لا شيء تقريبا، فهل الامر مختلف هذه المرة ام انه تكرار لحالات سابقة؟ نحن نعرف ان الخطوات الاسرائيلية المذكورة ليست كلاما بل هي واقع عملي »ملموس الا انها نقطة في بحر والمنطقة بحاجة الى شلالات خطوات واجراءات فاذا كان سيتم اطلاق 250 اسيرا فان هناك الاف في السجون وقد يعتقل اكثر منهم حتى قبل الافراج عنهم، وقد يكونون ممن انهوا معظم محكومياتهم وان تم الافراج عن ملوح فعلا فهناك عشرات القيادات ما تزال في السجون وفي المقدمة مروان البرغوثي واحمد سعدات واذا تم الانتشار والانسحاب من 70% من اراضي الضفة فان هذا ليس الا اجراء مؤقتا ومحدودا للغاية لان المطلوب تحقيق السلام الشامل والعادل، وفق المبادرة العربية، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. اما دعوة بوش فنحن نأمل ان تكون جادة ولا تكرر تجربة المؤتمر الاخير في شرم الشيخ الذي انتهى الى اقل من لا شيء وتمنينا لو لم ينعقد اساسا.