العرب واليهود في الانتخابات الاميركية ؟! رجا طلب رغم التقارب النسبي في عدد العرب واليهود الأميركيين إلا أن تأثير العرب ( قرابة 5,3 مليون ) في الحياة العامة الأميركية وفي السياسات الرسمية الداخلية والخارجية لا يكاد يذكر قياسا بالتأثير الكبير لليهود ( قرابة 275,5 مليون ) . والسبب المباشر لذلك يعود إلى التنظيم الدقيق الذي اختطه اليهود الأميركيون لحياتهم العامة في الولاياتالمتحدة منذ هجراتهم الأولى لأميركا في العام 1880 والتي بدأت بما سمي في بداية القرن العشرين ب ( البلاط اليهودي ) الذي كان يضم أثرياء اليهود وأصحاب النفوذ وصولا إلى اللجنة الإسرائيلية الأميركية للشؤون العامة - الايباك ( و هي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي وتأسست عام 1953 ) . وقد كان عهد الرئيس ترومان عام 1947 هو العهد العلني لهذا التأثير والاختبار العملي له ، وقد نجح هذا التنظيم عبر العشرات من المنظمات الكبرى لليهود من خلق واقع سياسي واقتصادي وثقافي لا يمكن لأي قوة أخرى لأية أثنية أو قومية أو ديانة في أميركا من تجاهله أو تجاهل خطر التصادم أو التناقض معه ، وفي لغة الأرقام فان الإحصائيات تقول أن اليهود ورغم عددهم الذي لا يزيد عن 3% من عدد سكان أميركا إلا أن نصف أعداد من يملكون مليارا وأكثر في الولاياتالمتحدة هم من اليهود . كما أن رؤساء أكبر ثلاث شبكات تلفزيون وأكبر أربع شركات للإنتاج السينمائي في الولاياتالمتحدة من اليهود، كما أن أصحاب أهم الصحف الأمريكية من اليهود وأبرزها الصحيفة الأكثر انتشارا وتأثيرا في أميركا وهي صحيفة نيويورك تايمز، كما أن اليهود يشكلون حوالي 11 في المئة من النخبة في المجتمع الأمريكي، و يشكلون أكثر من 25 في المئة من نخبة الصحفيين والناشرين وأكثر من 17 في المئة من قادة جماعات المصالح العامة التي تعمل بشكل تطوعي وأكثر من 15 في المئة من كبار المسئولين في أجهزة الحكومة المختلفة. أما العرب فهم في طور التنظيم ومنظماتهم معنية بشكل كبير في الجانب الحقوقي وقضايا منع التمييز ضدهم أبرزها المنظمة العربية لمكافحة التمييز ، والى الان لا يوجد لوبي عربي على غرار ايباك كما أن الخلافات السياسية الموجودة في العالم العربي انتقلت بصورة أو بأخرى إلى تلك المنظمات وهو ما ساهم في تشتيت وبعثرة جهودها ، ، ورغم هذا الواقع إلا أن العرب يملكون القدرة في إنتاج التأثير وذلك من خلال واقع توزيعهم داخل الولايات الأميركية وحسب التقديرات الإحصائية فان الأميركيين العرب يتوزعون على الولايات الخمسين، غير أن ثلثيهم يتركز في عشر ولايات، فيعيش ثلثهم في ولايات كاليفورنيا، ونيويورك، وميتشجان. ويقطن حوالي 94% منهم في المناطق الحضرية. وتُعد لوس أنجلوس وديترويت ( Detroit ) ونيويورك وشيكاغو ( Chicago ) وواشنطن أعلى خمس مدن يتركز فيها الأمريكيون العرب. ويتمتع العرب بوجود جيد في الولايات المتأرجحة ( swing states ) وهي: فلوريدا، وميتشجان، وأوهايو، وبنسلفانيا وفيرجينيا، والذي يعني تأثير حجم أصوات الأمريكيين العرب في الانتخابات الأمريكية على كافة المستويات. فعلى سبيل المثال يُمثل الأمريكيون العرب 2% من الناخبين في أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا في الانتخابات الرئاسية المحتدمة حالياً، وفي ولاية ميتشجان يفوق أصوات الأمريكيين العرب ال 5 من الأصوات الانتخابية بالولاية، ويعتقد العديد من المحللين أن الديمقراطيين لا يستطيعون تحقيق الفوز في نوفمبر المقبل دون الفوز في ميتشجان. ومع أن نسبة أصوات الأمريكيين العرب الانتخابية تبدو نسبة صغيرة لكنها قد تُغير من مسار هذه الانتخابات، ففي انتخابات 2000 فاز بوش بأصوات الأمريكيين العرب على منافسه أل جور بنسبة 5,7% نقطة. فهذه الميزة التي يوفرها التوزيع الجغرافي لديمغرافيا العرب الأميركيين تفقد فاعليتها في غياب توحيد الجهد والبرنامج والاتفاق على ضخ الأصوات او تنظيم منحها باتجاه احد المرشحين الرئيسيين في الانتخابات الرئاسية ، وفي المقابل نجد ونتيجة للخبرة التراكمية الطويلة لليهود في تنظيم وجودهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في أميركا أنهم قوة مؤثرة على الحزبين الرئيسيين ، و انه وبحكم هذه المتانة في التنظيم اليهودي أصبحت قضية دعم إسرائيل وأمنها قضية إجماع داخل دوائر صنع القرار الأميركية كافة ، وفي المقابل فان القضية الفلسطينية التي هي القضية المركزية للعرب تحتل المرتبة الثالثة في أولويات الأميركي من أصل عربي وليست القضية الأولى بعد الوضع في العراق والقضايا الداخلية كالتمييز والعمل والحقوق المدنية والمساواة وغيرها . وانطلاقا من هذا الواقع فان الأميركيين من أصل عربي ووفق تقديرات سياسية سيصوتون في الأغلب لاوباما لأسباب تتعلق بشعورهم انه و بأصوله الإفريقية هو اقرب لهم كما أنهم مازالوا يتذكرون مواقفه المؤيدة للأميركيين من أصول عربية وقبوله اخذ بعض الصور مع نساء عربيات مسلمات ومتحجبات خلال حملته الانتخابية وهو عوامل مجتمعة ولدت لديهم شعورا بأنه يشكل بالفعل عنوانا للتغيير ، هذا بالإضافة إلى جولته الشرق أوسطيه وزيارته الأردن ورام الله ولقائه الرئيس الفلسطيني على عكس ماكين الذي تجاهل زيارة رام الله ، في جولته التي سبقت جولة اوباما. ... إن الصوت العربي في انتخابات الرئاسة الأميركية لن يكون حاسما رغم أهميته وميزته الجغرافية لأنه مازال مشتتا ، في الوقت الذي سيكون الصوت اليهودي موزعا على الحزبين والمرشحين الرئيسيين بصورة مدروسة ودقيقة في إطار التكتيك المستخدم منذ سنوات طويلة والهادف إلى إبقاء أصوات اليهود ومؤيديهم هدفا يتنافس عليه الحزبان الكبيران في أميركا. عن صحيفة الرأي الاردنية 8/9/2008