روسيا تنقذ إيران مجددا د.هاني شادي لم يسفر لقاء نيويورك في الثامن والعشرين من الشهر الجاري بين وزراء خارجية الدول الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي روسياوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين إضافة إلى ألمانيا والمتعلق بالملف النووي الإيراني عن اتفاق بتشديد العقوبات على طهران كما كانت ترغب واشنطن وباريس ولندن. فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي كوشنير بتأجيل النظر في تشديد العقوبات إلى شهر نوفمبر القادم. ومن المعروف أن الخلافات دبت أثناء هذا اللقاء بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة ، وبين روسيا والصين من الجهة الأخرى حول جدوى تشديد العقوبات على إيران. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرح قبل ساعات من هذا اللقاء بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تستنفد بعد إمكانيات التعامل مع الملف النووي الإيراني. وتواكب هذا التصريح عمليا مع ما أعلنه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من على منصة الأممالمتحدة من أن الملف النووي لبلاده أصبح مغلقا أمام مجلس الأمن الدولي. وكان لقاء وزراء خارجية الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني سبقه اجتماع غير رسمي ( مأدبة غداء ) لوزراء الخارجية هؤلاء. وقال أحد الشهود أن مأدبة الغداء شهدت ملاسنة حادة بين وزير الخارجية الروسي لافروف ونظيرته رايس حيث دعت وزيرة الخارجية الأميركية إلى تشديد العقوبات ضد إيران في أسرع وقت ، بينما أصر لافروف على وجوب عدم التسرع. وقال لافروف للصحفيين إنه ورايس تبادلا "عبارات قوية". وقال متحدث باسم البعثة الروسية لدى منظمة الأممالمتحدة إن المناقشات التي تخللت مأدبة الغداء لم تتسم بنبرة التشدد ولكن لم تكن هناك محادثات طيبة. ولا يقتصر الخلاف بشأن الملف النووي الإيراني على تبادل "العبارات غير الطيبة " بين الدبلوماسيين الروس والأميركان ، فقد تبنى مجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي قرارا غير ملزم يطالب رئيس الولاياتالمتحدة بفرض عقوبات قاسية على طهران وتقييد تعاون الولاياتالمتحدة مع بلدان تساعد الإيرانيين مثل روسيا. ويرى الخبير الروسي غيورغي ميرسكي أن العقوبات الجديدة على إيران يمكن أن تتمثل في منعها من تصدير نفطها. ويعتقد ميرسكي أنه لا يمكن لروسيا والصين أن توافقا على فرض حظر كهذا. وفيما يتعلق بالتسريبات المتعلقة باحتمال شن هجوم عسكري على إيران ، فيرى ميرسكي أنه لا يمكن لقادة الحزب الجمهوري الأميركي أن يسمحوا لبوش بخوض مغامرة من هذا النوع تعبث بمصير الحزب ، لاسيما لإدراكهم أنهم سيخسرون معركة الانتخابات الرئاسية إذا بدأت الحرب مع إيران بعدما خسر حزبهم معركة الانتخابات البرلمانية نتيجة لمغامرة بوش في العراق. ويظن الخبير الروسي بأن قادة إيران على علم بنقطة الضعف الأميركية هذه ولذلك لا يبدون خائفين . ويقترح ميرسكي حلا وسطا لأزمة الملف النووي الإيراني يتلخص في وقف طهران تخصيب اليورانيوم وإلغاء الأممالمتحدة لكل العقوبات المفروضة على إيران ، وذلك بجانب تخلي الولاياتالمتحدة عن نية الإطاحة بنظام الحكم الإيراني. ويلمح الخبير الروسي إلى أن موسكو ربما تعمل في هذا الاتجاه. أما الباحث الروسي حيدر جمال، رئيس اللجنة الإسلامية الروسية ، فيرى أن الولاياتالمتحدة تحتاج اليوم إلى أزمة عسكرية عالمية من شأنها أن تساعدها على تحقيق أهدافها من خلال نشر الفوضى حول العالم، خصوصا في القارة الأوروبية. إلا أن الولاياتالمتحدة لا تريد أن تشترك في الحرب المنشودة بطريقة مباشرة، فهي تريد أن تلعب دور الحَكَم بين أطراف الحرب العالمية المحتملة في المرحلة الختامية منها على حد قول حيدر جمال . ويعتقد الباحث الروسي بوجود دولتين تقفان حائلا دون زلزلة الأوضاع السياسية في العالم على نحو ُيمكّن الولاياتالمتحدة من الوصول إلى ما تريد ، وهما إيرانوروسيا . ويتكهن حيدر جمال بأن صناع القرار الأميركي الحاليين يتصورون أنه يمكن إزالة العقبة "الروسية" من خلال ضرب إيران وهو ما يجب أن يؤدي إلى إشعال الصراع في العالم الإسلامي، وبالأخص بين بلدان عربية وإيران. ويشير الباحث الروسي إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تعتقد باحتمال تأثر نظام الحكم الروسي بتداعيات صراع من هذا النوع . وفي هذا السياق لا يستبعد حيدر جمال ضربة عسكرية إلى إيران . غير أن روسيا ومعها الصين حسب غالبية المراقبين تقف عقبة ضد هذه الضربة. كما أنهما تقفان في مواجهة تشديد العقوبات على إيران وحشرها في الزاوية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالمدى الذي يمكن أن تواصل فيه روسيا ومعها الصين محاولات إنقاذ إيران من المخلب الأميركي المدعوم من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا. عن صحيفة الوطن العمانية 30/9/2007