لمواجهة أزمة الغذاء العالمية لا بد أن يكون التحرك سريعا لتعزيز التعاون العربي لتطبيق برنامج عربي طارئ للأمن الغذائي إن أهمية تفعيل العمل في القطاع الزراعي وزيادة الاستثمارات في العملية الزراعية بالوطن العربي تعود لخطورة استمرار تدني معدلات نمو الإنتاج الغذائي الراهنة في الدول العربية, حيث عجزت عن ملاحقة الزيادات في معدلات الاستهلاك والحد من اتساع الفجوة الغذائية وما إلى ذلك من انعكاسات سلبية تهدد الأمن الغذائي والاجتماعي للمواطن العربي.
حيث تشير المعطيات إلى وجود فجوة كبيرة في ارتفاع الأسعار تقدر ب 18 مليار دولار للسلع الغذائية تغطى بعملية الاستيراد للسلع الغذائية من الخارج. لذا أصبح ضروريا مواجهة خطورة هذا الموقف الذي يلف الوضع الزراعي العام في المنطقة العربية بتعزيز التوجه لتبني برنامج غذائي عربي لدعم الدول العربية الأكثر تضررا من نقص المتاح من الغذاء وارتفاع أسعاره وإعداد تصور متكامل حول متطلبات هذا البرنامج وآليات تنفيذه. وهو الأمر الذي أفصحت عنة اجتماعات المنظمة العربية للتنمية الزراعية في العاصمة السعودية، حيث تم الإعلان رسميا عن مبادرة الرياض لخطة برنامج عربي طارئ للأمن الغذائي تضمن 10 تدابير وآليات مقترحة.
ونرى ضرورة تكثيف الجهود لإعطاء قضية الأمن الغذائي العربي أهمية خاصة, وذلك بأن يكون التحرك سريعا لتطبيق مبادرة الرياض التي تهدف إلى تحقيق التنمية الزراعية والمتمثله في زيادة واستقرار إنتاج الغذاء في الوطن العربي وتحديث القطاع التقليدي للمساهمة الفعلية في النشاط الاقتصادي العربي, وحث حكومات الدول للإسراع بتهيئة التشريعات والقوانين الداعمة للتكامل الزراعي العربي وتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بما يعزز حركة التبادل التجاري الزراعي العربي البيئي، وكذلك تهيئة الطاقات والموارد لبلورة وإعداد البرامج والمشروعات القطرية والمشتركة التي تساهم في تحقيق أهداف إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة لزيادة القدرة على توفير الغذاء الآمن للسكان.
وتعزيز هذا التعاون العربي يتطلب من كافة الأطراف المعنية التعاون والتنسيق لإعداد واعتماد برامج للنهضة الزراعية تركز على تدابير وآليات أهمها استنهاض همم القطاع العام والخاص ورجال المال والأعمال العرب للتوجه إلى الاستثمار في المشروعات الزراعية المشتركة في الدول المؤهلة بحيث يكون هناك التزام من قبل حكومات هذه الدول العربية المستضيفة للمشاريع الزراعية العربية المشتركة بمنح التسهيلات والامتيازات والضمانات و الإجراءات المشجعة والمحفزة للاستثمار العربي في مجال الأمن الغذائي و الزراعي.
وتتمثل السياسات الاقتصادية التي على الدول المؤهلة لاستضافة المشاريع الزراعية العربية المشتركة أن تنتهجها في إلغاء الضرائب على المنتجات الزراعية الخام، وإلغاء ضريبة الصادر على السلع الزراعية، وعدم وجود سقف تمويلي محدد للقطاع الزراعي، إلى جانب استقرار سعر الصرف للعمله الوطنيه مقابل الدولار الأميركي، ودعم المدخلات الزراعية وتخفيض تكلفة التمويل قصير ومتوسط الأجل وتطوير البنية التحتية الزراعية والخدمات المساعدة، بالإضافة إلى تفعيل دور القطاع الخاص بدعوة مؤسسات التمويل الإنمائي العربية والإقليمية والدولية لتقديم الدعم في عملية التنمية وانتهاج سياسة الشراكات الإستراتيجية في الاستثمار مع الدول الشقيقة والصديقة على المستوى الحكومي والقطاع الخاص، واستمرار تشجيع صادرات المنتجات النباتية والحيوانية إلى جانب إدخال الثروة الحيوانية في الدورة الزراعية واستمرارية المحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها لبلوغ الهدف.
في ظل توفر مثل هذه البيئة المواتية والبنية الخصبة والمميزات التي تمنحها الجهات المختصة للمستثمرين، يكون أمام رجال الأعمال العرب العديد من المشروعات الاستثمارية المتاحة والتي تتركز في مجالات إنتاج الأرز، والصادرات البستانية، إنتاج الموز، والسنابل، والقطن، وإنتاج الخضر، والأعلاف، وإنتاج النباتات الطبية والعطرية للتصدير، وعدد من المشاريع في الإنتاج الحيواني، وإنتاج القمح والذرة، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى لإنتاج السلع الغذائية والمحاصيل الأخرى وبخاصة منتجات رئيسية منها الحبوب والبذور الزيتية والسكر.
وأفضل مثال على ذلك المزايا التي يمنحها قانون تشجيع الاستثمار للمستثمر في دولة السودان الشقيقة، وذلك من خلال الإعفاء الجمركي الكامل لواردات المشروع من التجهيزات الرأسمالية ومنح الأراضي بميزات تفضيلية والإعفاء من ضريبة أرباح الأعمال, والتي عرضها الزبير بشير طه وزير الزراعة السوداني أمام حشد من رجال الأعمال السعوديين لتحفيزهم على العمل في 21 مشروعا استثماريا متاحا للاستثمار في السودان مبينا جدوى تلك المشاريع في التصنيع الزراعي. وأخيرا ضرورة زيادة الوعي لدى المواطن بأهمية ترشيد وتغيير الأنماط الاستهلاكية, وتشجيع التوجه لإنتاج الوقود الحيوي في الدول العربية من المخلفات الزراعية والغذائية والمنتجات الثانوية لمختلف المحاصيل الزراعية, ولاستخدام المحاصيل الغذائية والعلفية في إنتاجه لهو دور أجهزة الإعلام العربية القومي الذي يجب عليها الاضطلاع به لتأصيل وزيادة هذا الوعي لدى القاعدة الإنتاجية والاستثمارية العربية بحتمية التكامل الزراعي العربي.