قدر لبنان..! د. محمد ناجي عمايره قد يكون عدم اكتمال النصاب هو السبب المباشر لتأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في لبنان. غير ان الظروف المحيطة لم تكن مهيأة في الاصل للوصول الى انجاز هذا الاستحقاق عبر المجلس النيابي المنقسم على ذاته بين موالاة ومعارضة، مع ان الموالاة يشكلون اغلبية عددية تآكلت بفضل الاغتيالات السياسية المتسارعة التي استهدفت عددا من النواب، مما افقد الأكثرية النيابية زخمها. وحكاية الموالاة والمعارضة في لبنان في هذه الآونة حكاية ظريفة وطريفة، وفيها الكثير مما يثير التساؤلات والتشككات. ذلك ان المعارضة خارج الحكم موالية للرئيس الذي انتهت ولايته اليوم بينما الموالاة الحاكمة، بشخص رئيس الوزراء تعارض هذا الرئيس وما يمثله. والمعارضة النيابية كان لها الى حين غير بعيد وزراء في الحكومة استقالوا منها للضغط عليها لتحقيق ما لم تتمكن المعارضة من تحقيقه وهم في الوزارة. والرئيس لحود الذي ظل لشهور طويلة معزولا في قصر بعبدا، ولا يتم التعاطي معه من قبل الحكومة التي يفترض انه رئيسها ، لانه رئيس كل لبنان..هو الرئيس الذي يحظى بتأييد المعارضة المتمثلة في حزب الله وحركة امل وبعض القوى اليسارية والقومية التقليدية. ويتهم الرئيس بانه (غير شرعي) بسبب ان التمديد له، كان بضغط سياسي سوري إبان كان لدمشق نفوذها، ووجودها العسكري في لبنان. لا يستطيع احد ان يجزم بما سوف تسفر عنه الامور في لبنان حتى الموعد المؤجل لاجتماع مجلس النواب في 23 اكتوبر لانتخاب رئيس جديد. فالتوافق على هذا الرئيس لم يتم، حتى الآن ، وهو ما ادى الى فشل اجتماع المجلس النيابي امس. ولا توجد مؤشرات لحصول هذا التوافق خلال وقت قريب. والمنطقة حبلى بالاحداث واية تطورات عسكرية او سياسية فيها سوف تؤثر جذريا في الشأن اللبناني. واللاعبون الرئيسيون في الشأن اللبناني هم من خارج لبنان، في الساحة الاقليمية والدولية. وتداخلات الشأن اللبناني بالشأن الفلسطيني والسوري موجودة ومعقدة جدا. وكل ذلك سوف يسهم في اختيار رئيس معين واستبعاد آخر، والمرشحون حتى الآن غير محددين، وقد تظهر اسماء جديدة، وقد تختفي اسماء حاليا عن القائمة. التوافق اللبناني الداخلي مطلوب ، ونحن نؤكد اهميته القصوى، لكننا لا نستغرب اذا كان هذا التوافق وحده لا يكفي لانتخاب الرئيس الجديد، ما لم يكن قائما على توافق مصالح الاطراف الاقليمية والدولية. فهل هذا هو قدر لبنان؟! عن صحيفة الوطن العمانية 26/9/2007