القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    أسعار الذهب في بداية اليوم الأحد 27 يوليو    ننشر أسعار الأسماك والخضروات والدواجن.. 27 يوليو    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    جيش الاحتلال يعلن مقتل جندي من سلاح الهندسة في غزة    الجيش الروسي يسقط 99 مسيرة جوية أوكرانية    إصابة 11 شخصًا في حادث طعن بميشيجان الأمريكية    استمرار القتال بين تايلاند وكمبوديا رغم دعوة ترامب لوقف إطلاق النار    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى نيويورك    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    قبل بدء الهدنة.. 11 شهيدًا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة: كثافات مرورية متحركة وسط انتشار الخدمات الميدانية    الأرصاد الجوية : اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 41 درجة وأسوان 46    تحرك شاحنات المساعدات إلي معبر كرم أبو سالم من أمام معبر رفح البري    «برشلونة وآرسنال».. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    وزير الثقافة: نقل صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة    ريم أحمد: أعتز بشخصية «هدى» في «ونيس».. لكنني أسعى للتحرر من أسرها    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    القنوات الناقلة ل مباراة برشلونة وفيسيل كوبي الودية.. وموعدها    احمِ نفسك من موجة الحر.. 8 نصائح لا غنى عنها لطقس اليوم    في حادث مروري بقنا.. مصرع وإصابة 4    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    بقيمة 859 مليون جنيه.. «CIB» يقتنص إدارة وضمان تغطية صفقة توريق جديدة ل«بى تك»    «لايم» للتمويل الاستهلاكي تعتزم ضخ أكثر من مليار جنيه حتى نهاية 2026    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب الذى يتشدق بالحضارة
نشر في محيط يوم 30 - 04 - 2008


الغرب الذى يتشدق بالحضارة

* د. هاشم الفلالى

إن للخبرة السياسية دور كبير، وان المستجدات على الساحة الدولية والاقليمية، قد تغيرت كثيرا عما كانت عليه قبل عدة حقب، وما اصبحنا نعيشه اليوم يختلف كليا عما كان عليه فى ما سبق، ونحتاج إلى تلك الرؤية الجديدة، وكيفية التعامل معها، والتى تصل إلى تحقيق افضل النتائج التى من شأنها بان تحافظ على حقوق العرب المشروعة، والحل العادل للقضية او التسوية الشاملة لمشكلات وقضايا العرب التى يعانوا منها، وقد عانوا الكثير خلال قرن من الزمان. يجب دراسة كل الاقتراحات والمبادرات والحلول التى من الممكن بان يكون لها دورها.

يجب العمل على اتخاذ الاجراءات الازمة فى تحقيق ما هو افضل فى هذا المسار اللبنانى الغامض فى التدهور الذى حدث بشكل لم يكن متوقعا، وان هناك خللا ما قد اصبح متواجدا فى الشرعية اللبنانية والدستور اللبنانى الذى يحتاج إلى تغطية هذا النقص او العجز الذى ادى إلى الفراغ الكبير والخطير فى الانتخابات الرئاسية، والتى تحتاج إلى معالجة سريعة، نظرا لما قد يلحق بها من اضرار تؤدى إلى دخول لبنان فى دوامة سياسية تعصف بها بعيدا عن الهدوء والاستقرار والازدهار السياسيى والاقتصادى والحضارى الذى تنشده.

إن روسيا دولة قوية ويمكن الاعتماد عليها فى دعم عملية السلام فى الشرق الاوسط، ولكن كدور اضافى وليس اساسى حيث ان هناك اختلافا استراتيجيا قد حدث فى العالم، وان هناك نظام جديد، وفقا لما قد حدث من تطورات، وان الدور الاساسى الذى تقوم به امريكا فى دعم عملية السلام هو الاعتماد الذى اصبح يعتمد عليه، ولا يقبل ايا من الاطراف بديلا له، وان كان هناك علاقات جيدة مع باقى دول العالم.

إن العرب لهم خبرة فى التعامل مع كافة دول العالم سياسيا واقتصاديا، وان الدعم العسكرى الذى يمكن بان يعتمد عليه فى السابق كان من قبل امريكا والاتحاد السوفيتى، اثناء الحرب الباردة، فلم يصبح كذلك، ولكن قد يكون هناك مناخ اخر يمكن اداء المهام السياسية فيه، تؤدى إلى تحقيق نوعا من التفاهم اكثر، وبعدا عن المزيد من الجمود فى عملية السلام فى الشرق الاوسط.

يجب تدارك الوضع الامنى المتدهور فى الصومال الذى ازداد مع التدهور السياسيى والاقتصادى والعسكرى، وما يحدث من عنف فى الصومال هو امر خطير وتطوراته ستكون اخطر، ويجب على العرب والمجتمع الدولى العمل على دعم الصومال فى معالجة مشكلاته الداخلية والسياسية والخروج به من النفق المظلم الذى وقع فيه، وان يتم القيام بكل تلك الاصلاحات اللازمة من اجل مصالحة الصومال وتجنب كل ما يمكن بان يؤدى إلى العواقب الوخيمة التى فيها الهلاك والعياذ بالله.

إن الغرب استطاع بان يصل إلى قمة الحضارة الحديثة، ولكن كما إن للحضارة ايجابيات فإن لها سلبيات ومساوئ، وان التعامل مع الحضارة الحديثة يجب بان يتم الاستعداد له، وان هناك ما يبهر الانسان فى ما وصل إليه الغرب فيظن بان مساوئهم هى التى وصلت بهم إلى هذا المستوى الراقى من التقدم العلمى، او ان يأخذ البيعة كما هى بالجيد الردئ، وهذا فيه الخطر الشديد. وان هناك ايضا التيارات الشديدة التى قد تؤدى إلى الدمار وليس إلى البناء والتشيد فى حضارة الغرب.

فالحرص كل الحرص لما نأخذه من الغرب فالوقاية خير من العلاج. إن ما يحدث فى دول المنطقة هو استهداف ليس له مثيل فى التاريخ، فهناك الانفراد فى المشكلات، وهناك التداخل وهناك التشابه، واصبح الوضع فى غاية الصعوبة والتعقيد، من حيث اختلاط الحابل بالنابل، ولم يعد هناك من يستطيع بان يتعرف على حقيق ما يحدث من صارع ونزاع بين مختلف القوى السياسية الداخلية والخارجية، وان هناك من يمسكل بخيوط ما يحدث، وهناك المفاجأت التى ايضا تحدث بين الحين والحين، من حيث تطور الامور إلى ما هو اسوء من اوضاع سياسية وعسكرية وامنية تعصف بدول المنطقة كافة.

إن ما يحدث فى المنطقة من صراع قد اصبح بعيدا عما كان عليه، واصبح هناك الكثير من تلك المسارات التى نجدها قد ابتعدا كثيرا عن الواقع، وان العلاج المناسب لما يحدث من تفاقم للمشكلات غير متواجد. إن هناك الكثير ممن قد ألم بدول المنطقة وهناك عدم قدرة وامكانية للسيطرة على ما يحدث من تلك التطوارت الخطيرة، فى كافة دول المنطقة، وليس فقط فى فلسطين، وهى لب الصراعات المتواجدة، ولكن المشكلات اصبحت تتواجد وتتشعب ولم يعد هناك ما يمكن بان يحقق الهدف المنشود من وحدة وتضامن واستقرار وهدوء فى الشارع العربى، والذى اصبح يعانى صراعا سياسيا واخر اقتصاديا، ويجد بانه حائر فى ما يمكن بان يؤديه من مهام لما يمكن بان يؤدى الدور المطلوب فى الوصول إلى ما ينشده، اصبحنا نجد باننا نواجه صراع خارجيا واخر داخليا، مع الاخر ومع انفسنا.

تطور الاوضاع إلى هذا السوء يحتاج إلى تصحيح ومعالجة وفعالة تحقق ما تنشده الامة وتصل به إلى الاستقرار، بعيدا عن المزيد من التدهور والانهيار. هناك الكثير من تلك التطورات التى حدثت مؤخرا فى مسار القضية الفلسطينية وعملية السلام فى الشرق الاوسط، وقد تبلور الكثير مما استجد على الساحة العربية والدولية، وما يمكن بان يعطى دفعة جديدة نحو مسار افضل، ولكن لابد من ان يكون هناك مصداقية وجدية من الجانب الاسرائيلى فى التعامل مع الاتفاقيات التى تعقد وما قد تم من اتفاقيات مع الجانب الفلسطينى.

أن ما يهدد مسار السلام هو الصعوبة والتعقيد الذى يضعه احد الاطراف من شروط قد تحدث نوعا من التعنت فى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. هناك الكثير من الاتفاقيات بين الجانبين ولكن القليل من التنفيذ للأسف الشديد. إن التوتر السياسى الباكستانى قد يكون وصل إلى مرحلة من الهدوء المؤقت او الدائم وهذا ما يمكن التعرف عليه من خلال المرحلة المقبلة على باكستان فى ما سوف يكون عليه الوضع السياسى والممارسة الفعلية فى الحياة السياسية التى تريدها باكستان.

ولكن قد يكون هناك ايضا نوعا من الاضطرابات السياسية والعسكرية مع جارتها الهند، والذى هو على الحدود والصراع حول كشمير، وما يمكن بان يكون عليه الوضع من علاقات بين البلدين. إن لبنان والعراق والسودان وباقى الدول التى تعانى من اضطرابات سياسية خطيرة فى حاجة إلى اهتمام فى المحافل الدولية والاقليمية لما يحدث فى من توترات سياسية وما تمر به الان من ازمة رئاسية خطيرة تعصف بها، وتحتاج إلى ان يتم تدارك الموقف بافضل المعالجات والوصول إلى افضل النتائج الممكنة للخروج من هذا الوضع الصعب والمعقد الذى تعيشه لبنان فى هذه المرحلة من تاريخها الحديث.

إن دور البحث العلمى فى عصرنا هذا فى غاية الضرورة حيث ان هناك الكثير من تلك المشكلات العلمية والحضارية التى تحتاج إلى معالجات وحلول مناسبة وفقا للتطورات والمستجدات التى تحدث بين الحين والاخر، وما يمكن بان يكون له دوره الايجابى والفعال فى الوصول إلى ما يريده الانسان من حلول فى تعاملاته مع الحضارة الحديثة وفى كافة المجالات والميادين.

إن التطورات الهائلة فى عالم التكنولوجيا يجعل كل شئ فى الامكان، وقد نصل بالفعل إلى ما لا يتصوره عقل فى خلال الحقبة القادمة من هذا القرن، ونجد بان هناك الكثير من تلك التطورات والاكتشافات التى تجعل هناك الكثير من تلك الاجهزة التى يكون لديها القدرة على التغلب على مشكلات اليوم، وما يمكن بان يكون عليه المستقبل من اجهزة تؤدة الكثير من المهام والتواصل بشكل يساعد على الكثير من تحقيق المهام التى كانت تقوم بها وتؤديها الشركات والمؤسسات الكبرى، والتى تصبح فى متناول الافراد كما هو الان مقارنة بالماضى الذى كان الاعتماد فيه كبيرا على الجهات الحكومية والقطاع الخاص فلم يصبح الوضع كما كان فى الكثير مما يؤدى اليوم على المستوى الجماعى المحدود والفردى.

إن لبنان لم يستطيع بان يسيطر على الاوضاع المتأزمة التى لديه، ونجد بان هناك وضع صعب ومعقد لم يتم التعامل معه بالاسلوب الامثل، وان هناك طريق مسدود وصراع بين القوى السياسية اللبنانية، وقد يكون هناك ايضا قوى خارجية تدعم هذا الوضع الخطير فى لبنان، ولكن كل هذا فى النهاية ليس فى مصلحة لبنان، ويجب ان يتم الوصول إلى حل حتى يتم اختياز هذه الازمة الذى تعصف بلبنان، وسوف تجره نحو المويد من المعاناة وهذا ما يجب بان يتم تجنبه وتفاديه، لانه الخطر الذى سوف يلحق بلبنان.

هناك الكثير من المتغيرات فى عالمنا المعاصر قد حدثت وسواءا على المستوى الحضارى الجماعى او الفردى، من حيث ما يمكن بان يصل إليه الفرد او الجماعة والحصول عليه من علاقات ومعاملات لم تكن متوافرة فى السابق، ولكن قد يكون هناك من يبرع ويصل إلى مستويات لا يستطيع بان يصل إليها غيره، مثل كل البطولات التى تتحقق فى كافة الميادين.

وقد نجد من استطاع بان يحقق انجازا من خلال عمله او مخلال هواية تكون ايضا من الصعب او بذل فيها الجهد والصبر والمثابرة واعطاها من اهتمام ما جعله يتميز او يتميزوا عن الاخرين، فى موقع جغرافى ما، او زمن تاريخى ما. فما اكثر العباقرة والابطال واصحاب التميز فى التاريخ القديم والحديث. إن لبنان فى حاجة إلى دراسة وبحث هذه المشكلة بشكل علمى، وان توضع هذه المشكلة او الازمة التى يمر بها فى المختبر او المعمل السياسيى، والتى يصل إلى النتائج التى تحدد ما هو التصرف السليم والصحيح حيال ما وصلت إلى الامور من تطور وتفاقم اصبح من المستحيل ايجاد الحل والمعالجة المناسبة لها.

او هو اختلاف فى وجهات النظر من الصعب بل انه من المستجيل التوافق بينها، وتحتاج إلى ان تعالج بالاسلوب الذى يصل بها إلى ما يرضى جميع الاطراف او اغلب الاطراف، بحيث يتم اتخاذ القرار الصائب والوصول إلى الخروج مما آلت إليه الاوضاع من تدهور خطير.

إن وضع لبنان قد اصبح فريد فى نوعه، وبدأ يأخذ مسارا بعيدا كل البعد عن ايجاد الحل او المعالجة التى تصل به إلى الحل المناسب الذى يريده لبنان ليعود إلى حياته السياسية الطبيعية بعيدا عن كل تلك المتاهات التى وصل إليها، وقد فشلت كل المساعى التى بذلت بشكل عربى ودولى من اجل مساعدة لبنان فى الخروج من محنته التى ألمت به فى الفترة الاخيرة، والتى امتدت إلى عدة شهور وليس هناك بوادر لإيجاد الحل المناسب والفعال فى هذه القضية التى تؤرق العرب والعالم.

إن ما وصلت إليه الاوضاع من حالة الركود التى تعانى منها القضية الفلسطينية رغم كل تلك الاتفاقيات التى تمت بين الجانبين الاسرائيلى والفلسطينى، وعدم الالتزام خاصة بالاتفاقيات الاخيرة فى انابوليس وان يكون هناك سلام ودولة فلسطينية قبل نهاية فترة الرئيس بوش، فإن ما يحدث وما نجده على ارض الواقع خلاف كل ذلك تماما، والتطورات الاخيرة فى غزة ايضا تعتبر معضلات امام عملية السلام، وان الواقع يختلف كليا عما يتم التخطيط له، وان ما يتم من مباحثات لا تتوقع ما يمكن بان يحدث من تطورات فى الاراضى والشارع العربي.

إن العراق مازال فى حالة من التوتر والاضطراب السياسيى وان الاوضاع الامنية فيه ليست على ما يرام، وان كانت هناك علاقات طيبة بين العراق والدول العربية والاجنبية فإن هناك خوف من الانفلات الامنى فى الشارع العراقى، والذى احدث فى السابق ازمات سياسية ودبلوماسية مع الكثير من الدول بسبب القتل والتدمير الذى يشمل كل من يتواجد على ارض العراق، بدون تفرقة او تمييز، بين عدو او صديق. وبالطبع فإن الدول التى تريد بان يكون لها دبلوماسيين فى العراق، لابد من ان يكون هناك توافر للأمن وسلامتهم قبل كل شئ، وبدون توافر شروط السلامة فإن لا يكون هناك دبلوماسيين لدول عربية او غير عربية فى العراق، إلا لمن يريد المجازفة والمخاطرة، وهذا شئ خطر يجب وضعه فى الاعتبار. إن هناك ازمة عالمية تشمل كل تلك الموارد التى يستخدمها الانسان فى حياته، والتى كانت متمركزة فى الطاقة التى تحرك المصانع والالات والعجلة الحضارية فى العالم، ولكنها وصلت اليوم إلى ان تشمل طاقة الانسان فى حياته التى يحياها ويستهلكه من غذاء وشراب وهذا بالطبع يعتبر من اخطر المتغيرات التى تحدث لما لها تأثير خطير على الامن الغذائى فى المملكة خاصة، والعالم عامة. فهل هناك من يستطيع بان يعيد الاوضاع إلى طبيعتها وان هذه الازمات تحدث عادة كل فترة زمنية، ولكن مع متغيرات ومستجدات يجب دراستها ومعالجتها.

إن واقع الامة العربية مر صعب معقد، سواء فى قضياها الداخلية ومعاناتها مع الحياة والحضارة الحديثة، او مع الاحتلال الاسرائيلى والامريكى وتاريخها فى كفاحها لمقاومة كل احتلال ومقاومة كل مغتصب للأرض وان كان هناك الكثير من الكفاح فى ماضينا، فإن حاضرنا مازال يعانى ايضا الكثير مما نراه على ارض الواقع من كل هذا الظلم الدولى الواقع على الامة العربية من خلال التجاهل للحقوق العربية الشرعية والعادلة.

إن ما يحدث الان فى المنطقة هو انعكاسات خطيرة لمعالجات لم تكن كما يجب فى تحقيق الاهداف المرجوة لصالح الشعوب العربية، مع اطماع المحتلين لأراضى وثروات الشعوب والمنطقة وزعزعة الامن والاستقرار، حتى لا يمكن ان تنهض الامة من كبوتها التى هى فيها. إن وجود الثروات والموارد الطبيعية فى منطقة الشرق الاوسط وما تذخر به مما يفتقده الغرب او افتقده نظرا للمتطلبات الحضارة الحديثة التى تحتاج إلى هذا الكم الهائل من الثروات والموارد الطبيعية، ولا يتوقف النهم من عجلة الحضارة إلى كل ما هو موجود من مواد خام على ظهر الارض او فى باطنها، هو نعمة انعم الله بها على من يعيش على ظهرها، ونقمة جعلت الاجنبى يطمع فيها، ويحاول بان يسيطر عليها ويحصل عليها، بكافة الطرق والاساليب السياسية والاقتصادية والعسكرية والحضارية، وباللين تارة وبالعنف تارة اخرى.

وسيظل الوضع هكذا حتى تنضب هذه الثروات والموارد الطبيعية، وخاصة النفط وهو الطاقة الازمة والضرورية لحضارة اليوم، والذى اصبح العالم فى اشد الحاجة إليها. لم تعد المنافسة سهلة مع التطورات الحضارية التى يعيشها عالمنا اليوم، وليس فقط فى مجال السيارات، وانما اصبح فى كل شئ تقريبا، وان هناك امكانيات وقدرات هائلة تتواجد فى تصاميم سيارات اليوم التى تستخدم، والتى اصبحت على مستوى راقى وبها الكثير من المواصفات التى كانت مقصورة على بعض الشركات، وكذلك الاضافات الاخرى الحديثة.

إن الصين اصبحت تتوق إلى التقرب إلى دول المنطقة، وان لديها الكثير مما يمكن بان تقدمه للدول العربية من تعاون فى العديد من المجالات وخاصة الاعلامية الذى يمثل دورا كبير فى حضارة اليوم، والذى يؤدى الكثير من المهام والاغراض فى الحركة التنموية والنهضة الحضارية.

إن القضية الفلسطينية تسير فى الاتجاة الصحيح، ولكن وهكذا دائما الحال بان يكون التخطيط شئ او الاتفاقيات والمعاهدات التى تعقد بين الجانبين شئ والواقع المر شئ اخر، فهناك من ينفذ ويلتزم بما تم الاتفاق عليه، من منطلق الجدية والسير فى الطريق الصحيح نحو السلام وبعيدا عن ايا من تلك الاختراقات الامنية التى قد تحدث، من اجل التنعنت ومزيدا من تحقيق المكاسب السياسية التى قد تؤدى إلى نتائج عكسية فى مسار السلام والوصول إلى الحل فى هذه القضية التى ما ان تنفرج ويأتى الفرج حتى تتعقد الامور من جديد، ونجد التعنت والصلف الاسرائيلى يهدم كل ما قد تم بناءه وتشيده فى الوصول إلى احل النهائى. هناك الكثير فى الحياة مما نعيشه يحتاج إلى صبر وحكمة، وان عجلة الانسان قد تكون من الاسباب التى تؤدى إلى فشله أو إلى تحقيق خسائر مادية ومعنوية.

وان عصفور فى اليد افضل من عشرة على الشجرة، وان هناك الكثير فى الحياة الذى يحتاج إلى وعى وادراك، ومعرفة بان الحياة فيها التعب والشقاء، وان الجنة هى دار النعيم والسعادة. وان يعيش الانسان فى الحقيقة والواقع خير من ان يعيش فى الخيال والافتراض. هناك الكثير من المتغيرات التى حدثت على ارض الواقع فى العالم وليس فى منطقة الشرق الاوسط فقط، فهناك المستجدات السياسية التى ادت إلى تطورات الاوضاع وتغير الخريطة السياسية فى العالم، والمتغيرات السياسية التى احدثت ما نحن عليه من نظام عالمى جديد. قد يكون هناك الكثير من الثوابت فى المنطقة والتى تحتاج إلى تفهم من الاخر، وان السلام هو طريق اختاره العرب ليسيروا فيه، وانه قد يكون هناك تطورات فى المرحلة المقبلة من تاريخ الشرق الاوسط، والذى سيكون له تأثيره على المستوى الدولى ايضا.

هل هناك مازال مؤمرات تحاك للمسلمين رغم كل تلك الوسائل والاساليب التى تتخذ من اجل تصحيح المفاهيم لدى الغرب، وان من المفروضا بان يكون المسلمين هم القدوة فى الاخلاق والسلوك والتعايش السلمى مع الاخر، وان العرب والمسملين كانوا يعيشوا فى الاندلس فى سلام مع الاخر، ولم يحدث بان حدث نزاع او خلاف، وأنما كان لهم حضارتهم ونظامهم، والذى كان الغرب يتشدق بهذا الحضارة حين كان فى زمن الظلمات. هل هناك من يتربص بالعرب والمسلمين، ويريدوا لهم الاذى والضرر وان يستفزوا دائما من قبل الحاقدين عليهم، وحتى يظهروا بمظهر الارهابين حين يدافعوا عن حقوقهم ودينهم وعرضهم ومالهم.

هل يريد الغرب بان يظل المسلمين ضعفاء لا ناصر لهم، وكل من تسول له منهم نفسه بان يتجرأ على الاسلام والمسلمين بالاهانة والاستهزاء والسخرية بل والتعدى بان لا يجدوا من يدافع عنهم وعن حقوقهم الانسانية والمشروعة لدى الغرب الذى يتشدق بالحضارة الحديثة وقيمها وحرية الانسان وحقوق الفرد والجماعة والديمقراطية.

** المملكة المتحدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.