العرب و" الاتحاد السوفييتي " احمد عمرابي هل يحيي العرب علاقة التحالف الاستراتيجي القديمة بين العالم العربي والاتحاد السوفييتي السابق؟
السؤال مطروح بالطبع في مناسبة التداعيات السياسية الخطيرة الناشئة عن التأزم المتصاعد بين روسيا والغرب بقيادة الولاياتالمتحدة الناتج بدوره عن حملة الغزو الروسي على جورجيا. فهو تأزم يوحي بعودة مناخ الحرب الباردة مع تعدد بؤر الصراع الروسي الأميركي بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط. تأسيساً على ذلك يبدو أن القيادة الروسية راغبة في تقوية العلاقات مع العالم العربي من أجل مناوأة النفوذ الأميركي الإسرائيلي في المنطقة: فهل تلقى هذه الرغبة الروسية تجاوباً عربياً؟
للتحقق من حكمة هذا التساؤل ليس على العرب سوى تقليب صفحات التاريخ القريب لإعادة قراءة التجربة العربية مع الاتحاد السوفييتي خلال عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن المنصرم. مصر الناصرية كانت الدولة العربية الأشد ارتباطاً مع الاتحاد السوفييتي.
انطلقت هذه العلاقة في منتصف الخمسينات عندما استطاعت القيادة المصرية توقيع صفقة أسلحة مع المعسكر السوفييتي هي الأولى من نوعها بعد أن رفضت أميركا والدول الغربية الأخرى تزويدها بما كانت تريد من أجل إعادة تسليح الجيش المصري، ورغم أن مصر تلقت هزيمة كاسحة في حرب 67 مع إسرائيل إلا أن موسكو سرعان ما تجاوبت مع القاهرة لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية.
وهنا علينا أن نستذكر أيضاً أن الانتصار المصري الساحق على إسرائيل في حرب أكتوبر 73 كان بسلاح سوفييتي. التعاون الاستراتيجي بين مصر والاتحاد السوفييتي فتح الباب لتعاون سوفييتي مماثل مع سوريا حيث صارت روسيا منذ ذلك الحين وحتى اليوم المصدر الأوحد للإمدادات العسكرية السورية.
وامتد التعاون الروسي العسكري إلى العراق عند نهاية الخمسينات ابتداءً من عهد الرئيس عبدالكريم قاسم. وبعد انتصار الثورة الجزائرية وقيام دولة الجزائر المستقلة في عام 1962 توجه الرئيس بومدين فوراً صوب موسكو حيث أرسى مع القيادة السوفييتية قواعد علاقة استراتيجية متينة.
إن تداعيات الأزمة الجورجية بين روسيا والغرب تثبت مع مرور كل يوم أن ساحة الصراع الدولي أخذت تستقبل رياح تغيير. وإذا توفرت للدول العربية إرادة استقلالية فإنه تلوح أمامها الآن فرصة تاريخية قابلة للاستثمار. عن صحيفة البيان الاماراتية 25/8/2008