روسيا على الأبواب حسام كنفاني المواجهة بين موسكو وواشنطن، التي بدأت في جورجيا، باتت مرشحة للتوسع إلى الشرق الأوسط، إن لم تكن توسعت فعلاً بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في سوتشي يوم الخميس الماضي. اللقاء كان مناسبة لموسكو للتلويح ببعض ما في جعبتها لمواجهة الغرب ومصالحه في الشرق الأوسط، فالمارد الروسي خرج من قمقمه ولم يعد في وارد الرجوع إلى الوراء، ليس في ملف جورجيا فقط، بل في كل الملفات العالمية التي تشغل بال الإدارة الأمريكية. تلميح الأسد إلى إمكان نشر صواريخ “اسكندر" الروسية على الأراضي السورية، ما هو إلا جرس إنذار لعودة موسكو بقوة إلى الشرق الأوسط. عودة مهدت لها روسيا خلال السنة الماضية بشكل خجول عبر محاولات لاستعادة جسور النفوذ في المنطقة، فالجميع يذكر الدور الذي لعبته موسكو في إقناع سوريا بالمشاركة في مؤتمر “أنابولس" للتسوية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتحضير لمؤتمر موازٍ على أراضيها، عارضته الولاياتالمتحدة وأجلته مراراً وتكراراً إلى أن نعاه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، ديفيد ولش، أخيراً. موسكو استشعرت “الفيتو" الأمريكي على امتداد نفوذها السياسي، فسعت إلى التلويح بالعسكر عبر الحديث الذي راج في الفترة اللاحقة لمؤتمر “أنابولس" عن إمكان إعادة تفعيل القاعدة البحرية الروسية في مدينة طرطوس السوريّة. ورغم أن الحديث عن القاعدة لم يكن على درجة عالية من الجدية في ذلك الحين، وأثار اعتراضات أمريكية و"إسرائيلية"، إلا أن الوضع اليوم مختلف تماماً. ويمكن القول إن روسيا ما قبل 8 اغسطس/ آب، لن تكون أبداً روسيا ما بعد هذا التاريخ. ورغم النفي المتكرر لسيناريوهات الحرب الباردة، إلا أنه من الواضح أن نموذجاً مصغراً من هذه الحرب كان مندلعاً خلال العامين الماضيين، ووصل إلى ذروته في جورجيا. المواجهة اليوم لم تعد في جورجيا فقط. الرقعة الجغرافية باتت أوسع حتى من القارة الأوروبية، فبعد أمريكا اللاتينية، الشرق الأوسط اليوم اصبح ساحة للصراع، وخصوصاً بعد انكشاف الدور الذي لعبته “إسرائيل" في تسليح تبليسي ومشاركة القادة العسكريين للكيان في التدريب وحتى القتال إلى جانب القوات الجورجية. أمر واقع جديد بدأ يفرض نفسه في الشرق الأوسط، من المفيد التساؤل حول كيفية التعاطي معه من جانب الدول المعنية في المنطقة. سوريا حسمت خيارها، وانسجمت مع حلفها التاريخي مع الاتحاد السوفييتي السابق. وكانت زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني إلى موسكو لافتة، بانتظار المزيد من المرحبين بصحوة الدب الروسي. عن صحيفة الخليج الاماراتية 24/8/2008