روسيا في البحر المتوسط حسام كنفاني إعادة بناء الامبراطورية الروسية تسير بخطوات حثيثة نحو توسيع النفوذ في العالم ومناطحة الولاياتالمتحدة في مشاريعها الدولية، في ما يمكن أن يكون مسعى لإعادة سياسة الأقطاب إلى العالم. أحدث الخطوات الروسية كان إعلان موسكو نيتها التواجد عسكرياً في البحر الأبيض المتوسط، في إشارة إلى البؤرة الساخنة دولياً، التي تشكّل أهم ساحة صراع مع الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، ولا سيما في ظل تقديرات الحروب التي تدنو من المنطقة، سواء الولاياتالمتحدة مع إيران أو “إسرائيل" مع سوريا. خلال السنوات القليلة الماضية، عمدت روسيا إلى إعادة تموضع سياسي يعطي رأيها ومواقفها أهمية على الساحة الدولية، وهو ما وصل إلى ذروته في قضايا الدرع الصاروخية الأمريكية واستقلال كوسوفو، إضافة إلى العديد من القرارات الدولية التي كانت لموسكو الكلمة الفصل في إقرارها أو تعليقها. القوة السياسية الروسية باتت في أقوى مراحلها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وخطب الرئيس فلاديمير بوتين تذكّر بأهم رؤساء الاتحاد السابق. والرأي الروسي بات يحسب له ألف حساب في موازين القوى الدولية، وما عاد من السهل مساومة موسكو على قرارات تعتبرها ضد مصالحها القومية. بعد القوة السياسية، لا بد من استعراض عسكري، وهذا ما يسعى إليه بوتين مستفيداً من طفرة الانتاج العسكري الروسي، الذي أثبت فعالية في أكثر من اختبارات تجريبية، وحتى في ساحات المواجهة الفعلية، على غرار العدوان “الإسرائيلي" على لبنان في يوليو/تموز الماضي، حين كان السلاح الروسي أساسياً في ترسانة المقاومة اللبنانية. في مؤشر إلى هذا الاستعراض العسكري، اقتصرت التصريحات الروسية خلال الأيام الماضية على قادة الجيش والبحرية. فعسكر روسيا تكلموا بشكل غير مسبوق منذ نهاية عصر القوة الروسية. وتزامن ذلك مع تدشين المظلة الصاروخية لموسكو وإعداد نظام دفاع فضائي، إضافة إلى مناورات عسكرية ل “منظمة شنغهاي"، التي تسعى موسكو إلى جعلها تكتلاً دولياً يحسب حسابه. الإشارة الأهم في حديث العسكر الروس كانت عن التواجد في البحر الأبيض المتوسط، في ما يمكن اعتباره تحدياً مباشراً للأسطول السادس الأمريكي الذي يجوب مياه البحر ويفرض سيطرته على حركة الملاحة في المياه الدولية، النية أتبعتها موسكو بزيارة إحدى قطعها البحرية إلى ميناء طرطوس السوري، في إشارة إلى الحلفاء المحتملين على شاطئ البحر المتوسط. الصحف “الإسرائيلية" انتبهت إلى الخطوة الروسية والتمدّد العسكري. وتعليقها الأول كان أن “إسرائيل" والولاياتالمتحدة ما عادتا حرتين في الاعتداء من البحر على سوريا أو لبنان، فالوجود الروسي له هدف، ولن يكون في موقف المتفرّج في أي حرب إقليمية. عن صحيفة الخليج الاماراتية 12/8/2007