في انتظار الانتظار محمد جلال عناية ينشغل المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية في “إسرائيل" هذه الأيام، بموضوع سلاح حزب الله. والتطور الأكثر إثارة للقلق عند “الإسرائيليين" يتعلق بمحاولة الحزب بناء منظومة للدفاع الجوي ضد الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار، حيث تستطيع هذه المنظومة شل قدرة “إسرائيل" على انتهاك الأجواء اللبنانية لجمع المعلومات. لاتزال الذاكرة “الإسرائيلية" مثقلة بهموم الحرب منها لبنان عام ،2006 بسبب “النكسة" التي أنزلتها على رأس إيهود أولمرت (وقد أصبح ل “إسرائيل" نكستها). “نكسة" اقتلعته من جذوره في حزب “كاديما"، ومن رئاسة الوزارة، وأثارت الاضطراب في الحياة السياسية “الإسرائيلية". ولنتبين الآثار النفسية لهذه “النكسة" على “إسرائيل"، سنعرض مقدمة مقال للكاتب “الإسرائيلي" يوئيل ماركوس، حيث قال “لو أن مراقباً من المريخ هبط هنا (في فلسطينالمحتلة) في هذه الأيام، لبعث إلى من أرسلوه البرقية الآتية: هل أنتم متأكدون أنكم أعطيتموني العنوان الصحيح؟ هل هذه الدولة المدهشة التي تطمح لأن تغمر الأمم بإشعاعها؟ وهل هذا رئيس الوزراء (أولمرت) الذي وعد بأن يجعل من “إسرائيل" بلداً يُسعد من يقطنه؟ هل هذه القوة النووية التي تقف عاجزة عن مواجهة صواريخ القسام البدائية؟" (“هآرتس" 24/11/2006). أولمرت تأبط شراً فتخبط، وها هو في طريقه إلى السقوط. كل سقوط في “إسرائيل" له أب يسأل عنه ويدفع ثمنه. فبعد حرب اكتوبر/ تشرين الأول 1973 استبدل رئيس الأركان “الإسرائيلي" ديفيد اليعازر بمردخاي غور، ولحقت به رئيسة الوزراء غولدا مائير التي استقالت. وبعد اجتياح لبنان عام 1982 استقال رئيس الأركان رفائيل إيتان وأخذ مكانه موشي ليفي، وبعد ذلك استقال رئيس الوزراء مناحيم بيغن. أما بعد عدوان يوليو/ تموز 2006 فإن وزير الحرب عمير بيرتس ورئيس الأركان دان حالوتس طردا من منصبيهما، أما رئيس الوزراء إيهود أولمرت، المسؤول الأول عن “النكسة" فقد تشبث بمنصبه. ظل أولمرت يناور ليتفادى الاستقالة ويحتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء، حتى أمضى الأشهر الأخيرة تحت ركام من الشبهات الثقيلة حول تورطه في فضائح فساد مالي، فاضطر للإعلان يوم الأربعاء 30/7/2008 عن قراره بعدم ترشيح نفسه في الانتخابات الأولية لحزب كاديما على منصب رئاسة الحزب، حيث قال “قررت ألا أرشح نفسي في الانتخابات الأولية لحركة “كاديما"، ولا أعتزم التدخل في الانتخابات". وأضاف أولمرت “بعد انتخاب خلفي (على رئاسة الحزب) سوف أستقيل حتى يمكن تشكيل حكومة جديدة سريعاً". تجري المنافسة على خلافة أولمرت في رئاسة حزب كاديما بين وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير المواصلات شاؤول موفاز، وتشير الاستطلاعات إلى تقدم ليفني على موفاز. وتحمل ليفني شهادة في القانون من جامعة بار إيلان، وهي ابنة إتيان ليفني الذي كان عضواً بارزاً في منظمة “الأرغون" الإرهابية. وقد خدمت تسيبي ليفني في الجيش “الإسرائيلي" برتبة ملازم، وفي بداية الثمانينات خدمت في جهاز “الموساد" لمدة سنتين، وهي ثاني امرأة في “إسرائيل" تتولى وزارة الخارجية بعد غولدا مائير. أما موفاز فقد كان رئيساً للأركان ووزيراً للحرب، لذلك فهو يحاول عرض خبرته العسكرية في حملته الانتخابية للفوز برئاسة الوزراء. على الرغم من انحياز مستشاري شارون: إيال آراد، وروفين آدلر، ويورام راباد الذين كانوا يشكلون الدائرة الضيقة حوله، في ما يسمى “منتدى المزرعة"، التي كان يربي فيه المواشي، إلا أن الطريق لن يكون سهلاً أمام ليفني لتشكيل حكومة “إسرائيلية" جديدة، فلكونها امرأة، وأكثر اعتدالاً من إيهود أولمرت، فمن المتوقع أن ترفض الأحزاب الدينية والمتطرفة الدخول معها في ائتلاف، وعند ذلك قد تكون الفرصة سانحة أمام زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة قد تمتنع عن الاستمرار في المحادثات مع الفلسطينيين، وعن المفاوضات غير المباشرة مع السوريين. أما نحن فليس من المنتظر أن نغادر حالة الشلل التي نحن عليها، في انتظار ما تتمخض عنه الانتخابات في كل من الولاياتالمتحدة و"إسرائيل". لقد استحكمت فينا هذه العادة، فأصبحنا لا نمل ولا نتململ، حتى إن لم تبد لهذا الانتظار من نهاية. عن صحيفة الخليج الاماراتية 18/8/2008