العودة إلى كوبا هاني شادي بعيدا عن أنظار وسائل الإعلام زار وفد روسي برئاسة إيغور سيتشين نائب رئيس الوزراء الروسي كوبا في نهاية شهر يوليو الماضي والتقى الزعيم الكوبي الجديد راؤول كاسترو. وهذه هي الزيارة الأولى من نوعها من حيث حجم الوفد الروسي الذي ضم حوالي ثمانين شخصا من بينهم نيقولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن القومي الروسي. وتقول مصادر روسية إن الوفد حمل رسالة من الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف للزعيم الكوبي تحدد أوجه التعاون المحتمل بين البلدين وعلى رأسها الطاقة والنقل والزراعة والصحة والاتصالات وصناعة الأدوية والتكنولوجيات المتقدمة. وتضمنت رسالة ميدفيديف أيضا دعوة إلى تنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة. وتشير صحفية "فريميا نوفوستيه" الروسية إلى أن كوبا ترغب في أن تعاملها روسيا معاملة الاتحاد السوفيتي السابق بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها هافانا. وعلى هذه الخلفية لا تزال كوبا ترفض الاعتراف بأنها مدينة للاتحاد السوفيتي السابق بمبلغ يتراوح بين 16 و25 مليار دولار. ويقول البعض إن اعتراف كوبا أو عدم اعترافها بهذه المديونية لن يغير من واقع الحال لأن هافانا لا تستطيع تسديد مثل هذا المبلغ. ويبدو أن القيادة الكوبية الجديدة ترغب في تعزيز التعاون مع روسيا، ولكن في المجال الاقتصادي في المقام الأول. أما التعاون العسكري فإن مسؤولا دبلوماسيا كوبيا صرح في الثاني من أغسطس الجاري بأن القيادة الكوبية لم تعد تجنح للتعاون مع روسيا في المجال العسكري بعدما أوقفت القيادة الروسية في عام 2001 عمل محطة الرادار التي قام العسكريون الروس بتشغيلها في كوبا دون الأخذ بعين الاعتبار رأي القيادة الكوبية. وبعد عودته من كوبا، أعلن ايغور سيتشين نائب رئيس الحكومة الروسية أن الوفد الحكومي الروسي الذي زار كوبا مؤخرا تحت رئاسته وقع خلال زيارته إلى كوبا عددا من الاتفاقيات منها شراء الجانب الكوبي طائرات روسية من نوع "تو-204"، ومحركات طائرات، وإقامة مشروع تجميع شاحنات من ماركة "كاماز" في كوبا. وتختلف الآراء فيما يتعلق بمناقشة التعاون العسكري بين روسياوكوبا أثناء هذه الزيارة الهامة. ففي الوقت الذي ينفي فيه البعض مناقشة شراء كوبا لأسلحة روسية، يؤكد البعض الآخر أن الموضوع جرت مناقشته في سرية تامة وخاصة أن الوفد الروسي ضم أمين مجلس الأمن القومي الروسي. ويعتقد الجنرال المتقاعد ليونيد إيفاشوف رئيس أكاديمية العلوم الجيوسياسية أن عودة روسيا إلى كوبا يمكن أن تصبح تمهيدا لعودة التواجد العسكري الروسي في ذلك البلد المجاور للولايات المتحدة الأميركية. ويؤكد إيفاشوف أن أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف التقى في هافانا مع وزيري الدفاع والداخلية الكوبيين. وهذا يعني في رأيه أن التعاون العسكري كان موضوعا للنقاش بين الجانبين. ويرى الجنرال إيفاشوف أن عودة التواجد العسكري الروسي إلى كوبا وغيرها من دول أميركا اللاتينية يمكن أن يمثل رد موسكو على سعي واشنطن في السنوات الأخيرة إلى إقامة حزام أمني حول روسيا من بلدان وسط أوروبا ودول البلطيق وأوكرانيا والقوقاز. لا شك أن موسكو تسعى بالفعل للعودة عسكريا إلى كوبا، وخاصة أنها عززت تعاونها العسكري مع فنزويلا في السنوات الأخيرة، ولكن التواجد العسكري الروسي المحتمل في كوبا وبالقرب مباشرة من الشواطئ الأميركية قد يعيد إلى الأذهان الصراع السوفيتي الأميركي على هافانا. فهل موسكو على استعداد لخوض هذا الصراع حاليا ؟ عن صحيفة الوطن العمانية 6/8/2008