في سابقة هي الاولي من نوعها في تاريخ علاقات البلدين رفضت اسرائيل استقبال الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف وكان مقررا ان يقوم بزيارتها في17 من يناير الجاري. هذه' الاهانة' ليست الاولي التي توجهها اسرائيل الي موسكو بعد ان سبق واقدمت علي ممارسة التجسس ضدها وتحالفت مع خصومها واحرجت قيادتها في اكثر من موقف. اضطرت مصادر الكرملين الي الاعتراف بما رددته مصادر اسرائيلية كثيرة حول الغاء زيارة ميدفيديف لاسرائيل من خلال بيان مقتضب. واشار الموقع الالكتروني للكرملين الي' ان بيريز اعرب عن اسفه تجاه تأجيل موعد لقاء القمة الروسية الاسرائيلية وان الرئيسين اتفقا علي اللقاء في نهاية يناير الجاري علي هامش المنتدي الاقتصادي في دافوس'.وكانت المصادر الاسرائيلية سبق واشارت الي ان اضراب العاملين في وزارة الخارجية احتجاجا علي تدهور ظروف العمل وضعف المرتبات قد يحول دون اتمام زيارة ميدفيديف. الغريب والمثير ان تعليقا لم يصدر لا عن موسكو الرسمية او عن اي من مصادرها غير المباشرة حول الاسباب الحقيقية لالغاء الزيارة ولا سيما ان زيارات مماثلة جرت وتجري من والي اسرائيل ما اثار الكثير من اللغط حول حقيقة المشكلة العالقة. وكانت اسرائيل استقبلت جانيت نابوليتانو وزيرة الامن الداخلي الامريكية التي التقت الرئيس بيريز وافيجدور ليبرمان وزير الخارجية الي جانب استقبال وفود من قزقستان ودول اخري. ورغم اعلان الخارجية الاسرائيلية عن احتمالات الغاء زيارة نتانياهو لشرم الشيخ لاسباب تتعلق بالاضراب فقد قام رئيس الحكومة الاسرائيلية بالزيارة ما يعني ضمنا هشاشة المبررات التي يطرحونها سببا لالغاء زيارة ميدفيديف في الوقت الذي اكتفي فيه الكرملين بتأكيد ان قرار اسرائيل لن يؤثر علي اتمام زيارتي الرئيس ميدفيديف المقررتين لكل من رام الله وعمان في يناير الجاري وكانتا ترتبطان بزيارته لاسرائيل.ونقلت شبكة' نيوز رو' عن مصادر اللجنة النقابية للعاملين بالخارجية الاسرائيلية قولها انها تزسف لالغاء زيارة ميدفيديف لاسرائيل مشيرة الي احتمالات ان ينسحب قرار الاضراب علي زيارات اخري مماثلة ما يعني ضمنا ان القرار' انتقائي' وان افيجدور ليبرمان وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة السوفييتي الاصل والذي يتولي ملف روسيا وبلدان الكومنولث يبدو اما ان يكون عاجزا عن مواجهة الضغوط من جانب ممثلي المحافظين الجدد من المعادين للتقارب الاسرائيلي الروسي في جهاز الخارجية الاسرائيلية او مؤيد بالصمت لرفض زيارة ميدفيديف. وكان اضراب العاملين بالخارجية الاسرائيلية اثار حفيظة وتوتر الجانب الروسي وهو الذي حرص علي التكتم علي ما تعرض له سيرجي لافروف وزير الخارجية خلال زيارته الاخيرة لاسرائيل في يونيو الماضي. وكشفت شبكة' نيوز رو' الاسرائيلية عن ان داني ايالون نائب وزير الخارجية الاسرائيلية اضطر آنذاك الي ان يذهب الي المطار ويتولي بنفسه مهام البحث عن الاعلام والبسط الحمراء لاستقبال الوزير الروسي والاتصال بالمسئولين في الامن والشرطة لتأمين موكب لافروف. وكانت مصادر اللجنة النقابية للعاملين بالخارجية الاسرائيلية هددت بافساد اجواء زيارة ميدفيديف اذا اصر بيريز او نتانياهو علي استقباله مؤكدة انها سوف تحشد المئات المسلحين بمكبرات الصوت علي مقربة من مقر مباحثاته واقامته ليرونهم ما لم تره عين او تسمعه اذن علي حد تعبيرها. ما يلفت الانتباه هنا ان موسكو طالما تعرضت لخيانة' ابنائها المهاجرين الي اسرائيل'دون ان يصدر عنها رد مناسب.وكانت موسكو كشفت في الامس القريب عن العديد من وقائع تجسس اليهود السوفييت ضدها. وكانت القيادة الاسرائيلية سبق ونكثت عهودها مع موسكو التي طالما وقفت الي جانبها منذ بدء الهجرات اليهودية الي فلسطين وتبني ستالين لفكرة بناء اول دولة اشتراكية في الشرق الاوسط وكان اول من اعترف بها عمليا في عام1948. ورغم كل ما اغدقه الاتحاد السوفييتي عليها من دعم بشري ومادي وعسكري فقد تحولت اسرائيل صوب التحالف مع الولاياتالمتحدة في مطلع خمسينيات القرن الماضي. ونشير ايضا الي الحرج الذي سبق ووضع نتانياهو فيه القيادة الروسية حين التزمت بطلبه حول عدم الاعلان عن زيارته السرية لموسكو في اكتوبر2009 ليعود ويفشي سر هذه الزيارة وهو ما اعرب ميدفيديف عن دهشته تجاهه قائلا'ان القيادة الاسرائيلية طلبت التكتم علي خبر الزيارة وهو ما فعله الجانب الروسي وانه لا يدري تفسيرا لمثل هذه التوجهات'. ورغما عن كل ذلك كانت موسكو تغض الطرف وتمضي قدما علي طريق توطيد علاقاتها مع اسرائيل بما في ذلك شراكتها الاستراتيجية وتعاونها العسكري. ونذكر ان احدا في موسكو لم يعلق علي ما ذكره ليبرمان لصحيفة' فريميا نوفوستي' حول ان مبعوثيها يزورون اسرائيل كثيرا ولا يتطرقون الي هذه المسألة سوي لبضع دقائق معدودات ينصرفون بعدها لمناقشة العلاقات الثنائية!. نشير ايضا الي ان اسرائيل التي تتغاضي موسكو عن الكثير من جرائمها وتجاوزاتها حتي في حق رأس الدولة تظل المأوي والملاذ لعتاة المجرمين والخارجين علي القانون من المطلوبين للمثول امام عدالة القضاء الروسي في قضايا جنائية واقتصادية ومنهم امبراطور الاعلام ورئيس المؤتمر اليهودي الروسي الاسبق فلاديمير جوسينسكي. غير ان هناك من يقول ايضا ان قرار الغاء زيارة ميدفيديف رسالة غير مباشرة الي بوتين بوصفه صاحب الفرصة الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في مطلع العام المقبل في وقت يبدو فيه الغرب اكثر ميلا نحو بقاء ميدفيديف لفترة ولاية ثانية.لكن احدا لا يستطيع بعد فض مكنون هذه الرسالة وتحديد ماهية اتجاهاتها.