حماس ... وحظر الأيام في غزة...سبب أم نتيجة...!! ** عماد عفانة
كنا نأمل ومنذ سيطرت حماس على قطاع غزة بكل مكوناته أن تتعامل هذه الحركة الكبيرة والعريقة والمحترمة أن تتعامل مع الأسرة الإعلامية في غزة بروح أبوية تعكس عراقتها وارثها التاريخي المشرف.
كانت تعاني الأسرة الإعلامية قبيل سيطرة حماس على غزة من العديد من الانقسامات التي غلب عليها الطابع الشخصي أحيانا، والطابع الحزبي أحيانا أخرى، والتي كان من أسبابها ونتائجها في آن معا تولي عقيد لرئاسة النقابة في غزة بكل ما يعنيه ذلك من تسلط وقمع لجهة توجيه الإعلام لخدمة الأجندة الخاصة بالسلطة في البداية ثم لخدمة الأجندة الخاصة بهذا الجهاز أو ذاك.
ولكن وبعد تولي حماس إدارة الأمور في غزة لم يعد مقبولا أن تبقى هذه الحالة هي السائدة في الأسرة الإعلامية نظرا لكل ما كانت وما زالت تنادي به حماس من احترام لحقوق الإنسان وحقوق التعبير والوحدة الوطنية للعمل المخلص كل في خندقه وبسلاحه الخاص من اجل خدمة الهدف الأسمى والقضية الأكبر والأشرف" فلسطين".
لم يكن مقبولا أن تعمد حماس وعبر وزارة الإعلام إلى فرض مزيد من القيود على الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية –البطاقة الإعلامية- لمجرد إثبات خضوعهم لسلطة حكومتها في غزة، عوضا عن فتح كل المجالات التي ما زالت مغلقة من اجل العمل على استيعابهم وصهرهم في جسم قوي وقادر على استغلال كل طاقاتهم من اجل القضية بغض النظر عن ولاءاتهم وقناعتهم الشخصية.
وعليه لم تتكلل خطواتها باتجاه نقابة الصحفيين وإصلاحها كجسم شرعي جامع بالنجاح نظرا لان المنطلقات إلى هذه الخطوة كانت مجللة بالحزبية والفئوية.
مرور أيام ثم شهور طويلة على فشل قادة الإعلام الحمساوي في استيعاب الأسرة الإعلامية وإنقاذهم من ضغوط هذه الجهة أو تلك، ساهم في ترسيخ حالة طبيعية يعمل ضمنها الكثير من الإعلاميين عن علم أو عن جهل لصالح جهات تعمل على نسف كل ما من شأنه إعادة اللحمة إلى شطري الوطن وتوحيد الصف الداخلي.
وفي هذا الإطار ما زالت الصحف الرئيسة الثلاث في أراضينا المحتلة " القدس، الأيام والحياة" تغرد وبقوة مع السرب الذي يعمق الانقسام ويحرض الشعب على الشعب ويمجد دماء فيما يسخر من دماء أخرى.
وفي هذا الإطار أيضا كان الكاريكاتير الذي سفه أعضاء المجلس التشريعي وسخر منهم ومن جلساتهم، ومارس المجلس التشريعي كهيئة منتخبة حقه القانوني ورفع قضية على صحيفة الأيام لدى القضاء الذي يحسب لحماس نجاحها في إعادته وإعادة الاعتبار إليه كحكم نزيه للفصل في كل الخصومات، وكان قرار القضاء بمنع نشر وتوزيع الصحيفة في قطاع غزة.
فهل حظر القضاء نشر وتوزيع الأيام في القطاع سببا لمزيد من التحريض والانقسام الداخلي، أم كان نتيجة لسوء الإدارة والتقدير الذي تتهم به الأسرة الإعلامية الفلسطينية نظرا لاصطفاف فريق منها مع والآخر ضد، بدلا من الوقوف بمسافة واحدة من الطرفين، والعمل تعميق الانقسام الداخلي وتصعيد لغة التحريض بدلا من استغلال كل طاقاتها العلمية والتكنولوجية واستغلال كونها بوتقة قادرة على تصويب البوصلة نحو القضية والهدف الأسمى.
غني عن القول أن بعض الإعلاميين الذين ساهمت كتاباتهم الفئوية المقيتة في تعميق الشرخ الداخلي قد امضوا أياما في سجن غزة، حيث لاقى اعتقالهم ضجة منظمة من مؤسسات إعلامية وحقوقية، فيما لا يجد الإعلاميين في سجون سلطة رام تلك الأهمية ولا الضجة التي نجح الطرف الموالي لسلطة رام في إثارتها من اجل سجناء الإعلام في غزة.
وهو ضعف وفشل ينسب إلى قادة الإعلام الحمساوي، ونحن هنا لا نريد بهذا الكلام لا تعميق الانقسام ولا إثارة طرف على آخر، بقدر ما نريد الإشارة إلى انه يجب أن نتعامل مع الإعلامي كصاحب رسالة ومسؤولية له حرية التعبير بقدر عظم هذه المسؤولية، وليس بكونه تابع لهذا الطرف أو ذلك.
وعليه فان دعوة مكتب الإعلام الحكومي في غزة وكتلة الصحفي الفلسطيني لحل الخلاف مع صحيفة الأيام، خصوصا بعدما قال القضاء كلمته، لا يجب أن تتجاوز القانون ولا القضاء، وعلى كل الحريصين على سيادة القانون واحترام سلطة القضاء المستقل، إن يحلوا المشكلة عبر القانون والقضاء أي كانت النتيجة لأن القضاء قال كلمته ليس تبعا لقانون ابتدعته حماس وإنما طبقا للقانون الذي شرعه نواب حركة فتح إبان سيطرتها على السلطة.
وهكذا فان على الإعلام المسئول أن يحث طرفي الخلاف في ساحتنا الفلسطينية إلى الاحتكام للقانون والاتفاقيات الموقعة بدءا بوثيقة الوفاق الوطني مرورا باتفاق القاهرة وانتهاء باتفاق مكة أيا كانت النتيجة وبغض النظر على رضا أو غضب هذا الطرف أو ذاك إذا تحققت المصلحة العليا للوطن والمواطن.