محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    وزير الخارجية الروسي: الوضع في غزة لا يزال هشا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بمنشأة القناطر    تحذير هام من محافظة كفر الشيخ للمواطنين بعد زحف السحب الممطرة على المحافظة    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    لمدة يومين، فصل جزئي للكهرباء في أبو تيج بأسيوط لرفع كفاءة تشغيل محطة المياه    فصل التيار الكهربائى عن 3 مناطق بمدينة بيلا فى كفر الشيخ.. اليوم    أبرزهم أحمد حاتم وحسين فهمي.. نجوم الفن في العرض الخاص لفيلم الملحد    حزب "المصريين": بيان الخارجية الرافض للاعتراف بما يسمى "أرض الصومال" جرس إنذار لمحاولات العبث بجغرافيا المنطقة    بحضور وزير الثقافة.. أداء متميز من أوركسترا براعم الكونسرفتوار خلال مشاركتها في مهرجان «كريسماس بالعربي»    لجنة بالشيوخ تفتح اليوم ملف مشكلات الإسكان الاجتماعي والمتوسط    عمر فاروق الفيشاوي عن أنفعال شقيقه أثناء العزاء: تطفل بسبب التريندات والكل عاوز اللقطة    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    أسبوع حافل بالإنجازات| السياحة والآثار تواصل تعزيز الحضور المصري عالميًا    انتخابات النواب| محافظ أسيوط: انتهاء اليوم الأول من جولة الإعادة بالدائرة الثالثة    «الداخلية» تكشف مفاجأة مدوية بشأن الادعاء باختطاف «أفريقي»    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    «إسرائيل: السحر الدين الدم».. كتاب جديد يكشف الأسرار الخفية للدولة العبرية    المحامي ياسر حسن يكشف تطورات جديدة في قضية سرقة نوال الدجوي    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أخبار مصر اليوم: انتظام التصويت باليوم الأول لجولة الإعادة دون مخالفات مؤثرة، تطوير 1255 مشروعًا خلال 10 سنوات، الذهب مرشح لتجاوز 5 آلاف دولار للأوقية في 2026    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحوة ساسة الاحتلال في العراق من غيبوبة الواقع الافتراضي / هيفاء زنكنة
نشر في محيط يوم 26 - 07 - 2008

صحوة ساسة الاحتلال في العراق من غيبوبة الواقع الافتراضي
هيفاء زنكنة
ألف مبروك لكل ارملة ويتيم في العراق المحتل. ألف مبروك لكل نازح ومهجر.
ألف مبروك لعائلة كل شهيد ولكل عائلة تعيش العوز والفاقة في عراق الثروة النفطية. ألف مبروك للاحياء والاموات معا في العراق ( الديمقراطي التعددي).
الف مبروك، لا لأن قوات الاحتلال والمرتزقة والميليشيات قد رحلت، ولا لأن عصر الفساد قد انقضي وتمت محاسبة المسؤولين بل لأن جبهة التوافق التي تم تشكيلها، علي عجل، لاستيفاء شروط المحاصصة، والتي لعبت علي مدي شهور لعبة الكراسي الموسيقية قد عادت الي حكومة (المصالحة الوطنية) وها هو رافع العيساوي، أحد الذين تم تعيينهم وفق خارطة المحاصصة كنائب لرئيس الوزراء يكشف لنا (عن وجود مساع لرسم خارطة طريق تكاملية للوزارات ذات المساس المباشر بالمفردات الحياتية للمواطن العراقي).
فألف مبروك للمواطن العراقي الذي يتوجب عليه الآن انتظار نجاح المساعي التي سترسم خارطة الطريق التكاملية ليتمكن من الحصول علي اساسيات الحياة من ماء صالح للشرب وبعض التيار الكهربائي ولقمة العيش لنفسه وعائلته لتقيه شر الجوع وخسارة عزة النفس. ويمثل تصريح العيساوي نموذجا لكل المشاركين في العملية السياسية وحكومة الاحتلال كحكومة واقع افتراضي لاعلاقة له بالواقع اليومي.
والواقع الافتراضي هو تجسيد رقمي ينتج صورا تبدو واقعية ومجسمة علي شاشة التلفزيون أو الحاسوب، بدون كونها صورا لواقع حقيقي. ومع ذلك، بسبب طبيعة الحياة الحالية لبعض الأوساط، إذا ما استمر المرء بالتعامل معه سيكون من الصعب فصله عن الواقع الحقيقي في الحياة اليومية.
هناك الكثير من الناس، في الغرب عموما، ممن بدأوا يعتمدون علي نظم وبرامج الواقع الافتراضي، كانشغال يومي للتسلية واللعب الكومبيوترية، المتميزة بالتفاعل ما بين اللاعب وأبطال اللعبة. حيث يصبح بالامكان خلق عالم جديد يستغرق المرء ويستحوذ عليه.
وقد جذبت لعب الواقع الافتراضي ملايين الناس ممن يقومون، اثناء اللعب،بانتحال هوية شخصيات افتراضية، تمنحهم ما يفتقدونه في الواقع، فيتخلون تدريجيا عن الحياة الواقعية بأخري افتراضية. فيبدو كأن الواقع أصبح وبشكل جزئي إن لم يكن كلي، غير واقعي.
ولان تهويمات ساسة الاحتلال لا تحمل مواصفات أي واقع وسلوكهم، علي الرغم من وجودهم الجسدي في العراق، لا يقترب من أي شيء نعرفه عن المعيشة اليومية، فلا بد ان اقرب تصنيف يمكن وضعهم ضمنه هو لعبة الواقع الافتراضي. فقد تلبستهم حالة انتحال الشخصيات الافتراضية الي حد باتوا فيه جزءا لايتجزأ من اللعبة التي انغمروا بها منذ وقوفهم، مثل الجنود النظاميين، وهم علي اهبة الاستعداد لتلبية اوامر المحتل.
ولانهم جزء من اللعبة فانهم يصدقون في واقعهم الافتراضي الاكاذيب التي ينطقون بها ( متجاوزين بذلك نظرية الاعلامي جوزيف غوبلز ووزارة الارشاد والدعاية النازية) ويستمرئون الظهور بمظهر صاحب السلطة والقرار لأن شخصيات اللعبة، المفصلة علي قياساتهم، تمثل لهم كل ما يفتقدونه في الواقع.
والا هل من المعقول ان يتحدث أي سياسي يمتلك ذرة من الاحساس بالواقع، عن الاستقلال والسيادة والبلد محتل من قبل جيوش نظامية لثلاثين دولة اجنبية وجيش من المرتزقة وشركات الحماية المتمتعة فيه بالحصانة من القانون فضلا عن الميليشيات الاجنبية والمحلية؟
وقد تم بناء لعبة الواقع الافتراضي لسياسيي الاحتلال وفق التخطيط الالي. حيث برر سياسيو الاحتلال المحاصصة الطائفية والعرقية، حسب درجة المظلومية التي اصابتهم تحت النظام السابق. فصار التضليل الاعلامي المصاحب للتبريرات هو مسطرة قياس حصة الحزب الفلاني او العرق او الطائفة العلانية.
ثم تفتقت اذهان المحتل لتعمية الشعب العراقي والرأي العام العالمي عن وجود مقاومة الشعب من اجل التحرير ووحدة البلد بتشويه صورة المقاومة ووصفها بالارهاب والتمرد وبفلول النظام السابق حينا وبانها مقاومة سنية ضد شيعة العراق حينا آخر. وضمن خطوات التضليل والفبركة تمت اضافة ملامح المهنية الاعلامية، الموازية لمهنية العمليات العسكرية و الأقتصادية.
وقد صرف علي هذه العمليات الإعلامية عشرات ملايين الدولار وبضمنها استئجار صحافيين عراقيين لنشر مقالات كتبها جنود الاستخبارات وفرق الاعلام الامريكي عن تحسن الاوضاع واشعال النزعة الطائفية وقد نشر بعضها في صحيفة المدي التقدمية الليبرالية لصاحبها فخري كريم، رئيس مستشاري جلال الطالباني، حاليا.
وكانت الخطوة الثالثة لتشويه المقاومة هي ايجاد لملوم ممن يدعون ( تمثيل السنة) وعلي رأسهم الحزب الاسلامي، وتم تعيينهم في الحكومة، المنتخبة ديمقراطيا افتراضا، باعتبارهم من سيحقق التوازن الطائفي الذي بات ملمحا اساسيا من تخطيط الواقع الافتراضي. بينما كان الهدف الحقيقي هو تقسيم ابناء الشعب وتشويه المقاومة.
وقد أدي لملوم التوافق خطواته الراقصة علي ايقاع الاحتلال. أدخل، انسحب. ثم أدخل وانسحب. وكانت اضافة قوات الصحوة كميليشيا مدفوعة الرواتب والمخصصات من قبل الاحتلال هي الخطوة الاخيرة في رسم لعبة الواقع الافتراضي بريشة دافيد باترياس، قائد قوات الاحتلال في العراق والذي أصبح مؤخرا قائد المنطقة الوسطي بين الصين وأوروبا برمتها.
وتم تعميد هذه الخطوة بعنوان العنف المستديم القابل للسيطرة، لخلق توازن القتل والترويع والفتنة والتقسيم، مسيطر علي وتائرها بتواجد وبناء المزيد من الجدران الاسمنتية العازلة، والتقسيم الطائفي للعاصمة الذي بات واقعا افتراضيا مزودا بخرائط يقدمها المتحدث العسكري الامريكي والعسكري العراقي القابع بجواره مثل الكلب الوفي.
ومن بين الجوانب التي لم ترسم في الواقع الافتراضي قتل المواطنين من قبل قوات الاحتلال ومرتزقتهم في وضح النهار بلا مساءلة، والواقع التعليمي المنهار المتمثل بوزير يتصرف ورجال حمايته مثل رامبو العضلات في أفلام هوليوود، وهي الافلام التي تشكل واقعا افتراضيا لشريحة كبيرة من الشعب الامريكي.
ولن ادخل في تفاصيل الوضع الصحي المتدهور بسبب الفساد الذي باتت رائحته تزكم الانوف ولكن تناقل خبر انتشار التايفوئيد، اخيرا، في العراق غير الافتراضي، هو جريمة اخري يتحمل وزرها ابناء الاحتلال. اذ كشفت احصائية رسمية لوزارة الصحة ازدياد عدد الاصابات بمرض التايفوئيد في العراق خلال الاشهر الثلاثة الماضية.
وافادت الدراسة بأن عدم وجود كميات كافية من المياه الصالحة للاستهلاك البشري يعد ابرز اسباب هذه الظاهرة.
وقال مصدر صحي (ان عدد الاصابات بمرض التايفوئيد خلال شهر حزيران وصل الي 7321 وأعلي عدد سجل في السليمانية حيث بلغ 1419 ) وقد طالب المصدر (بضرورة توفير مياه شرب نظيفة وخالية من التلوث من اجل تقليل الاصابة بالتايفوئيد).
وتدل هذه الارقام ان نكبة الاكراد بفساد قيادة الاحزاب الحاكمة لاقليم كردستان قد بلغت الذروة، فاذا كان سبب تدهور الخدمات في بقية انحاء العراق هو قلة الأمان حقا فما هو مبرر عدم توفر المياه الصالحة للاستهلاك البشري في المحافظات الكردية التي تتمتع بالاستقرار، وبنسبة عالية من منابع مياه العراق كله، ونسبة 17 بالمئة من الميزانية العامة، ومن ( النظام الديمقراطي النموذجي الذي لامثيل له في الشرق الاوسط) حسب اسطوانة ساسة الحزبين الكرديين؟ ام ان ادعاءاتهم، مثل اخوتهم العرب في حكومة الاحتلال، هلوسة استحوذت عليهم لتجسيد الواقع الافتراضي للعبة؟
ان تصريح العيساوي المضحك المبكي وتصريحات وسلوك غيره في قائمته والحكومة التي صار جزءا منها يدل علي انهم يعانون من اعراض الادمان علي لعبة الواقع الافتراضي وانغلاقهم العقلي في غيبوبة بعيدة كل البعد عن الشعب العراقي ومآسيه وطموحاته ولن يستيقظوا من غيبوبة اوهامهم الا علي وقع احذية جنود الاحتلال وهم يلملمون معداتهم وآلاتهم ولعبهم الافتراضية تاركين وراءهم ابناء الاحتلال لمواجهة حقيقة الواقع العراقي ومقاومة ابنائه الرافضين للاحتلال وعملائه.
عن صحيفة القدس العربي
26/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.