أولا :- بالنسبة لمسألة ( تعدد الزوجات ) ، فلم يسبق أن أثيرت في الحياة الإسلامية كما يحدث اليوم ، ولم يثر حولها أي غبار ، ولم يطالب أحد بمنع التعدد أو وضع شروط خاصة له ، أو وصفه بأنه كله مشاكل وأن سلبياته أكثر من ايجابياته ، وأنه سبب تشرد الأطفال ، وغير ذلك من التهم التي يزعمها المستشرقون وتلامذتهم في المنطقة ، وتأثر بها كثير من أبناء المسلمين .
وقد أثار الغربيون هذه المسألة وهاجموها بشدة ووقاحة ، وأثاروا الكثير من الشبهات حولها ، وذلك بهدف إفساد المرأة المسلمة ، وتفكيك الأسرة المسلمة ، وإشاعة الانحلال بين المسلمين تحت شعارات تحرير المرأة ، حقوق المرأة ... الخ . وتحت ضغط هذا الهجوم الغربي الشرس أخذ بعض أبناء المسلمين المعاصرين بوصف التعدد بأنه ظلم وإهانة للمرأة ، ومس بكرامتها وبالتالي يجب منعه . والبعض قال بتقييده بحالات الضرورة التي تحددها أهواؤهم .
= قال الشيخ محمود شلتوت رحمه الله :- ( تعدد الزوجات إحدى المسائل التي كان لصوت الغرب المتعصب ودعايته المسمومة أثر في توجيه الأفكار الى نقدها حتى حاول فريق من أبناء المسلمين في فترات متعاقبة – ولا يزالون يحاولون – وضع تشريع لها يقيد من إطلاقها بما لم يقيّده الله به ) . راجع كتاب ( الإسلام عقيدة وشريعة ) : ص 178 – القسم الثاني الشريعة - الباب الثاني – الفصل الثاني : تعدد الزوجات .
ثانيا :- إن موضوع الجمع بين أكثر من زوجة ( التعدد ) ، يجب معالجته في الأساس من النص الشرعي ، والنص الشرعي دل على مشروعية الزواج بأكثر من واحدة الى أربع كما في قوله تعالى :- ? فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ? . [ النساء : 3 ] . وهذه الآية نص محكم ثابت دائم ما دامت السماوات والأرض .
فحكم التعدد لم يبتدعه فقيه من الفقهاء ، ولم يستنبطه عالم من العلماء ، ولا مجتهد من المجتهدين ، وإنما دل عليه النص الشرعي بأقوى الدلالات وهي دلالة المنطوق .
ثالثا :- إنّ اشتراط نوع من الضرورات ، أو مبرر معين من المبررات لإباحة تعدد الزوجات لا أصل له في الإسلام ، ولم يقل به أحد من السلف الصالح ، وهاهو الرسول ? بعد نزول آية الجمع بين أكثر من زوجة يأمر كل من عنده أكثر من أربع زوجات بتسريح الزيادة عن الأربع ، ولم يبين لأحد مطلقا أن بقاء الأربع يحتاج الى وجود مبرر ما ، مع أن المقام مقام تشريع وبيان .
كما أنه لم يرد عن الرسول ? لا في حديث صحيح ، ولا في حديث ضعيف أنه قال لأحد من أصحابه لا تتزوج أكثر من واحدة ، إلا لضرورة أو حاجة من عقم الزوجة أو مرضها أو كبر سنها أو وجود الكثير من الأرامل في المجتمع أو غير ذلك .
= يقول الدكتور محمد بن مسفر بن حسين الطويل الزهراني : ( كذلك لم تشترط آيتا التعدد أن تكون الزوجة مريضة ، أو عقيماً لكي يتسنى للرجل الزواج عليها . هذا بالإضافة إلى أن الرسول ? طلب من أصحابه بعد نزول آيتي التعدد أن يفارقوا ما زاد على الأربع زوجات ، ولم يقل لهم آنذاك أن بقاء أكثر من زوجة لدى الرجل مشروط بكون زوجته مريضة مرضاً مستعصياً أو بكونها عقيماً. وكان الوقت آنذاك وقت تشريع ) . راجع كتابه ( تعدد الزوجات في الاسلام : ص 16 – 17 )
= رقم الفتوى : 310 تاريخ الفتوى : 16 / صفر / 1420 ه السؤال : هل يستطيع الزوج أن يتزوج من امرأة أخرى بدون أي سبب ؟ الفتوى : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد : للزوج أن يتزوج بامرأة ثانية وثالثة ورابعة بدون سبب إذا توفرت له أسباب النكاح من القدرة عليه ماديا والقدرة على الباءة ، لأن هذا الأمر أحله الله لقوله تعالى ( فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أو ما ملكت أيمانكم ) [ النساء : 3 ] .
ولكن وللأسف الشديد قد غرس في مفاهيم كثير من الناس أن الرجل لا يتزوج امرأة ثانية إلا إذا كان في المرأة الأولى عيبا وهذا غير صحيح . ولكن الذي يوصى به من أراد أن يتزوج امرأة ثانية أن يتقي الله ويعدل بينهما في النفقة والمبيت والسكن . والله أعلم . ( مركز الفتوى بإشراف د. عبد الله الفقية ) .
رابعا :- الناظر في واقع الحياة يجد أن هناك فوائد عظيمة كثيرة لتعدد الزوجات منها على سبيل المثال ما يلي :-
1- تكثير النسل الذي هو من أهم مقاصد الشريعة من النكاح .
2- سد لأبواب كثيرة من العلاقات الجنسية السرية المحرمة وما تنتجه من مشاكل صحية واجتماعية واقتصادية تكتسح العالم اليوم .
3- كما وللتعدد دور عظيم في تفريغ الطاقة الجنسية بالطريق المشروع .
4- ومن فوائده أيضا المساهمة في سد أبواب العنوسة وتقليل عدد العوانس .