23 يوليو علامة تاريخية عمانية بامتياز خميس التوبي تشكل المناسبات الوطنية علامة فارقة في تاريخ الأمم والشعوب، لا سيما إذا كانت هذه المناسبات تمثل نقطة تحوُّل ، وتمس بشكل مباشر حياة الإنسان ومتطلباتها وتنمية الأوطان واستقرارها، وعملت على تأسيس قواعد عملية تتوقف عليها حركة بناء وعمران وتنمية ذات الإنسان ، وترتب على ذلك نقل واقع معاش إلى واقع آخر مغاير، من حيث اختلاف الأدوات وأنماط العيش، وتبدُّل تلك الصورة النمطية من الفقر والبؤس والمرض، وهي صورة لا تزال تحاصر عددًا من شعوب قارات العالم. ولذلك عندما تهل ذكرى مثل هذه المناسبات ذات الأبعاد الوطنية والإنسانية والتنموية فإن الاحتفال بها يكتسي طابعًا خاصًّا ويسجل حضوره القوي في الأنفس والقلوب. ويمثل الثالث والعشرون من يوليو بذكراه الثامنة والثلاثين على انطلاقة النهضة المباركة مناسبة وطنية عمانية غالية بامتياز، كونها مناسبة قدر لها أن تنقل عُمان إلى وضع يلائم سمعتها وإرثها الحضاري والتاريخي ، ووضعت البلاد على الدرب الذي سارت عليه الدول المتقدمة والمتطورة ، وأعادت لعمان مجدها ومكانتها وحضورها الفاعل دوليًّا ، واستطاعت أن تحول الموارد البشرية كخامة إلى مفردات وأرقام صعبة مثلت الدور الأبرز في تشكيل المسيرة التنموية الظافرة وإخراجها بهذا الشكل اللائق الذي يدعو إلى الفخر والاحترام والتقدير، والفضل في ذلك يرجع إلى الرؤية الحكيمة والملهمة والنظرة الثاقبة التي أودعها الله في رجل قائد تتحقق على يديه الأحلام والآمال والطموحات، فكان ذلك القائد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه الذي أخذ قلب عمان ينبض بنبض قلبه، وظلامها يمحوه نور بصيرته وفكره، وأزهارها وأشجارها تورق بفيض حبه وكرمه. نعم لقد كانت البدايات الأولى بمثابة تحدٍّ بالنظر إلى ندرة الوسائل والموارد، إلا أن كيفية التغلب عليها والقدرة على تجاوز عقبتها برهنت على عبقرية القيادة الفذة ومدى تحملها لمسؤوليتها مهما عظمت ، وأعطت دروسًا في قهر الصعاب بالعزيمة الإرادة ليسجلها التاريخ بأحرف من نور، ولذلك كان النجاح باهرًا. وما يجب الانتباه إليه أن هناك التفاتة حدثت منذ أول وهلة، ينبغي تسليط الضوء عليها في ظل ندرة الموارد المادية، إلى ما هو أثرى وأدوم من تلك الموارد وهو اعتبار الإنسان الثروة الحقيقية الواعدة والمستمرة والمتجددة وغير الناضبة، وعلى ضوء ذلك تركزت الاهتمامات على هذه الثروة لما ستدره لاحقًا من عائدات وأرباح مضمونة، فانبنت السياسات والخطط التنموية على ضرورة تعهد الموارد البشرية بالتدريب والتأهيل بهدف تشكيل هذه الخامة إلى أداة منتجة، ولكنها في الوقت ذاته مكفولة الحقوق وتتمتع بالاحترام، وهذا ما تم فعلاً، حيث غدت أرقام تلك الموارد تتزايد اطرادًا في كل قطاع من قطاعات الإنتاج والمجالات الخدمية، بل يشهد حاليًّا عدد من تلك القطاعات اكتفاءً ذاتيًّا. وهذا النجاح هو في الحقيقة انعكاس مباشر لتلك التوجيهات السديدة والأوامر السامية التي ما فتئ جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه يسديها في كل محفل ومناسبة. ومن الطبيعي جدًّا أن يتبع النجاح في الداخل نجاح في الخارج، إذ لعبت السياسة الخارجية للسلطنة دورًا فاعلاً يحظى بالاحترام والتقدير، وتلعب وراءه عدة عوامل ترجع إلى شخص جلالته حفظه الله وورعاه وما يتمتع به من احترام وسمعة دولية طيبة ، والنهج الذي اختطه وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وكذلك المكانة التاريخية والحضارية التي تحظى بها السلطنة. أعاد الله هذه المناسبات الوطنية الغالية على جلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه باليمن والبركات وأسبل فيض مكرماته ونعمائه على جلالته وحفظه قائدًا معززًا مكرمًا، وحفظه لنا ولبلادنا الحبيبة سلطانًا رائدًا معطاءً. عن صحيفة الوطن العمانية 23/7/2008