موعد ظهور نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الإلكترونية (تصريحات خاصة)    تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو في بداية التعاملات    أكسيوس: باريس تشهد أول مفاوضات رفيعة المستوى بين إسرائيل وسوريا منذ 25 عاما    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة اليوم على خلفية التصعيد بين كمبوديا وتايلاند    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي الودية اليوم.. والتردد والموعد    نجم الزمالك السابق: مصطفى شلبي رحل من الباب الكبير.. وجون إدوارد يعمل باحترافية    مصطفى كامل: دعمي لشيرين مش ضد أنغام.. ومكنتش أعرف بالخلاف بينهم    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    «اللجنة الوطنية والهجرة الدولية» تطلقان حملة للتوعية بالمخاطر غير النظامية    هل بيع قطعة أرض أو طرح مشروع لمستثمر يعد استثمارا أم لا؟ محمود محيي الدين يجيب    محمود محيي الدين: مستعد لخدمة بلدي فيما أصلح له.. ولن أتردد أبدًا    قانون الإيجار القديم يحسم النقاش.. ما مصير المستأجرين بعد مرور 7 سنوات من الإقامة؟    محمود محيي الدين: نجاح الإصلاح الاقتصادي بقوة الجنيه في جيب المواطن    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    درجة الحرارة تصل ل48.. موجة حارة شديدة تشعل أكثر من 200 حريق في تونس    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    "صيفي لسه بيبدأ".. 18 صورة ل محمد رمضان على البحر وبصحبة ابنته    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    العظمى في القاهرة 40 مئوية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    حزب "المصريين": جهود مصر لإعادة إدخال المساعدات إلى غزة استكمال لدورها التاريخي تجاه الأمة    الهلال الأحمر المصري يرفع قدرات تشغيل مراكزه اللوجيستية لنقل الإمدادات إلى غزة    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    مصرع شقيقين غرقًا في مياه ترعة كاسل بأسوان    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نتنياهو يزعم أن إعلان فرنسا اعترافها بدولة فلسطين «يكافئ الإرهاب»    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاؤل..بين ماضٍ وحاضر
نشر في محيط يوم 20 - 11 - 2007


التفاؤل..بين ماضٍ وحاضر

* عبد القادر مصطفى عبد القادر

بالأمس كانت لنا فلسفة رائعة ونحن نواجه نوازل الدهر وفواجع الأيام..لقد كنا نضحك للآلام إذا ما زمجرت في وجوهنا، وكنا نتمايل معها ذات اليمين وذات الشمال حتى لا تكسر عودنا، وكنا نغنى لها حتى تذهب ريحها..وتنكسر شوكتها..وينفرط عقدها..فترحل إذ لم تجد لها مكاناً بين نفوس مطمئنة صابرة، وقلوب قوية صامدة.

ولم يكن ذلك استسلاماً لها ولا ترحيباً بها ولا طرباً بقدومها، ولكنها كانت فلسفة سارية في حياتنا التقطتنا معناها ومبناها من جيل تعامل مع مفردات الحياة بمنتهى الاقتدار والتمكن، ذاك الجيل الذي لم يتخرج في جامعة ولا في مدرسة..لكنه جيل تخرج في جامعة الحياة الحقيقة، فحمل في عقله ووجدانه ثقافة إثبات الذات والقدرة على العيش وتحدى الصعاب بلا صراخ أو عويل.

قد كنا في سنين العمر الأولى نذهب إلى حقول القطن لنتلقط من فوق وريقاته بويضات سوف تنتج في الغد_ إن بقيت_ ديداناً مهلكة، وكنا نمكث تحت لهب الشمس شطر اليوم، نعانى حرقة الشمس، وألم العطش، ووجع الركوع على شجيرات القطن..نفحص أوراقها بمنتهى العناية..فإذا ما وجد الواحد منا إصابة على ورقة.. صاح مهللاً لينبئ من في الحقل عن مهارته ودقته..كنا نعانى ونقاسى، ورغم ذلك كنا نغنى للنسيم حتى يأتي ليرفع عن أجسامنا حرارة الشمس الجاثمة، وكنا نغنى حتى تأتى ساقية الفرقة بالماء فتطفئ نار العطش الذي شقق حلوقنا لبعض ساعات مرت وكأنها دهرا.. لقد كنا نُسعد أنفسنا ونُفلسف الألم حتى تغيب الشمس..لقد كنا نغنى ونحن نقاسى..ونضحك ونحن نعانى..وكنا نبحث عن السعادة في أتفه الأشياء.

ولما كبرت عظامنا، ونضجت أفهامنا، واتسعت عقولنا، تبين أن ذلك لم يكن من قسوة الحياة علينا، ولا من غلظة سكنت في قلوب الآباء تجاهنا، بل كان ذلك تدريب وتأهيل للتعامل مع الحياة التي لا تمضى على نسق واحد، فاليوم يسر وغداً عسر..واليوم فرح وغداً حزن، ولن تظل الحياة تضحك في وجوهنا طوال الوقت، فحتماً سيأتي يوماً تبكينا فيه، لأن هذا شأنها، ولذا كان لزاماً أن ندخل إحدى فصولها لنمحو أمية التعامل مع متغيراتها، أو ندرك على الأقل طريقة هجاء دروسها القاسية، ولذلك نمت في داخلنا نبتة الجَلَد والقدرة على التكيف والتحمل.

إن النبات الذي ينمو تحت حرارة شمس ..وتأرجحه موجات الرياح..وتلسعه قرسة البرد، يكون أقوى وأمتن، وأكثر قدرة على مواجهة الآفات، وأكثر اتصالاً بالأرض، وأعلى هامة في السماء..بل وأعلى إنتاجاً وأكثر عطاءً..والمثال هنا لتبيان البون الشاسع بين إنسان تربى على الترف والنعيم والتدليل..ولم يشعره والداه يوماً بمكابدة الحياة..ولم يشركاه يوماً في مسئولية البحث عن لقمة العيش..إنما ربياه على الأخذ بلا حساب وعلى الطلب بلا حدود، وبين إنسان تربى في أجواء الاعتدال..مأكلاً.. ومشرباً..وملبسا..ًوفكراً..وتعلم كيف يشارك..وتعلم كيف يتحمل المسئولية..وتعلم كيف يواجه الحياة..فأيهما بالله عليكم يكون أصلح لنفسه ومجتمعه ووطنه؟؟..تبدو الإجابة سهلة المنال..لكن تحصيلها يبدو من الصعوبة بمكان.

إن بناء النفس البشرية على الجلد والتفاؤل والرضا ضرورة اجتماعية وحياتية ملحة، بعدما بان لكل ذي نظر حجم هذا الازدياد المخيف لرقعة القلق واليأس خاصة في وسط الشباب، رغم أن مستوى المعيشة قد ارتفع عن ذي قبل عشرات المرات، فأصبحنا نأكل ونشرب ونلبس أفضل من الماضي..فماذا حدث؟..بات الإحباط هو السمة البارزة في كلام الشباب وفى أفعالهم فانصرفوا إلى توافه الأشياء تفريطاً، أو جنحوا إلى التعصب والتطرف إفراطا، وذاك مؤشر خطير يستوجب التحرك العاجل من مؤسسات المجتمع لتطويق نتائجه وآثاره ومعالجه دواعيه وأسبابه بشيء من البحث والدراسة.

يا سادة..لقد تبدل الحال غير الحال، فتحولت نفوس كثير منا إلى النقيض بزاوية مستقيمة، فخلعت بلا اكتراث رداء التفاؤل..وأسبلت بلا تمهل رداء التشاؤم، ثم أبت إلا أن تلقى بمنسأة الرضا في بحر الظلمات، وتقبض طواعية على جمر السخط والقنوط بلا اضطرار إلى ذلك.. أين رحل هذا الأمل الجميل الذي كان يملأ جوانحنا في مواجهة عاتيات الأمور؟..أين ذهب هذا التفاؤل الذي كنا نتحلى به في أحلك المواقف؟..أين هذا اليقين الذي كان يملأ قلوبنا بأن الفرج قادم من جوف الكرب لا محالة، والنور منبثق من باطن الليل الحالك لا شك؟..أين..وأين..وأين؟..لقد ذهب كل ذلك أدراج الرياح.

وليس من الموضوعي في هذا المضمار أن ننسب هذا التحول الكبير في أحوالنا النفسية إلى ظروف خارجية فقط، لأننا قد تغيرنا من الداخل إلى الأسوأ، إذ ذهبت عن قلوبنا معاني الحب والنبل والشهامة والإحساس بالآخرين، وجاءت مكانها مفردات شيطانية أصلت لمفهوم الكراهية والأنانية والخسة والنذالة....

فكيف لا تستعمر نفوسنا بعد ذلك جنود التشاؤم والسخط..وترحل عن قلوبنا جنود التفاؤل والأمل الجميل؟!

وأخيراً أقول..إن عين (السُّخط) تبدى المساويَ

هكذا تعلمنا
حيث كنا نؤمن أن الألم يقع كبيراً..وينتهي صغيراً..فلا نجزع من هول وقوعه، بل كنا نتحلى بالإيمان حتى يتلاشى.
والآن لا أدرى ماذا جرى؟!


**مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.