مستقبل وطن يطلق مؤتمرا لدعم مرشحي الشيوخ بدمياط الجديدة    تنسيق المرحلة الأولى.. التعليم العالي تنتظر نتيجة الثانوية للكشف عن الحد الأدنى    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    جامعة قناة السويس تنظم دورة تدريبية لتعزيز مهارات الذكاء العاطفي    إنفوجراف| تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    أسعار النفط تصعد وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    في عمر ال76.. سيدة أسوانية تمحو أميتها وتقرأ القرآن لأول مرة (فيديو وصور)    وزير الإسكان : تلقي 6863 طلب توفيق أوضاع من المواطنين على مساحة إجمالية 58454 فدانا    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    انقطاع مياه الشرب اليوم عن مناطق في الجيزة لمدة 6 ساعات    الخارجية الفلسطينية: اعتراف فرنسا بدولة فلسطين يمثل انتصارا للدبلوماسية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 161 شاحنة مساعدات لغزة منذ الأمس    إيران والترويكا الأوروبية تناقشان البرنامج النووي في اسطنبول.. أي أفق للتسوية والاتفاق؟    تايلاند وكمبوديا تتبادلان إطلاق النار مجددا قرب الحدود المتنازع عليها    وزير الخارجية يسلم الرئيس السنعالي رسالة خطية من الرئيس السيسي    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    موعد المباراة.. الزمالك يختتم معسكره بمواجهة وادي دجلة    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    بعد إيكيتيكي.. ليفربول يستعد لإبرام صفقة قياسية    300 جنيه للمادة....بدء أعمال تظلمات طلاب الثانوية العامة يوم الأحد المقبل    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي المنيا    ضبط 3 آلاف سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط التعاقد    مصدر أمني ينفي وجود احتجاجات لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    مصرع عنصر شديد الخطورة بعد تبادل نار في أسيوط    للوصول إلى شواطئ الإسكندرية.. مواعيد انطلاق القطارات من محطة بنها ل«عروس المتوسط»    «ربنا ميحرمناش منك يا صوت مصر».. نادية الجندي تساند أنغام    ظهرت بفستان جريء.. أول تعليق من إليسا بعد حفل "جدة" (صور)    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    رئيس الرعاية الصحية: تقديم خدمات الغسيل الكلوي بأسوان من خلال 250 ماكينة دون قوائم انتظار    «100 يوم صحة» تقدم 14 مليونا و556 ألف خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    الفن السيناوي يضيء ليالي مهرجان جرش. .فرقة العريش للفنون الشعبية تتألق وتبهر الأردنيين بتراث سيناء (صور)    حالة المرور اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    موجة حارة شديدة تتسبب بحرائق في تونس    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الجمعة 25-7-2025    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    بعد «الاستوري» المثير.. أحمد فتوح يحذف حسابه على «انستجرام»    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    أنوشكا عن ياسمين عبدالعزيز: «محتاجة تحس بالأمان» (فيديو)    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    سعاد صالح: النقاب ليس فرضًا أو سنة والزواج بين السنة والشيعة جائز رغم اختلاف العقائد    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    الشيخ خالد الجندي: «ادخل العبادة بقلب خالٍ من المشاغل الدنيوية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الناصر‏..‏ الزعيم الأسوأ حظا‏!!‏
نشر في محيط يوم 30 - 07 - 2007


عبد الناصر‏..‏ الزعيم الأسوأ حظا‏!!‏
د‏.‏ سعيد اللاوندي
‏لست أشك لحظة واحدة في أن الرئيس جمال عبد الناصر هو من أسوأ زعماء العالم حظا‏,‏ فكل الذين قام من أجلهم بالثورة‏,‏ وحصل آباؤهم علي حقوقهم المسلوبة يناصبونه ويا للعجب العداء ويتعمدون تشويه الفترة الناصرية‏,‏ وإلصاق أقذع الصفات بها‏.‏
وأذكر اني في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أعددت في ذكري رحيل عبد الناصر برنامجا للبث عبر اذاعة الشرق في باريس ودارت مناقشة حامية بيني وبين مسئول البث‏(‏ وكان لبنانيا‏)‏ وبعد اصراره علي حذف بعض العبارات انتهي بالقول‏:‏
لا يزايد علينا أحد في حب عبد الناصر‏,‏ فنحن‏(‏ أهل الشام الكبير‏)‏ الذين حملناه بسيارته علي أعناقنا في حدث مشهود‏,‏ وهتفنا‏,‏ ولا نزال‏,‏ بعبد الناصر زعيم الأمة العربية‏.‏
وأشهد أني رأيت أساتذة وزملاء لي في الجامعة في أوائل السبعينيات كانوا يبكون‏(‏ حنينا‏)‏ وهم يتحدثون عن عبدالناصر‏,‏ ويدفعوننا دفعا للكتابة في مجلات الحائط عن عبد الناصر‏(‏ الخالد الذي لا يموت‏)..‏ ثم وبعد أن تبوأوا المقاعد وذاقوا طعم النفوذ والسلطة كانوا أول القاذفين بالطوب والحجارة لعبد الناصر والفترة الناصرية‏.‏ وهذا لعمري قمة المأساة في سوء الحظ الذي لازم الرجل‏.‏
فمن نكد الدنيا علي هذا الزعيم أن يجد الطبقة الوسطي التي انتصر لها طوال حياته هي ذاتها الطبقة التي تهيل عليه التراب‏,‏ وتتهمه بالصحيح والزائف‏..‏ ومعلوم أن هذه الطبقة كانت تشكل‏99,5%‏ من مجموع الشعب المصري بإعتبار أن مجتمع النصف في المائة هو الذي كان يحكم ويحتكر ويتسيد في كل المواقع‏..‏
وما أحسبه بحق من سوء الحظ أيضا أنه لولا عبد الناصر لما تعلم أبناء هذه الطبقة ولما تمكنوا من الصعود إلي أعلي المناصب‏..‏ لكنهم ويا للعجب يتنكرون للرجل ويسومونه‏(‏ معنويا‏)‏ صنوف العذاب‏,‏ ولا يترددون في اغتيال الأخضر واليانع في فترة حكمه لتبدو وكأنها خراب في السياسة والاقتصاد والاجتماع‏.‏
وهذا زيف لا يستقيم مع وقائع التاريخ الذي لا يكذب أو يتجمل‏.‏
ومن سوء الطالع أيضا أن يعود إلي الواجهة من جديد الاقطاع القديم‏(‏ الذي دحره عبد الناصر‏)‏ والرأسمالية المستقلة‏(‏ التي أممها‏)‏ لتملك في شراسة أضعاف أضعاف ما أخذ منها‏,‏ ثم ها هي لم تنس جراح الماضي‏,‏ فعكفت علي الانتقام‏(‏ ليس من عبد الناصر الذي أصبح في زمة التاريخ‏)‏ وإنما من الطبقة الوسطي التي تقلصت وتكومت علي ذاتها حتي كادت تذوب وتندثر‏..‏ والمثال الصارخ علي ذلك‏:‏ أن مجانية التعليم والعلاج التي كانت هذه الطبقة من أكثر المستفيدين منها‏.‏ أصبحت وهما وسرابا‏.‏
وتولت العولمة المتوحشة ما تبقي من أمر هذه الطبقة‏,‏ فدخلت بيوت العمال في حلوان والمحلة الكبري وحولتها إلي صحراء جرداء‏..‏
وأجهز غول الأسعار والتضخم علي الباقي‏,‏ فتدمرت قلاع الانتاج‏,‏ وتصحرت الأراضي الزراعية وجفت الوديان مما أرغم الفلاح علي ترك أرضه‏,‏ والتسكع في المدينة‏!‏ وهجر العمال مصانعهم وركبوا البحر في هجرة سرية غير مضمونة العواقب‏..‏ وقضت عوامل التعرية علي جميع مظاهر الحياة‏,‏ وأصبح المجتمع خاليا من امارات الكفاية والعدل التي لطالما حلم بها عبد الناصر‏.‏

..‏ ومن قبيل سوء الحظ كذلك أن المرحلة التي تلت حكم عبد الناصر‏(‏ وهي فترة الرئيس السادات‏)‏ كانت من أكثر المراحل التي تعرض فيها عبد الناصر للهجوم ونكران الفضل‏,‏ وتنافس الكتاب في تجريحه بدءا بالكاتب موسي صبري وانتهاء بعبد العظيم رمضان مرورا بكثيرين أشهرهم توفيق الحكيم‏,‏ وثروت أباظة وأنيس منصور‏.‏ ورغم أن السادات أكد في أكثر من مناسبة أنه كان شريكا لعبد الناصر في كل القرارات‏..‏ إلا أن حملات التشويه لم تتوقف وأصبحت كالنغمة التي يعزفها كل طامح أو طامع أو متزلف‏..‏ وحتي تكتمل مأساة سوء الحظ فلقد قيض الله لعبد الناصر جملة من المدافعين الذين يفتقد معظمهم الي المصداقية‏,‏ فأساءوا للرجل وسيرته من حيث ارادوا الخير له‏,‏ وأصبح الانتساب الي الناصرية بسبب عبث هؤلاء تهمة يتنصل منها الناس كافة‏.‏ ومما زاد الطين بلة ان المسمون بالناصريين لا تنتهي الخلافات بينهم‏,‏ ولا يكفون عن التلاسن والتراشق بالاتهامات‏(‏ بالعمالة‏,‏ والخيانة‏,‏ والعمل لحساب انظمة سياسية أخري‏)‏ والدليل علي ذلك ان رصيدهم الشعبي فقير‏,‏ وانجازهم السياسي والاجتماعي‏(‏ حزبيا‏)‏ هش رغم تمتعهم برياح تسمح بالكتابة وحرية التفكير‏..‏ إلا انهم وهذا هو ديدنهم
فضلوا التمويهات والتضليل ولي عنق الحقائق‏..‏ والكتابة باسلوب الفبركات‏,‏ والأكاذيب فأضروا بصورة‏(‏ الناصرية‏)‏ التي أصبحت ويا للأسف مرادفا للمهاترات والسباب والصوت الأجوف‏.‏ لذلك كان الحصاد النهائي مرا ولم يخلف في الحلقوم غير الغصص المؤلمة‏..‏
والغريب أن بعض النظم والقيادات السياسية التي رضعت لبن الناصرية‏(‏ الطاهر العفيف‏)‏ وأدعت أنها أمينة علي القومية العربية عادت وتنكرت لكل ذلك‏,‏ وأصبحت من ألد أعداء فكرة القومية والعروبة معا‏.‏
وهكذا خسر اسم عبد الناصر من رصيده الكبير دون أي ذنب خصوصا في ضوء الميديا التي لم تترك‏(‏ في خبث‏)‏ شاردة أو واردة تتعلق بتراث الرجل الفكري والسياسي إلا وألصقت به الاتهامات‏.‏

*‏ أقول أخيرا إن قناعتي أن عبد الناصر رجل سييء الحظ‏,‏ لكنه يا للمفارقة الأبقي أثرا وذكرا في النفوس‏,‏ فمصر الحديثة يذكرها التاريخ برجالات‏..‏ عبد الناصر هو أبرزهم‏.‏
وأمام حملات التشويه التي يتعرض لها هذا الرجل منذ رحيله وحتي اليوم تكفي زيارة إلي الريف المصري‏..‏ فالمفاجأة أن عبد الناصر قابع هناك في صدور الآباء والأمهات‏..‏ وهو إرث يأخذه الخلف عن السلف ولعل في ذلك‏(‏ وحده‏)‏ العزاء والسلوي من لعنة سوء الحظ التي لازمت هذا الرجل العظيم كظله‏.‏
جريدة الاهرام المصرية
30/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.