"المتحولون" Transformers فيلم أمريكي جديد تدور قصته حول نشوب حرب كبرى على كوكب الأرض بين مجموعتين من أجهزة الإنسان الآلي ، تمثلان الخير والشر .
وتدور أحداث هذا الفيلم في منطقة الخليج العربي ، حيث تغزو الكائنات الشريرة القاعدة الأمريكية في قطر وتدمّرها ، ومن ثم تمتد الحرب إلى الولاياتالمتحدة . لكن الكائنات الخيرة تصدّ زحف الكائنات الشريرة وتنتصر عليها وتحمي الأرض من شرّها .
ولا يخفى على كل ذي عقل أن المقصود بالكائنات الخيّرة في هذا الفيلم هي الولاياتالمتحدة والشعوب الغربية ، أما الكائنات الشريرة فهي الشعوب العربية والإسلامية ، لأن أحداث الفيلم تدور في المنطقة العربية انطلاقاً من الهجوم على القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر . وطبعاً لا يوجد في هذه المنطقة غير العرب والمسلمين ، وغير الغزاة الأمريكيين ، أي أن الهجوم على القاعدة الأمريكية هو هجوم "الأشرار" العرب على "الأخيار" الأمريكيين الذي يناضلون حتى يتمكنوا من القضاء على المهاجمين .
والواقع أن هذا الفيلم ليس هو الأول الذي تنتجه هوليوود والذي يذمّ ويقدح العرب، فقد تم إنتاج أفلام كثيرة في السابق ، وكلها تصوّر العربي كرجل بدوي أو بدائي ليس له عقل ولا يوجد في قلبه رحمة . لكن ما يميز هذا الفيلم الأخير هو أنه ينظِّر لحرب "الهرمجدون" الكبرى التي يسعى المحفل الماسوني العالمي إلى إشعالها في المنطقة العربية والإسلامية بهدف القضاء عليها .
وهذه الحرب باتت قريبة وهو ما تؤكده الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية والعالم . فالتعثر الأمريكي في العراق ، وانهيار مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وانكفاء المشروع الصهيوني الغادر في فلسطين ، كل ذلك يوحي أن العرب والمسلمين يزدادون قوة ، وأن الأمريكيين والغربيين وحلفاءهم الصهاينة يزدادون ضعفاً .
والقوي إذا أحسّ أنه يخسر مواقعه ودولته ينتحر ويقتل معه أعداءه ، وهو ما يسمى "خيار شمشون" وفي المثل العربي "عليَّ وعلى أعدائي" . والولاياتالمتحدة وإسرائيل تخسران في المنطقة العربية من جراء تصاعد مقاومة الشعوب العربية والإسلامية لهما . وهما لن تسلما بهذه الخسارة ، ولذا فإنهما ستشعلان حرباً عالمية ثالثة في المنطقة العربية .
وقد بدأ الآن التحضير لهذه الحرب في الولاياتالمتحدة من خلال تجييش الرأي العام فيها وتعبئته بالحقد على العرب والمسلمين . وأوكلت هذه المهمة إلى دار السينما في هوليوود التي كانت وما تزال تمثل الذراع الثقافية العالمية للولايات المتحدة والتي عبرها يتم بث الأفكار والمبادئ التي يحملها الأمريكيون . وترتبط هوليوود بشكل مباشر ، بوزارة الدفاع الأمريكية ، ويستطيع منتجو ومخرجو الأفلام أن يستعينوا بهذه الوزارة التي تقدم لهم كل الخدمات من أماكن عسكرية خاصة وأسلحة وتقنيات عسكرية متطورة .
وأحياناً تقدم لهم وكالة الفضاء "ناسا" كل إمكانياتها لإنتاج فيلم يتعلق باستكشاف الفضاء . وقد تم إنتاج الكثير من الأفلام العسكرية والفضائية بهدف إبهار الشعوب الأخرى ودفعها إلى التسليم بالقدر الأمريكي في العالم . وفي إطار التوجه السياسي الأمريكي لخوض حرب عسكرية وفكرية طويلة الأمد ضد ما يسمى "الإرهاب" أو الإسلام ، تم توجيه هوليوود للمشاركة في هذه الحرب ، فجاء فيلم "المتحولون" كبداية لسلسلة طويلة من الأفلام التي ستظهر بعده . والواقع أن النهاية السعيدة المصطنعة في هذا الفيلم ، والمتمثلة بانتصار "الأخيار" الأمريكيين على "الأشرار" العرب والمسلمين ، هي نهاية تتكرر في كل الأفلام التي يكون الأمريكيون فيها طرفاً .
فرغم الهزيمة الساحقة لهم في فيتنام ، إلاّ أن جميع الأفلام التي أنتجتها هوليوود حول الحرب الفيتنامية كانت تصوّر الجندي الأمريكي كبطل لا يُهزم ، وكانت تصور المقاتل الفيتنامي كرجل ضعيف لا يعرف استخدام السلاح ، وليس له معرفة بالحضارة . مع أن الواقع كان غير ذلك تماماً ، بيد أن فيتنام لا تملك القدرة على إنتاج أفلام تضارع الأفلام الأمريكية المزوّرة عنها ولا تستطيع منع هوليوود من توزيع هذه الأفلام ، لأنها أمة ضعيفة وفقيرة .
ولعل حال هذه الأمة مثل حال فيتنام ، فنحن اليوم نُرمى بعشرات الأفلام الهوليودية التي تبثها قنوات عربية ، وللأسف على مدار الساعة. وهذه الأفلام مليئة بالتحامل علينا وعلى حضارتنا وثقافتنا ، لكن ، هل ترى يعي المسؤولون في الدول العربية والإسلامية خطورة هذه القنوات المريبة ، أم أننا سنبقى نشتم ونذلّ ومن ثم نغفر لشاتمنا ومذلِّنا وندعو له بالتوفيق؟.