قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الذكرى السنوية الأولى لانتصار المقاومة على إسرائيل في عدوان تموز/يوليو 2006 ، إنه إذا ما فكّرت إسرائيل بالعدوان مجدداً على لبنان ، فإن حزب الله يخبئ لها مفاجأة كبرى ستغيّر مصير الحرب والمنطقة .
ولم يحدد السيد حسن طبيعة هذه المفاجأة ، بل قال إنه لو فعل فإنها لن تبقى مفاجأة . لكن كلامه وقع كالصدمة على رؤوس قادة إسرائيل الذين كانوا يعتقدون أن أسلحة حزب الله باتت معروفة وخططه في القتال باتت معروفة ، وأن حرباً جديدة ستؤدي إلى نصر إسرائيلي مؤكد عليه . بيد أنهم فوجئوا بكلام السيد عن مفاجأة كبرى ستحسم الصراع لصالح حزب الله في أية معركة قادمة .
وهم حتماً يحللون الآن هذا الكلام ليعرفوا ماذا يخبئ لهم حزب الله . وكانت إسرائيل قد أقدمت على العدوان على لبنان عام 2006 ، وهي مقتنعة بأنها ستُنهي وجود حزب الله خلال ساعات أو أيام قليلة ، ولم يخطر في بالها أن حزب الله أعدَّ نفسه للمواجهة المرتقبة معها بشكل جيّد . وهنا يجب التوقف عندما يقال عن أقمار التجسس التي تمتلكها الولاياتالمتحدة وإسرائيل والتي يقال عنها ، إنها قادرة على رصد كل ما يدبُّ على الأرض في الليل والنهار ، بل قادرة على معرفة ما يفعل الناس في بيوتهم .
لكن هذه الأقمار التي كانت تجوب سماء لبنان ليل نهار ، فشلت في معرفة ما يعدّه حزب الله من تحصينات ، وما يخبئه من أسلحة في جنوب لبنان القريب جداً من فلسطينالمحتلة . وعندما شنّت إسرائيل العدوان على لبنان اصطدمت بقوة جبّارة ، وقد استخدم السيد حسن نصر الله سلاح المفاجآت وأطلق المفاجأة الأولى عندما أغرقت المقاومة سفينة حربية صهيونية متطورة من نوع /ساعر 5/ في عرض بحر بيروت بصاروخ أرض بحر ، وكان على متنها عشرات الجنود الإسرائيليين ، وأدّت هذه الضربة إلى إخراج سلاح البحرية الإسرائيلية من المعركة .
ومن ثم كانت المفاجأة الثانية وهي الصواريخ المضادة للدروع التي كان يحملها مقاتلو حزب الله ، وهذه الصواريخ مصممة لاختراق أكثر الدبابات تدريعاً ، وقد أدى استخدمها إلى تدمير دبابات المركافا الصهيونية من الجيل الرابع وهي أكثر الدبابات تدريعاً وتحصيناً في العالم .
وبهذه الضربة تم إخراج سلاح البرّ الإسرائيلي الرئيسي ، وهو المدرعات من المعركة . وبقي اعتماد إسرائيل على سلاح الطيران الذي ألحق أضراراً فادحة بالقرى والبلدات الجنوبية وبالضاحية الجنوبيةلبيروت ، كما أدى إلى استشهاد أكثر من ألف مواطن لبناني بريء . وظل سلاح الجو عصيّاً على المقاومة لأنها لم تكن تملك مضادات أرضية ، وليس لديها طيران حربي مقاتل .
ولعل المفاجأة الجديدة التي وعد بها السيد حسن ليست سوى امتلاك حزب الله للصواريخ المضادة للطائرات ، وبهذه الصواريخ سيكمل حزب الله مسار المعركة . وكما أخرج الحزب في الحرب الماضية سلاح البحرية وسلاح المدرعات الإسرائيلي من أرض المعركة ، فإنه في الحرب القادمة سيخرج سلاح الطيران ، وستصبح إسرائيل بلا يد طويلة ، وستنكشف أرضها أمام المقاومين الذين لن يكتفوا آنذاك بالدفاع ، بل سيهجمون ليحتلّوا المستوطنات الصهيونية القريبة من لبنان .
وبهذه الطريقة سيتغير مصير الحرب ، وقد يختلّ توازن إسرائيل التي لن تجد من ينجدها ، فتسقط من تلقاء ذاتها ، وهكذا سيتغير مصير المنطقة . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، هل بعد تهديد السيد حسن نصر الله بهذه المفاجأة الكبرى ، سترتدع إسرائيل وستمتنع عن العدوان من جديد على لبنان ؟. الواقع أن إسرائيل لا يمكنها البقاء على الهزيمة لأنها دولة قامت من الأساس على العدوان والظلم وسرقة أرض فلسطين وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ، وكانت دوماً تتبجّح أمام العرب بأنها قوة لا تُقهر ، وأن أية دولة عربية تفكر في الحرب ضدها ، فإنها ستقضي على وجودها .
لكنها فجأة ، وجدت نفسها مهزومة أمام المقاومة في لبنان التي هي ليست دولة ، وهذه الهزيمة حفرت عميقاً في المجتمع الصهيوني الذي عرف حجمه وأدرك أنه كان يعيش في وهم كبير ، وأن كل ما يمتلكه من آلات التدمير لم يحقق له الأمان والاستقرار في أرض فلسطين .
وأصبح مستقبل إسرائيل محلّ تساؤل من قِبَل المستوطنين الصهاينة . ومن هنا ، ومن أجل إعادة ثقة الصهاينة بأنفسهم وبدولتهم، سيعمل قادة إسرائيل على القيام بعدوان جديد ضد لبنان . لكن وكما تتجه الفراشة إلى الضوء لتحترق فيه ، فإن إسرائيل ستتجه إلى لبنان لتكون نهايتها فيه . ** كاتب من الإمارات