تزداد حاجتنا إلى الكهرباء في فصل الصيف ربما بصورة أكثر من أي فصل آخر بسبب الحر الشديد الذي يعصف بهذه البقعة من العالم. وشركة الكهرباء السعودية ليست جديدة على البيئة ولها تجربة طويلة في تقديم خدمة ضعيفة للمشتركين، وهي بلا شك تعرف مقدار الاستهلاك المطلوب والاستهلاك الممكن للطاقة حسب قدرة مولداتها في كل منطقة وكل مدينة؛ ولديها فكرة عن الحد الأعلى وعن فترات الذروة للاستهلاك. ومع هذا فإن تكرر انقطاع التيار الكهربائي يظل مشكلة لم تُحلّ على الأقل في مدينة ضخمة كمدينة الرياض.
ما الذي يمكن للمستهلك أن يفعله حينما ينقطع عنه التيار الكهربائي في "عزّ القايلة"، ودرجة الحرارة في مدينة الرياض مثلا تزيد عن الخمسين درجة مئوية؟ ما الذي يمكن للأم أن تفعله إذا كان لديها مولود حديث أو طفل مريض والكهرباء مقطوعة عنهم في فترة الحر الشديد؟ ما مصير المصابين بضغط الدم وأمراض القلب ممن لا يحتملون ارتفاع درجة الحرارة؟ وحتى لو انقطعت الكهرباء في فترات أخرى غير الظهر (المصنف عند شركة الكهرباء على أنه فترة ذروة)؛ فالليل أسوأ كذلك بسبب الحاجة إلى الإضاءة.
هناك بلا شك مواقف محرجة لمن لديه ضيوف فينقطع عنهم النور ثم يظلون فترة طويلة في الظلام الدامس يتلمسون أيديهم بحثًا عن ولاعة أو عود ثقاب. كما يصاب بالخيبة الشخص الذي لديه عمل يحتاج أن ينجزه في الحال أو كان يعمل على الكمبيوتر لإنهاء عمل معين محدد بوقت ثم يتفاجأ بأن كل ترتيباته ومواعيده معطلة بسبب خذلان شركة الكهرباء له في هذا الوقت العصيب.
و"سوء الكيلة" الذي تمارسه هذه الشركة حينما تعيد التيار الكهربائي الذي قطعته فجأة بدون إنذار أو اعتذار؛ هو أنها قد تعيده بقوة أعلى أو بفولط أكثر من الحد المطلوب مما يتسبب في حرق كثير من الأجهزة الكهربائية التي تعمل على نظام 110فولط. هذا بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر والأدوات الكهربائية الأخرى؛ أما ما يلحق محتويات الثلاجة من مواد غذائية مخزنة ربما تكون فسدت بسبب انقطاع الكهرباء فهذه ستكون حلالا للبكتيريا والحشرات. والعوض على الله!
حينما نعدد مثل هذه المشكلات التي يتسبب فيها انقطاع الكهرباء المفاجىء والمتكرر فإننا نؤمل من هذه الشركة أن تضع بعين الاعتبار احترام المشتركين وتقديم خدمة أفضل تليق بسمعتها وتتناسب مع الأموال الطائلة التي تأخذها من جيوب الناس مقابل هذه الخدمة.
والواقع أن مشكلات الكهرباء يمكن التعامل معها بإيجاد مولدات بديلة تعمل أوتوماتيكيًا حال انقطاع التيار الكهربائي من مولد معين أو حصول عطب في أحدها، كما هو معمول به في كثير من بلدان العالم. فلا يشعر المستهلك بهذا الانقطاع ولا يتضرر منه كما هو الحال عندنا. ومعلوم أن وجود مولدات مساندة هي استراتيجية عملية مهمة ربما تعمل بها شركة الكهرباء لكن لا نعلم عن فعاليتها في ظل تكرر انقطاع التيار الكهربائي المستمر في بعض المناطق.
إن إهمال شركة الكهرباء للمستهلين وعدم الاعتذار لهم أو تقديم خصومات مقابل ما تتسبب به من خسائر مالية ومعنوية تلحق بهم، إنما يؤكد الصورة النمطية للاستبداد الذي تمارسه الشركات الوحيدة التي ليس لها منافس في البلد أو تلك التي لا تخشى من العقوبة أو المحاسبة. ومادام أنه ليس لدينا منافس لشركة الكهرباء فإنه يحق لنا التساؤل عن العقوبات التي يمكن أن تنال مثل هذه الشركات في حال الإخلال بعملها، ومن هي الجهة التي يمكن أن تتولى حماية المستهلكين وتلقي شكاويهم والتحقيق في القضايا المرفوعة ضد مقدم الخدمة؟ هل وزارة الكهرباء والمياه مثلا هي طرف في القضية؟ هل هي جهة تنفيذية أم أنها جهة إشرافية؟ وكيف يمكن للوزارة أن تضبط عمل الشركات والمؤسسات التابعة لها؟
هذه الأسئلة وغيرها بحاجة إلى إجابة من المسؤولين لكي يعرف الناس على الأقل القنوات القانونية التي يمكن أن يسلكوها لحماية أنفسهم حينما يقع عليهم ضرر، وللحصول على خدمات تناسب ما يدفعونه من أموال. عن صحيفة الرياض السعودية 2 / 9 / 2007