بالتوعية وسبل التربية الذكية.. نحمى أطفالنا من التحرش محيط إيمان الخشاب "فقه الخطأ" برنامج يقدم تأصيل فكري وشرعي لفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبيان ضوابطه الفقهية وقواعده الشرعية والأبعاد التربوية والاجتماعية والسلوكية لهذه الفريضة العظيمة التي هي من أسباب خيرية هذه الأمة ، وفى احدى الحلقات تحدث الدكتور الجليل سلمان العودة عن "خطأ الاطفال ". وفى بداية الحلقة سرد هذه القصة : أحد الآباء كان جالسا، وعنده كأس من الماء، وجاء الابن دون أن يعي، وضرب هذا الكأس برجله فانسكب على الأرض.. فوبخه الأب بشدة، وقال: أنت أعمى ما تشوف.. عيونك في ظهرك.. كام مرة قلت لك فتح عيونك، وأنت تمشي؟ وفي الغد وضع الكأس في نفس المكان، وجاء الأب من دون أن ينتبه، وضرب الكأس فانسكب على الأرض فبدأ الأب بالصراخ على الابن لماذا تضع الكأس في هذا المكان.. هذا مكان يوضع فيه الكأس. وقال د.سلمان العودة: كما كان يقول أحمد شوقي :فعلم ما استطعت لعل جيلا.... سيأتي يحدث العجب العجاب .
فالأطفال كثيرا ما نتعامل معهم بغير اكتراث في كثير من الأحيان هم الذين نعتقد أنه من خلالهم يمكن تجاوز الكثير من المآخذ، والعيوب، فنحن كلما ضاقت علينا الأبواب، وأغلقت الأسباب قلنا لعل الجيل القادم يكون أفضل هذا الجيل لا يمكن أن يؤدي دوره بكفاءة إلا إذا تعاملنا معه باحترام، وأعطيناه حقه كاملا غير منقوص منذ الطفولة، ومنذ الصغر أما إذا تعرض للاضطهاد في محضنه الأول في البيت فليس متوقعا لا أن يفلح، ولا أن ينجح. فمثلا من الممكن أن يدرب الطفل على الصدق، وأعتقد أن أعظم من يدرب الطفل عليه بالصدق هو القدوة يعني صدق الأم، والأب ، وقد نرى طفل حسود.. فيه غيرة شديدة سواء من إخوته الآخرين أو سواء عندما يذهب، ويرى ممتلكات الناس أو أشيائهم أو حتى السيارات يغار حتى من سيارة جيرانه كيف نعالج هذا الموضوع. وهنا نقول ان حب التملك فطرة، وهو غريزة عند الأطفال والكبار على حد سواء، وأعتقد أن الحكمة الإلهية في وجوده ظاهرة، وواضحة لكن كيف نستطيع أن نحقق للطفل هذا المعنى، وكيف نستطيع أن نبين له أن الآخرين أيضا لهم الحق في التملك، وأن حب التملك لا يسمح له بالعدوان على لعبة أخيه أو على لعبة زميله.. هذا معنى مهم جدا. ويضيف العودة: أعتقد أن الطفل قابل للتعلم حتى في بعض الأشياء التي يبدو لنا أنها صعبة.. أذكر أن مسابقة أجريت في الأردن، وفاز فيها أحد الكتاب بكتابة قصص للأطفال فسألوه عن سبب تفوقه.. فقال: إن الكتاب كانوا دائما يحاولون أن ينزلوا إلى مستوى الأطفال أما أنا فحاولت أن أرفع الأطفال إلى مستواي.. طبعا هذا ليس معناه أنه تجاهل السن التي يعيشون فيها، ولكنه استطاع أن يسهل بعض المعلومات، وبعض الحقائق، وبعض القيم؛ ليتشربها الأطفال.
في أحد المواقع الالكترونية قرأت قصة طويلة خلاصتها أن إمرأة قلقلة جدا من ظاهرة اكتشفتها عندما يزورون اقاربهم ، ويرجعون تكتشف أنها تسرق بعض الأغراض من الناس الذين ذهبوا إليهم، وتكررت هذه الحالة، ولا تعرف من أين؟ وحادثة اخرى اتذكرها كان أحد الأطفال معي، ودخلنا في مسجد في إحدى الدول للصلاة، ورأى هذا الطفل السبحات الموجودة في المسجد فهو صلى معنا أول صلاة، ولكني فقدته في آخرها بعد فترة، تحسسه احد الاقارب فوجد معه هذه السبحة، وحاول بكل وسيلة أن يقول له :أنك أخذتها، وكان الطفل يصر إصرارا كبيرا جدا، وببراءة تامة إنه أبدا ما أخذتها إذن فقد وجدتها في جيبي، وهنا شوف القرآن الكريم { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } يعني هنا لابد من التربية، ليس صحيحا إن الطفل إذا ترك، وشأنه أن يقول: ما يخطر في باله أو كل تصرف يعمله هو سليم.. هنا أنت عليك أن تقنع الطفل أنه لا هو أخذ هذه السبحة، ويعني حق الآخرين، ولا يجوز العدوان عليها، ولا بأس أن يكون مع ذلك نوع من التأديب أو نوع من الحرمان الذي به يشعر أن هذا التصرف خطأ، وأنه خسر بسببه، ولم يكسب، ويفهم أيضا أنه لم يكسب لم يحصل على الشيء الذي أخذه، ولا يمكن أن يحصل عليه، وخاصة ربما لفترة مؤقتة الأم أو الأب الشيء الذي كان يتمناه حرمانه من شيء معين. وفى الوقت ذاته ينصح الدكتور سلمان العودة بعدم عزل الاطفال المخطئون او كثيرو الخطأ عن المجتمع قائلا: لا أن نعيش في جزر معزولة عن الناس الحقيقة من الواقعية أن ندرك أن المطلوب منا أنا نختلط بالناس، ونتعامل معهم، ونستفيد منهم، وعندهم أشياء ليست عندنا، وقد يكون عندنا أشياء ليست عندهم..
وقد يقول البعض منا ان فى بعض المدارس هناك كثير من الانحرافات تقع يعني نحن نرسل أبنائنا للمدارس ليتعلموا، ونؤمن أنه يوجد كثير من الانحرافات.. بل كثير من الأشياء السيئة يتعلمها الأطفال في المدارس كيف نحصنهم من هذا؟ وانا اقول أن المدرسة مجتمع المعلمون في كثير من الأحيان فيهم كفاءة المنهج الدراسية قد تكون كذلك، لكن المشكلة في المدرسة من الطلبة أنفسهم من الطالب يجتمع مع عشرين أو ثلاثين طالبا من بيئات مختلفة، ومن بيوت مختلفة، فيتعلم منهم أو يتلقى عنهم هذا.. لا شك فيه؛ ولذلك هنا يأتي دور البيت كحصن تربوي من شأنه أن يعزز دور المدرسة وأن يكون هناك تواصل بين البيت، والمدرسة، ودور البيت أيضا أنه ليس فقط بمجرد أن يأتوا الأولاد يسلمونهم إلى برامج أخرى منتظرة في المنزل، وكأن هم الأهل أيضا هو أن يرتاحوا من هؤلاء الأولاد؛ ليخلصوا لأنفسهم بمأكل أو مشرب أو نوم أو راحة أو ما سوى ذلك. ونقطة هامة اشير اليها ان هناك اخطاء يقع فيها الطفل دون وعى لها على سبيل المثال هناك رجل وجد ابنه مع ابن الجيران في وضع مخل، وأيضا آخر كان يتكلم عن أنه وجد ابنه، وابنته في وضع مخل داخل المنزل. وهذا الامر بالنسبة للأطفال يقع للصغار جدا ربما الذين لما يستوعبوا، ولما تتحرك فيهم مشاعر الرغبة الجنسية تجاه الطرف الآخر هؤلاء قد يعملون أحيانا نوعا من العبث، وعلى الوالدين أن لا يقلقوا لأن هذا العبث يحدث، وهو معروف نفسيا لكنه غير مرتبط أبدا بأي ممارسات جنسية شخصية، لكنى احذر من بعض الإخوة الذين يعلمون وقد تبين بإحصائيات ليس فقط في العالم العربي بل حتى في العالم الغربي أن أكثر ما يقع التحرش هو داخل البيت الواحد ما بين الإخوة والأخوات، وأحيانا في حالات خاصة من قبل بعض الأقارب جدا يقع تحرش بالأولاد أو يقع تحرش بالبنات، وربما يتكرر مثل هذا العمل.. قد يكون تعلمه من آخرين أو من المدرسة ذاتها.. أيضا فالمدرسة يمكن أن تعلم خصوصا، والأطفال الصغار يحتاجون أن يذهبوا إلى دورات المياه، ويتجمعون أحيانا في هذه الدورات، وربما يكون المشرف منشغلا عنهم أو بعيدا عنهم فيتعلمون بعض هذه الممارسات غير السلوكية، ويكبرون، وتكبر معهم مثل هذه الأشياء. من هنا نجد مثلا في المنزل أهمية التوعية والتربية بطريقة ذكية وعزل الأولاد عن البنات أو حتى عزل الأولاد بعضهم عن بعض.. يعني كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه أهل السنن، وسنده جيد "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ".. هنا الأمر بالصلاة.. التعويد.. التدريب.. التأهيل "واضربوهم عليها" ليس ضربا بمعنى الضرب المؤلم أو الموجع، وإنما الضرب الذي يوحي للطفل بنوع من الحرمان من العاطفة تجاه تقصيره في هذا الحق الرباني، وبطريقة أيضا فيها جانب مراعاة الترغيب، والترهيب.. في الوقت ذاته هناك مكافأة أو جائزة تنتظره ثم قوله -صلى الله عليه وسلم- "وفرقوا بينهم في المضاجع " يعني أن لا ينام بعضهم مع بعض، وهذا ليس خاص فقط بالأولاد، والبنات، وإنما حتى الأولاد يعني أن يكون كل واحد له لحاف يخصه بعد سن العاشرة. ومن هنا ينبغي أن تكون عين الأمة بصيرة وقريبة وأن تدرك الأم أن حنانها، ويدها الحانية، ولمستها الدافئة لا يمكن أن يعوضها أحد قط فالأطفال هم أعظم ثروة علينا أن نعدها للمستقبل أحسن الإعداد.