أهدى الكاتب يسار محمد الدرزي كتابه الجديد "مدارات الفكر الإنساني" إلى "كل عشاق الحق والحقيقة من حملة المبادئ السامية والساعين لإنقاذ أمة طال هوانها". ويضم الكتاب الصادر عن "مكتب الفتى" في الموصل عبر صفحاته ال 208 قضايا فلسفية عديدة شغلت الفكر الإنساني منذ بدء الخليقة، مع مناقشة واسعة عن علة الوجود والكون والمجتمعات البشرية والحب الإلهي والجمال والفن والعدالة والسعادة. ويقدم الدرزي وفق ما كتب وليد مال الله في "ميدل ايست" آراءه الفلسفية داخل ثنايا الكتاب وهو أيضا ينهي كل فصل من فصول الكتاب بكلمة تحوي على حكمة أراد تبليغها للآخرين كما لو انها عصارة فكره. فيقول في نهاية الفصل الأول عن الوحي الآلهي "إن رجلاً أمياً في بيئة عربية قبلية متخلفة علمياً عن بقية الشعوب يأتي بكتاب سماوي يحوي كل هذه الحقائق العلمية وغيرها مما لم يستطع الإنسان الوصول إليه إلا في القرن العشرين لهو دليل قاطع لكل ذي عقل على أنه وحي إلهي أعجز أهل الأرض قبل أكثر من 1400 سنة وأذهل علماء العصر الحديث". وفي الفصل الثاني الذي حمل موضوع "الحوار.. طريق الفكر النير"، قسم الكاتب فصله إلى عدة نقاط أيضا، فذكر شروطاً للحوار الفعال أجملها في: التعددية الفكرية وحرية التعبير والاستقرار النفسي، كما نبه إلى أن للحوار غايات وفوائد خصصها في: الحقيقة، الإصلاح، التنوع، التآلف والتواضع. وذكر الكاتب في نهاية الفصل أن "الحوار هو أداة استبدال الصراع بالتعارف والتبادل والتفاعل والتكامل مع الآخرين، وهو طريق الفكر النير لعبور مستنقعات الجهل والجمود وصولاً إلى أنوار الحقيقة القادرة على تمزيق حجب الظلام وتكسير حواجز الاستبداد وإيقاف التصحر الثقافي الذي يغزو عقول الأجيال الجديدة". كما طرح الدرزي عدة خصائص للحوار الموضوعي كتحديد المفاهيم، وأدب الحوار. كما أشار في فصل "الفن" إلى أن الفن يعزز إحساس وتذوق الإنسان للنواحي الجمالية في الحياة ويحفز الإنسان للتعبير عن إمكانياته الذاتية بإثارته حسياً وذهنياً، والفن يعبر عن المفاهيم الفكرية والأخلاقية والاجتماعية والدينية والسياسية ويعمل على تعميقها، وهو يحقق الألفة بين البشر. وأبدى الكاتب رأيه في فصل "الحب" وقسمه إلى أصناف: حب الخير والإنسانية والعدل والحرية والعلم والأدب والأم والأب والابن والزوجة والصداقة والوطن والحب الإلهي. وأشار الكاتب في فصل "السعادة" بعد تعريفها وتحديد ماهيتها من خلال الفلسفة، إلى حقيقة السعادة، ثم توصل الى أن "المسلم العالم العابد سعيداً طوال حياته ما دام هناك فضائل يسعى لتحقيقها ورذائل يبتعد عنها فيحاربها، فهو إنسان سعيد لأنه يكون في السراء شاكراً محسناً وفي الضراء صابراً محتسباً، وبهذا تتكامل سمات السعادة الروحية والمادية في الشخصية الإسلامية". وفي بحثه عن "الحقيقة" في الفصل الأخير من الكتاب قال عنها بأنها غاية كل الديانات والفلسفات والمناهج السياسية الفكرية. وأضاف الكاتب أن الوصول إلى الحقيقة يتطلب توفير مستلزمات الحصول عليها، متمثلة بتحرير تفكيرنا من سيطرة عواطفنا، ونبذ التعصب الفكري الذي يغذي أهواءنا لا عقولنا، وبتأهيل فكرنا عن طريق ازالة كل المعوقات التي تحجمه كالفقر والجهل والمرض والاستبداد بكافة أنواعه، فلا نسمح باستعباد الفرد باسم مصلحة المجموع أو نستغل جهد الأكثرية باسم حرية الفرد الشخصية بل نسلك طريق الوسطية في الموازنة بين المصالح والحريات الفردية والعامة. "لذا فعندما نحترم الآراء المخالفة لنا فلا نتخذ من الأشخاص حكاماً أو مفكرين أصناماً تعبد، ولا من النظريات السياسية أدياناً تزهق في سبيلها أرواح الأبرياء لمجرد مخالفتهم لها بالرأي، عندها سنرى حقائق الأمور بعين الواقع لا الخيال، وبصفاء لا تشوبه خزعبلات الجهل ولا قهر الاستبداد".