نيويورك: تمكنت أسعار النفط من العودة للمستويات القياسية من جديد متأثرة بتصاعد العامل الجيوسياسي نتيجة استمرار تجارب إيران لإطلاق صواريخ طويلة المدى والتمسك ببرنامجها النووي للتجاوز بذلك نسبة ارتفاعات أسعار النفط منذ بداية العام بأكثر من 50%. وجاءت ارتفاعات أسعار النفط في الأسواق الدولية بنهاية الأسبوع بشكل متزامن مع تزايد الطلب على السلع الأولية من جانب المستثمرين كملاذ آمن للاستثمار من مخاطر التضخم وتقلبات أسواق المال. وقد وصل سعر الخام في بورصة نيمكس بنيويورك لمستوى جديد اعتبر أعلى مستوياته على الإطلاق في جلسة نهاية الأسبوع ليتجاوز ال 147 دولار قبل أن يستقر حول ال 145 دولار محققا ارتفاعا بمقدار 3.43 دولار أو بنسبة 2.4%. وذكرت شبكة "بلوم برج" الإخبارية عبر موقعها الالكتروني أن تعاقدات شهر أغسطس الآجلة لخام بحر الشمال "برنت" في بورصة البترول الدولية بلندن، ارتفعت بمقدار 2.46 دولار أو بنسبة 1.7 % لتستقر عند مستوى 144.49 دولار للبرميل. وكانت الأسعار قد وصلت في وقت سابق من التعاملات إلى 147.50 دولار للبرميل. وعاد العامل الجيوسياسي ليسيطر من جديد على اتجاهات السوق البترولي وذلك بعد أن هددت الميليشيات المسلحة في نيجيريا أكبر منتج للنفط في إفريقيا باستئناف عملياتها العسكرية ضد المنشئات البترولية ، كما يبدأ عمال شركة النفط الحكومية في البرازيل "بيتروبراس" اضراباً عن العمل اعتباراً من يوم الاثنين المقبل ولمدة خمسة أيام مما يهدد بخفض انتاج البلاد البالغ 1.8 مليون برميل يومياً بنسبة 80 %. ويأتي المستوى القياسي الجديد في أسعار النفط في ضوء تصاعد حدة الأزمة الراهنة بين إيران والغرب خاصة مع قيام طهران بإجراء تجارب جديدة لإطلاق صواريخ بعيدة المدى قادرة على اختراق إسرائيل، في الوقت الذي يهدد فيه مسئولون إيرانيون بإغلاق مضيق هرمز الذي يستخدم في مرور ما يقرب من 40% من الإنتاج النفطي لمنطقة الشرق الأوسط إلى الأسواق العالمية. كما كان لتراجع سعر الدولار أمام اليورو دوراً في ارتفاع أسعار النفط حيث تزايد الاقبال على السلع كملاذ آمن ضد العملة الأمريكية المنخفضة. وعلى صعيد متصل أشار التقرير الشهري للوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها إلى أن هناك زيادة طفيفة متوقعة في حجم الطلب على النفط وذلك في حدود ال 0.1% أو ما يعادل ال 80 ألف برميل ليصل متوسط حجم الطلب إلى 86.85 مليون برميل يومياً. ويبلغ في إطار تلك التقديرات معدل النمو لحجم الطلب العالمي العام الحالي حوالي 1%. وقال مدير لوكالة الطاقة الدولية في حديث لتلفزيون "بلوم برج" إن هناك نمو متوقع لمستويات الطلب على النفط في الصين والهند ومنطقة الشرق الأوسط خلال العامين الحالي والمقبل، غير أنه أشار إلى إمكانية وجود تراجع ملموس في حجم الطلب من قبل الاقتصاديات المتقدمة. وأشار التقرير إلى أن "أوبك" التي تسهم بأكثر من 40% من حجم المعروض العالمي ستحتاج إلى ضخم نحو 31.7 مليون برميل يومياً خلال العام الحالي لتحقيق التوازن في السوق بين مستويات المعروض والطلب. من جانبه أخر حذرت منظمة "أوبك" من أن أسعار النفط يمكن أن تشهد ارتفاعاً غير محدود وذلك في حال نشوب مواجهة عسكرية مع إيران. وأرجع عبد الله البدري، سكرتير عام منظمة أوبك السبب في ذلك الارتفاع إلى عدم استطاعة المنظمة تعويض السوق النفطي من المعرض الإيراني في حال توقفه. وأشار البدري في مقابلة أوردتها صحيفة "الهيرالد تربيون" إلى أن التوترات الجيوساسية الراهنة تعد من ضمن الأسباب الرئيسية وراء ارتفاعات أسعار النفط، بالإضافة إلى تراجع قدرات التكرير وضعف الدولار يعتبر من بين الأسباب الأخرى وراء المستويات الراهنة للأسعار. غير أن مسئول أوبك أكد مجدداً أن المضاربات في السوق البترولي تعد من أهم العوامل وراء ارتفاعات أسعار النفط.